Skip to main content

اجتماع أمني مع استمرار اقتحام المصارف.. ما هي مآلات المشهد في لبنان؟

الجمعة 16 سبتمبر 2022

في ضوء ما تتعرّض له المصارف من عمليات اقتحام ينفذها مودعون يطالبون بسحب مدخراتهم المحجوزة، دعت وزارة الداخلية اللبنانية إلى اجتماع طارئ في مقرها لبحث الإجراءات الأمنية، على ما أفاد مراسل "العربي".

وأكّد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، عقب الاجتماع، أنّ "هدفنا ليس حماية المصارف بل البلد".

وأشار المولوي إلى "أنني أقول للمودعين إنهم أصحاب الحق، لكن لا يمكنهم استرداد أموالهم بطريقة تقع ضمن قانون العقوبات، وهذا الأمر يهدم النظام ويُخسر باقي المودعين حقوقهم".

وقال مولوي: "الحقوق لكل الناس، ولا أدري إذا كان هناك أحد يقبل بأن يأخذ وديعته، على حساب باقي الناس".

وأضاف: "أعلم أن كل الشعب اللبناني من المودعين ويجب ألا يسمحوا لأحد بأن يدفعهم إلى تنفيذ أجندات معينة تؤدي إلى تعطيل النظام".

وتابع قائلًا: "إنني لن أقبل بمواجهة بين الناس والقوى الأمنية ولن يكون هناك إطلاق نار ومعاملة بشدة".

"تعاون الجميع"

بدوره رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي قال أمام البرلمان "إننا نواجه أزمة صعبة جدًا ولن ننقذ لبنان من دون تعاوننا جميعًا"، دعا إلى عقد جلسة داخل مجلس النواب لإنقاذ المصارف.

وكان عدد من البنوك في مناطق لبنانية مختلفة قد شهد اقتحامات نفذها مسلحون، في سيناريو بات شبه يومي، يعمدون من خلاله إلى استعادة أموالهم بالقوة.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية بأن البنوك التي تم اقتحام فروعها هي البنك اللبناني الفرنسي وبلوم بنك ولبنان والخليج ولبنان والمهجر.

وبينما نجح بعض المسلحين في الاستحصال على أموالهم، بحسب ما أفادت وسائل إعلام محلية، وفيما كانت القوى الأمنية تجري مفاوضات مع مقتحمين، دخل النائب في البرلمان أشرف ريفي على خطها بمنطقة الطريق الجديدة في بيروت، لكن وساطته ووجهت بالرفض.

وجاءت حوادث يوم الاقتحامات الطويل في أعقاب واقعتين أخريين في العاصمة بيروت وفي بلدة عاليه يوم الأربعاء؛ تمكّن خلالهما مودعون من استرداد جزء من أموالهم بالقوة باستخدام مسدسات لعبة، كان يُعتقد خطأ أنها أسلحة حقيقية.

وحثّت جمعية مصارف لبنان السلطات أمس الخميس على محاسبة المتورطين في اعتداءات لفظية وجسدية على البنوك، وقالت إن البنوك نفسها لن تتساهل.

واعتُقل رجل الشهر الماضي بعد أن اقتحم بنكًا في بيروت لسحب أموال من أجل علاج والده المريض، لكن أخلي سبيله من دون توجيه اتهام له بعد أن أسقط البنك دعواه القضائية ضده.

ما هي أسباب هذه التطورات وتداعياتها في لبنان، الذي يشهد أزمة مالية صنفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم؟ 

"شرائح وصلت إلى حد اليأس"

في هذا السياق، يشير الباحث الاقتصادي منير يونس في حديثه لـ "العربي" من بيروت، إلى أن شرائح واسعة من المجتمع وصلت إلى حد اليأس ولم يعد لديها ما تخسره، لافتًا إلى أن أصحاب الوظائف خسروا 95% من قيمة ليراتهم.

ويوضح أن أصحاب الودائع يرون بدورهم أن ودائعهم محجوزة ولا يسمح لهم إلا بفتات من السحوبات مع "اقتطاع قسري" يصل إلى 80%.

ويشرح أنه على مدى 3 سنوات وُضعت الخطة تلو الخطة ووصلنا إلى الخطة الأخيرة، التي نُشرت قبل أيام قليلة واتضح أنها لا تلبي الحد الأدنى من حقوق المودعين.

وفيما يشير إلى أن "المنظومة" السياسية والطائفية في لبنان، تضم أيضًا أوليغارشية مصرفية ومتمولين، ينفي اعتقاده بأن تلك المنظومة ستترك البنوك لمصيرها.

ويرى أننا الآن أمام استحقاق تسريع الحلول أو وضع حلول جديدة، مشددًا على وجوب أن تبدأ محاسبة ما، ليستطيع المودع القول إنه مع بدء المكاشفة يمكن له أن يصبر وأن يضحي قليلًا.

ويلفت في المقابل، إلى وجوب توقع الأسوأ إذا ما رأى المودع نفسه الوحيد المضحي، بينما كل من هو نافذ هرّب أمواله إلى الخارج.

وعما إذا كان استمرار اقتحامات المصارف سيزيد المشكلة الاقتصادية سوءًا، ولاسيما مع اتجاه البنوك إلى الإغلاق، يجيب: "اشتدي يا أزمة تنفرجي، فلتقفل المصارف، نريد حلًا لصغار المودعين على الأقل..".

"لقرع أجراس أنصاف الحلول"

بدوره، يعتبر المحلل السياسي توفيق شومان، "أننا أمام نزوع لأخذ الحق بالقوة"، محذرًا من تداعيات أكثر خطورة في حال لم يتم سريعًا قرع أجراس الخطر المنذر بانهيار شامل على المستوى اللبناني، وقرع أجراس "أنصاف الحلول" في هذه المرحلة التي نشهد فيها اقتحام المصارف.

ويرى في حديثه لـ "العربي" من بيروت، أن من الحلول الممكنة في هذه اللحظة إيجاد حل معقول ومنطقي لأموال المودعين ومعرفة مصيرها، وأن تقوم الحكومة والقوى السياسية بالشراكة مع جمعية المصارف بإعطاء – على الأقل - نوع من الأمل لهؤلاء المودعين عبر "أنصاف الحلول".

ويعزو تعبير "أنصاف الحلول" إلى رأيه، بأن لا وجود لحل كامل لدى القوى السياسية أو القطاع المالي والمصرفي. 

ويذكر بأن "أنصاف الحلول" تلك يمكن أن تهدئ روع المودعين والآخرين، منبهًا من أنه في المرحلة المقبلة ليس فقط من يملكون إيداعات في المصارف يمكن أن يلجأوا إلى قوة السلاح. 

وفيما يشدد على أن المطلوب هو حول سياسي اقتصادي مالي، ينبه من أن الحل الأمني في ظل هذا الوضع المتدهور ماليًا والهبوط المضطرد لليرة لن يؤدي إلا إلى التصدي لأي خطة أمنية.

ويلفت إلى أن إنزال عناصر أمنية لحماية المصارف سيؤدي إلى اشتعالات أكثر ومزيد من الحرائق، وقد نكون أمام إصابات بين قتلى وجرحى، وبالتالي تفاقم للأوضاع.

المصادر:
العربي - وكالات
شارك القصة