Skip to main content

"إذاعة بيغوم" في كابُل.. صوت النساء للنساء

الخميس 9 ديسمبر 2021
يتحوّل استوديو التسجيل في "إذاعة بيغوم" مرتين يوميًا إلى حصة دراسية

عبر أثير "إذاعة بيغوم"، يصدح صوت النساء الأفغانيات في برامج موجّهة لهنّ، ودروس للفتيات المحرومات من الذهاب إلى المدرسة، ونصائح نفسية من قلب حيّ شعبي في كابُل، بموافقة من حركة "طالبان" التي عادت للحكم في أغسطس/ آب الماضي.

وأشارت حميدة أمان، مؤسسة "إذاعة بيغوم" التي لا تنطق عبرها إلا نساء، إلى أن لقب "بيغوم" الأرستقراطي من آسيا الوسطى وآسيا الجنوبية "كان يُستخدم لمناداة نساء المهراجا".

وتوضح أن اختيار هذا الاسم جاء "لتعظيم المرأة".

"لا نستسلم"

وانطلقت الإذاعة في يوم المرأة العالمي في 8 مارس/ آذار الماضي.

وتقول أمان التي ترعرعت في سويسرا عقب هرب عائلتها من أفغانستان، ثمّ عادت إلى كابُل بعد سقوط أول نظام لطالبان عام 2001: "لا نستسلم".

وأصبحت الإذاعة متنفسّا أساسيًا جدًا أكثر من أي وقت مضى، خصوصًا للفتيات.

وبينما لم تفتح المدارس الرسمية أبوابها أمام تلميذات المرحلة المتوسطة والثانوية، يتحوّل استوديو التسجيل في "إذاعة بيغوم" مرتين يوميًا إلى حصة دراسية، حيث يتابع ست فتيات وثلاثة صبيان، أعمارهم بين 13 و14 عامًا، في كتابهم بينما تتكلّم المذيعة على الهواء.

حصّة اليوم تتناول العدالة الاجتماعية التي "هي عكس التطرّف"، حسبما توضح المذيعة البالغة من العمر 19 عامًا، والتي كانت طالبة صحافة منذ بضعة أشهر. وتسأل: "ما هي العدالة في الإسلام؟".

وتقول مرسال (13 عامًا)، التي تتابع حصصًا تعليمية منذ شهرين في الاستوديو: "المقررات المفضلة لدي هي اللغة الدرية واللغة الإنجليزية والرياضيات". وتتابع: "أشعر بالأسى منذ أن أُغلقت المدارس. إنّهم يحرموننا من الدرس".

يشبهون العميان

وتتوجه لأفغانيات جيلها بالقول: "اسمعن هذه الحلقة بانتباه لتستفدن من هذه الفرصة لمواصلة التعلّم". وتطلب من حركة طالبان "إعادة فتح مدارسنا".

وعبر أثير الإذاعة، تُقرأ أيضًا نصوص للبالغين مثل كتاب مذكرات ميشيل أوباما "بيكامينغ" التي تقرأه مديرة الإذاعة سابا شمان (24 عامًا) باللغة الدرية.

أحد البرامج التي تفتخر بها هذه الأخيرة هي برامج الدعم النفسي للمستمعات اللواتي يستطعن أن يتّصلن بالإذاعة وطرح الأسئلة والتحدّث عن مشاكلهنّ.

وتحدّثت شمان عن أهمية التعليم في إحدى الحلقات. ووفقًا لوزارة التعليم، فإن "18% فقط من الأفغانيات كنّ يُتقنّ القراءة والكتابة، مقابل 62% من الرجال المتمرّسين بالقدرات ذاتها عام 2016".

وتتصلّ إحدى المستمعات لتقول: "الأشخاص الذين لم يتعلّموا القراءة يشبهون العميان"، مضيفة "يُعطيني الصيدلاني دائمًا أدوية منتهية الصلاحية، لكن لو كنت أجيد القراءة، لما كان فعل ذلك".

وتشير أمان إلى أن "هذه الإذاعة تجمع صوت النساء ووجعهنّ وإحباطهنّ".

أما شمان فتقول: "أملي الوحيد في الوقت الحالي يكمن في أنني أعلم أنني أقوم بشيء مهم في حياتي لمساعدة الأفغانيات".

وتعتبر عشرات الموظفات في الإذاعة أنهن محظوظات لإيجادهنّ فرصة العمل هذه، فيما العديد من النساء لم يعدن إلى العمل منذ وصول حركة طالبان إلى السلطة.

البحث عن تمويل

قبل شهر أغسطس/ آب، كانت موظفات "إذاعة بيغوم" يعملن مع زملائهنّ الرجال في إذاعة تتوجّه للشباب والشابات. أمّا الآن، فأصبحن مفصولات عنهم بجدران. فكلّ يعمل من طابق معيّن بحسب جنسه. ووُضعت ستارة كبيرة أمام مكتب النساء.

وتقول حميدة أمان: "نضع موسيقى أكثر هدوءًا"، حيث حلّت الأغنيات التقليدية محلّ أغاني البوب.

والتقت مؤسسة "إذاعة بيغوم" في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي مع الناطق باسم حكومة طالبان ذبيح الله مجاهد.

وتوضح أنها أعلمته بأن الإذاعة "تعمل على إعطاء صوت للنساء من أجل الحديث عن حقوقهنّ" وأنه "كان مشجّعًا جدًا للفكرة، وقال إنه أمر مهمّ".

وتضيف: "يجب أن نُظهر أننا يجب ألا نخاف. يجب احتلال المساحات العامة. العديد من الناس، خصوصًا الشباب والشابات، يشعرون بالرعب من طالبان".

وتبثّ الإذاعة برامجها التي تنقل مباشرة عبر موقع فيسبوك في كابُل والجوار، مع هدف التوسع لوصول البثّ إلى مناطق ريفية.

غير أن الصعوبات الاقتصادية والقيود التي تفرضها حكومة طالبان تحول دون استمرارية وسائل الإعلام الخاصة، ما يثير مخاوف الإعلام في أفغانستان.

وتواصل حميدة أمان البحث عن مصادر تمويل الإذاعة، لأنها لم تعد مُموّلة من الإعلانات. وإذا لم يؤمّن التمويل في الأشهر الثلاثة المقبلة، فسيتوقّف البثّ ويتوقّف معه مدى الحرية البسيط الذي تتوق النساء الأفغانيات له.

المصادر:
ا ف ب
شارك القصة