الخميس 16 مايو / مايو 2024

ستة أشهر من الحرب على غزة..  تزايد عزلة إسرائيل دون نهاية في الأفق

ستة أشهر من الحرب على غزة..  تزايد عزلة إسرائيل دون نهاية في الأفق

Changed

زعمت إسرائيل أنّها دمّرت قدرات "حماس" العسكرية
زعمت إسرائيل أنّها دمّرت قدرات "حماس" العسكرية- الأناضول
بعد مرور 6 أشهر على حرب غزة، تجد إسرائيل نفسها غارقة في غزة، منقسمة داخليًا، معزولة دوليًا، وعلى خلاف متزايد مع أقرب حلفائها.

عندما أعلنت إسرائيل الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حظيت بدعم داخلي وعالمي واسع النطاق.

لكن بعد مرور 6 أشهر على الحرب، تجد إسرائيل نفسها في مكان مختلف تمامًا، فهي غارقة في غزة، منقسمة داخليًا، معزولة دوليًا، وعلى خلاف متزايد مع أقرب حلفائها، بينما لا يزال خطر نشوب حرب إقليمية أوسع نطاقًا حقيقيًا.

في المقابل، لا تزال حركة المقاومة الإسلامية "حماس" صامدة على الرغم من الحرب الشرسة التي شنّتها إسرائيل.

ودفعت الحرب على غزة إلى أزمة إنسانية، ما أدى إلى نزوح أكثر من 80% من السكان وترك أكثر من مليون شخص على حافة المجاعة. ومع ذلك، لم تُقدّم إسرائيل رؤية لما بعد الحرب مقبولة لشركائها، ولا تزال محادثات وقف إطلاق النار أمام طريق مسدود.

وبحسب وكالة "أسوشيتد برس" تبرز ستة استنتاجات من الأشهر الستة الأولى من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وهي:

1- جمود في ساحة الميدان

حدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هدفين للحرب منذ اليوم الأول لها، وهما: تدمير حماس وإعادة المحتجزين الإسرائيليين إلى عوائلهم.

وعلى الرغم من تعهّداته المتكرّرة بتحقيق "النصر الكامل"، إلا أنّ أهدافه لا تزال بعيدة المنال.

ويشهد الميدان جمودًا، حيث تقوم القوات البرية الإسرائيلية بعمليات تكتيكية صغيرة وسط حالة من عدم اليقين حول الهجوم المرتقب على رفح الذي يواجه معارضة دولية واسعة النطاق.

وبينما يزعم نتنياهو أنّ لديه خطة لإجلاء المدنيين، إلا أنّه ليس من الواضح ما إذا كانت جاهزة أم أنها سترضي الأميركيين.

وحتى لو قامت إسرائيل بغزو رفح، فليس هناك ضمانة للنجاح على المدى الطويل. فرغم تكبّدها خسائر فادحة، إلا أنّ "حماس" تمكّنت من إعادة تجميع صفوفها في المناطق التي تركتها إسرائيل.

وفي الوقت نفسه، لم تتمكّن إسرائيل من وقف الهجمات اليومية لـ"حزب الله" اللبناني على جبهتها الشمالية، حيث لا تزال ترسانة "حزب الله" سليمة، الأمر الذي يجعل مصير عشرات الآلاف من المدنيين النازحين على جانبي الحدود معلقًا في الهواء.

كما هدّدت التوترات بجرّ إيران إلى الحرب، خاصة بعد غارة جوية اغتالت تل أبيب عبرها جنرالين إيرانيين في سوريا هذا الأسبوع.

2- عزلة متزايدة

عقب عملية "طوفان الأقصى"، حظيت إسرائيل بدعم دولي، لكنّ الدعم تحوّل إلى حالة من نفاد الصبر والغضب مع تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة واستشهاد أكثر من 33 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال، بينما يُعاني ثلث سكان غزة من جوع كارثي.

في 25 مارس/ آذار الماضي، بلغت عزلة إسرائيل ذروتها عندما أصدر مجلس الأمن الدولي قرارًا يُطالب بوقف فوري لإطلاق النار.

ومنذ ذلك الوقت، ساءت الأمور بالنسبة لإسرائيل خاصة بعد مقتل سبعة من عمال الإغاثة في المطبخ العالمي بغارة إسرائيلية، ما أثار استياء وغضب الدول التي ينتمي إليها العمال، إضافة إلى مختلف دول العالم.

3- انقسام داخلي

بعد فترة من الوحدة في بداية الحرب، عادت إسرائيل إلى ذاتها المنقسمة، حيث أصبح رئيس وزررائها في قلب العاصفة.

وتزايدت وتيرة الاحتجاجات الأسبوعية ضد الحكومة والمطالبة باستقالة نتنياهو الذي نسج تحالفات مع الأحزاب اليمينية المتطرفة.

كما اكتسبت هذه التظاهرات نقطة قوة جديدة نتيجة فشل رئيس الوزراء في إعادة المحتجزين من قطاع غزة، فخرج هذا الأسبوع الآلاف مطالبين باستقالة الحكومة في أكبر مظاهرة مناهضة للحكومة منذ بدء الحرب.

4- نتنياهو لن يستقيل

وتراجعت شعبية نتنياهو منذ اندلاع الحرب، حيث حمّله الكثيرون مسؤولية الإخفاقات الاستخباراتية والأمنية التي سمحت بوقوع هجوم 7 أكتوبر. ومع ذلك، فقد رفض الدعوات التي تطالبه بالاستقالة أو إجراء تحقيقات في الأخطاء التي حدثت.

ولا يُواجه نتنياهو أي تهديد مباشر لحكمه، ففي الوقت الحالي، يُواصل شركاؤه في الائتلاف دعمه بقوة.

ومن المفارقات أن التهديد المباشر الأكبر لنتنياهو لا يرتبط إلا بشكل هامشي بالحرب، إذ أمرت المحكمة العليا في إسرائيل بوقف النظام المثير للجدل الذي يقضي بإعفاء الرجال اليهود المتشددين من الخدمة العسكرية الإجبارية.

و إذا حاول نتنياهو إجبار رجال الدين على الخدمة العسكرية، فقد يخسر دعم شركائه المتدينين ويضطر إلى إجراء انتخابات مبكرة.

5- "حماس" لا تزال صامدة

تزعم إسرائيل أنّها قتلت حوالي 13 ألفًا من مقاتلي "حماس"، وفكّكت القدرات العسكرية للجماعة في معظم أنحاء غزة. ولكن حتى لو كانت هذه الادعاءات صحيحة، فإن "حماس" لا تزال تعمل في رفح، وقد أعاد مقاتلوها تجميع صفوفهم في المناطق التي أعلنت إسرائيل انتصارها فيها في السابق. كما أنّه لا توجد أي دلالات على وجود معارضة واسعة النطاق للجماعة في صفوف الفلسطينيين.

وأوضح خليل الصايغ الباحث الفلسطيني، أنّ "حماس" تستمر في الظهور كل مرة، كما أنّ إسرائيل لم تسمح بظهور أي بديل. وقال الصايغ لوكالة أسوشييتد برس: "عندما تخوض حرب عصابات، النجاح أو الفشل النهائي يكمن في ما إذا كنت قادرًا على الصمود. لذلك إذا تمكّنت حماس من الصمود كهيئة حاكمة، فسيكون هذا انتصارًا".

من جهته، قال مايكل ميلشتين الخبير في الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب للوكالة ذاتها، إنّ إسرائيل "تُواجه خيارين غير مرغوبًا بهما، إما قبول صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار التي تعترف ببقاء حماس، أو تكثيف العمليات العسكرية واحتلال غزة على أمل أن يتمّ تدمير حماس في نهاية المطاف".

واعتبر أنّ التوقّعات بأنّ النهج الحالي للجيش الإسرائيلي يُمكن أن يُدمّر حماس أو يُجبرها على الاستسلام هي "من باب التمنّي".

6- غياب سياسة ما بعد الحرب

لا يوجد إجماع على مستقبل غزة. فقد قدّم نتنياهو رؤية غامضة تدعو إلى سيطرة إسرائيلية مفتوحة على المنطقة، مع قيام شركاء فلسطينيين محليين في غزة بإدارة الشؤون اليومية. وتأمل إسرائيل بأنّ يتمّ تمويل إعادة الإعمار من قبل المجتمع الدولي، بما في ذلك دول الخليج.

لكن هذه الخطط تتعارض مع الرؤى التي تروّج لها الولايات المتحدة والشركاء الدوليون الآخرون والفلسطينيون.

من جهتها، دعت الولايات المتحدة إلى عودة السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليًا، وتجديد الجهود لإقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة. كما قامت السلطة الفلسطينية بتعيين رئيس وزراء جديد لتلبية الدعوات الأميركية للإصلاح.

غير أنّ نتنياهو يُعارض إقامة دولة فلسطينية أو أي دور للسلطة الفلسطينية. وفي الوقت نفسه، لا ترغب العديد من الدول المانحة بالمساهمة في إعادة الإعمار دون توافق سياسي.

المصادر:
أسوشييتد برس

شارك القصة

تابع القراءة