أشد موجات الحر عبر التاريخ.. من أسبوع النار إلى ذوبان الإسفلت
لا تزال موجات من الحرّ الشديد تضرب دولاً عدّة من العالم، بعدما شهد شهر يوليو/ تموز 2022، ارتفاعًا قياسيًا في درجات الحرارة في العديد من الدول الأوروبية، معطوفًا على مستويات جفاف غير مسبوقة.
وفيما يترافق ارتفاع درجات الحرارة مع حرائق غابات هائلة بلغت ذروتها خصوصًا في فرنسا وإسبانيا واليونان، يُعتبر هذا الارتفاع وفق العلماء نتيجة مباشرة لأزمة المناخ، مع زيادة شدة انبعاثات غازات الدفيئة ومدتها وتواترها.
فنتيجة لتداعيات التغير المناخي، تزداد حرارة الكرة الأرضية كل عام، ما يؤدي إلى حرائق كبيرة، تدمّر المحاصيل الزراعية، بينما يزداد معدل ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي، ما يُضاعف من خطر حصول فيضانات وسيول.
ويُعتبر عام 2018، أحد أكبر الشواهد على الاحتباس الحراري في التاريخ، حيث تعرّض النصف الشمالي من الكرة الأرضية للعديد من موجات الحر، ما أثّر على أوروبا وآسيا وإفريقيا وأميركا الشمالية. وسجّلت درجة حرارة سطح الأرض رابع أعلى درجة حرارة منذ 140 عامًا.
ويقول العلماء إن تيارات الهواء تباطأت، ما أدى إلى محاصرة المناطق ذات الضغط العالي. ووفقًا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فإن تغير المناخ هو المسؤول عن ارتفاع درجات الحرارة، والتي لها تأثير كبير على البشرية؛ إذ يزداد معدل الوفيات بين كبار السن، في ظلّ ضعف المحاصيل الزراعية.
وتناول موقع "ستار انسايدر" أقصى درجات الحرارة عبر التاريخ، وجاءت على الشكل التالي:
"أسبوع النار"
عام 1757، شهدت أوروبا موجة حرّ حارقة، مع تسجيل باريس أكثر من 31 درجة مئوية (88 درجة فهرنهايت).
وعام 1896 قُتل حوالي 1500 شخص في نيويورك، وبوسطن، ونيوآرك، وشيكاغو، في موجة حرّ استمرت 10 أيام شرق أميركا الشمالية.
كما عانت الأرجنتين في الأيام الثمانية الأولى من فبراير/شباط 1900، من موجة حرّ أطلق عليها اسم "أسبوع النار". وتوفي حوالي 500 شخص بعد أن بلغت الحرارة 37 درجة مئوية (99 درجة فهرنهايت).
وتوفي حوالي 10 آلاف شخص في شرق الولايات المتحدة، في يوليو/تموز 1901، والذي كان أكثر الأشهر سخونة في البلاد حتى الثلاثينيات.
تعرّضت بريطانيا لموجات حرارة مميتة من عام 1906 إلى عام 1911، وسجّلت درجة الحرارة 36 درجة مئوية (96 درجة فهرنهايت)، محطمة الأرقام القياسية لعقود.
وتراوح عدد قتلى الحر في شمال أميركا الشمالية بين 400 إلى 2000، مع بلوغ درجة الحرارة الـ41 درجة مئوية (106 درجة فهرنهايت).
ولم يكتسب وادي الموت في صحراء كاليفورنيا اسمه من عبث، إذ سجّل درجة حرارة قياسية بلغت 57 درجة مئوية (134 درجة فهرنهايت).
وسجّلت أستراليا حوالي 51 درجة مئوية (123 درجة فهرنهايت) عام 1960، وهي أعلى درجة حرارة على الإطلاق في نصف الكرة الجنوبي وأوقيانوسيا.
وعام 1972، توفي حوالي 900 شخص في موجة حر استمرّت 16 يومًا في شمال شرق الولايات المتحدة.
وفي عام 1980، اجتاحت موجة حر وجفاف مدنًا أميركية، حيث تراوحت درجات الحرارة من 38 درجة مئوية (100 درجة فهرنهايت) إلى 47 درجة مئوية (117 درجة فهرنهايت).
وتوفي حوالي ألف شخص في اليونان إثر تعرّضها لموجة حرّ شديدة استمرّت 11 يومًا عام 1987. ووصلت درجات الحرارة إلى حوالي 44 درجة مئوية (111 درجة فهرنهايت).
وبين عامي 1998 و1999 توفي بين 5 آلاف إلى 10 آلاف شخص في موجة جفاف وحرّ ضربت الولايات المتحدة، ما تسبّب في أضرار بلغت نحو 130 مليار دولار أميركي.
وعام 1995، سجّلت بريطانيا ثالث أكثر صيف سخونة منذ عام 1659.
ذوبان الإسفلت
في عام 2003، أحرقت موجة حرّ أخرى أوروبا الغربية، ما أدى إلى وفاة 15 ألف شخص. وبلغت درجة حرارة البرتغال 47 درجة مئوية (117 درجة فهرنهايت).
وشهد جنوب شرق أوروبا عام 2007. صيفًا لا مثيل له. وشهدت بلغاريا أكثر الأعوام سخونة على الإطلاق حيث وصلت درجات الحرارة إلى 45 درجة مئوية (113 درجة فهرنهايت).
وتأثر جزء كبير من نصف الكرة الأرضية الشمالي بموجة الحر في صيف عام 2010. وكانت روسيا الأوروبية وشمال شرق الصين من بين أكثر المناطق تضررًا.
تأثر إقليم السند في باكستان بموجة حارة عام 2010. كان هناك ارتفاع قياسي في درجة الحرارة على المستوى الوطني بلغ 54 درجة مئوية (128 درجة فهرنهايت).
عام 2011، سجّل العراق درجة حرارة بلغت 49 درجة مئوية (120 درجة فهرنهايت)، بينما ذاب الإسفلت في تبليسي، جورجيا.
سجّلت أستراليا صيفَا قاسيًا من عام 2012 إلى 2013، حيث حطّمت درجات الحرارة 123 سجلًا للطقس على مدار 90 يومًا.
وتعرّضت جنوب الصين لموجة حر شديدة عام 2013. وزادت درجات الحرارة في بعض المناطق عن 40 درجة مئوية (104 درجة فهرنهايت).
أطول موجة حرارة
في عام 2013، عانت الأرجنتين من ظاهرة تاريخية عندما تعرّضت لأطول موجة حرارة على الإطلاق، من ديسمبر/كانون الأول 2013 إلى يناير/كانون الثاني 2014، ووصلت درجة الحرارة إلى 46 درجة مئوية (114 درجة فهرنهايت).
وتوفي أكثر من ألفي شخص إثر موجة حر مميتة ضربت في الهند عام 2015، حيث سجّلت الحرارة 47 درجة مئوية (116 درجة فهرنهايت).
ولقي أكثر من 2500 شخص مصرعهم في يونيو/حزيران 2015، عندما ضربت موجة حر قاتلة مدينة كراتشي في باكستان.
كما سجّلت درجة الحرارة في الكويت أعلى مستوياتها عند 54 درجة مئوية (129 درجة فهرنهايت).
واشتدت حرارة مدينة جاسك الإيرانية عام 2016، وارتفعت أيضًا في منطقة الأهواز إلى 54 درجة مئوية (129 درجة فهرنهايت).
وعام 2018، ضربت موجات الحر جميع أنحاء العالم. وتم الإبلاغ عن الوفيات في كندا، وكذلك اليابان وعبر أوروبا.
هذا وعانت كندا عام 2021 من موجة حرّ غير مسبوقة، حيث بلغت درجات الحرارة أرقامًا قياسيّة قاربت الخمسين حينها، في سابقة هي الأولى من نوعها. الأمر الذي أدى إلى وفاة ما لا يقلّ عن 45 شخصًا في بورتلاند و63 شخصًا في ولاية أوريغون.