Skip to main content

الهوية والعلاقة مع الفلسطينيين.. محطات أردنية بارزة بلسان عبد الرؤوف الروابدة

الأربعاء 28 يونيو 2023

بدأ عبد الرؤوف الروابدة مسيرته في صفوف جماعة الإخوان المسلمين في منتصف خمسينيات القرن الماضي لينتهي به المطاف ركنًا من أركان السلطة في الأردن رئيسًا للوزراء ثم لمجلس الأعيان.

وخاض الروابدة أيضًا تجربة برلمانية طويلة وحقائب وزارية متنوعة، ومن ثم رئاسة أمانة العاصمة عمّان وهو المنصب الذي يفخر به أكثر من غيره.

وتصدر رئيس الوزراء السابق الذي درس الصيدلة في بيروت المشهد السياسي في مرحلة انتقالية دقيقة وحساسة للغاية بعيد انتقال الحكم من الملك حسين إلى خلفه الملك عبد الله الثاني.

الروابدة الذي حل ضيفًا على برنامج "وفي رواية أخرى" من تقديم بدر الدين الصائغ، يروي تجربة امتدت لخمسة عقود في دهاليز السياسة الأردنية وكواليسها.

نشأة  عبد الرؤوف الروابدة في شمال الأردن

ويقول الروابدة إنه من مواليد العام 1939 من قرية اسمها الصريح شمالي الأردن تبعد 5 كلم عن مدينة إربد، ويتحدث عن ذكرياته في القرية مؤكدًا أنها كانت تفتقد كليًا لجميع الخدمات والبنى التحتية.

ويروي أن والده كان يملك دكانًا في القرية وكان مكتفيًا ذاتيًا، لافتًا إلى أنه بناء على ذلك لا يمكنه القول إن حياته كانت صعبة في تلك الأيام.

دخل الروابدة مدرسة الحصن عام 1946 وبقي فيها لمدة 8 سنوات ومن ثم انتقل إلى مدرسة الصريح. ويتحدث عن المعاناة بعدما كان يضطر لقطع مسافة 5 كلم ذهابًا ومثلها إيابًا صيفًا وشتاء للوصول إلى المدرسة.

ويلفت إلى أنه في مدرسة الصريح وبالعام الدراسي 1953 -1954 تعرف إلى الإخوان المسلمين من خلال أستاذ الاجتماعيات الذي كان ينتمي إلى الجماعة، مذكرًا بأن الحزبية في تلك الأيام كانت مبنية على الأستاذ، لإعجاب الطالب بعمله وشخصه وطرحه للمواضيع.

ولد عبد الرؤوف الروابدة ونشأ في بلدة الصريح شمالي الأردن

ومن بعدها أكمل عبد الرؤوف الروابدة الصف التاسع في مدرسة الصريح قبل أن ينتقل إلى مدرسة إربد الثانوية.

وروي أن والده اصطحبه في أواخر الخمسينيات إلى مدينة القدس حيث تعرف على المدن الفلسطينية، مؤكدًا أن تلك الرحلة ساهمت في تفتح وعيه على القضية الفلسطينية.

تجربة الجامعة الأميركية في "باريس الشرق"

الروابدة أشار إلى أنه وفي ذلك الحين، كان على الطالب الذي يحل أولًا في المحافظة أن يدرس الصيدلة لحاجة الأردن في تلك الأيام إلى هذا الاختصاص، لذا توجه إلى الجامعة الأميركية إلى بيروت لدراسة هذا الاختصاص مبعوثًا من وزارة التربية والتعليم.

ويصف الروابدة بيروت في ذلك الوقت بأنها كانت "باريس الشرق" ومنفتحة على كل حضارات العالم والحريات والديمقراطية، مؤكدًا أن الجامعة الأميركية في بيروت كانت عنوانًا لهذا الانفتاح.

ويقول إنه في تلك المرجلة لم تكن حركة الإخوان المسلمين موجودة في لبنان بل جماعات قريبة إليها لناحية الفكر.

الروابدة يروي أنه في تلك المرحلة كان يتم تأسيس حركة فتح في الخليج والكويت بشكل رئيسي وكانوا بحاجة إلى صحيفة تنطق باسمهم، وحصل اتصال بينهم وبين جريدة في بيروت كان يصدرها شخص من الجماعة الإسلامية من آل حوري، وتم الاتفاق في حينه معه على أن يكون رئيسًا للتحرير، وأن يطلق عليها اسم "فلسطيننا نداء الحياة".

درس عبد الرؤوف الروابدة الصيدلة في الجامعة الأميركية في بيروت

وكانت الصحيفة في حينه بحاجة إلى محررين وكتاب، فكان الروابدة وآخرين من الجامعة الأميركية من فريق العمل حيث استمر إصدار الصحيفة نحو 4 سنوات. ويقول الروابدة إنه كان يختص بقسم الشعر في الصحيفة تحت اسم حركي هو "أبو عصام" لكي لا تعرف الدولة الأردنية أنه مساهم في إصدار الصحيفة.

ويؤكد أن التعليم في الجامعة الأميركية لا يختلف عن الجامعات الأخرى، إنما طريقة التعامل مع الطالب وبناء شخصيته هو ما كانت تتميز به الجامعة التي كانت تعلّم الانفتاح والحوار والتعامل مع الآخرين.

 إشكالية الهوية الوطنية الأردنية

ويتحدث الروابدة عن العمل الفدائي، لافتًا إلى أن الصورة الحقيقية والواضحة لهذا العمل في الأردن حصلت بعد العام 1967، لافتًا إلى أن هذا العمل كان يتم بالتنسيق بين الفدائيين والجيش الأردني.

ويشدد على أن فلسطين هي القضية المركزية للأردن وعلى أنه لا يمكن فرز هذه القضية عن الأردنيين.

ويقول إنه في العام 1920 بدأ إحساس العرب بالقضية الفلسطينية حين اتضح وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو، وقبل قيام الدولة الأردنية حيث كان أول اجتماع في محافظة الشمال والذي نتج عنه تشكيل تنظيم فدائي لمهاجمة المعسكرات البريطانية والمستوطنات الإسرائيلية بقيادة شيخ عشائر العبيدات الذي كان أول شهيد على الساحة الفلسطينية في القرن العشرين.

ولفت إلى أن الأردنيين كانوا شركاء في كل حركات النضال الفلسطيني، نظرًا إلى أن إيمانهم كان يقول إن مصير فلسطين كان مرتبطًا بمصيرهم.

الروابدة يشير إلى أن الجيش الأردني حافظ في العام 1948 على الضفة الغربية ومدينة القدس، بينما لم يحافظ غيره على شيء تحت يده، على حد تعبير رئيس الوزراء الأردني الأسبق.

وردًا على سؤال حول ما إذا ما كانت هزيمة العام 1967 وخسارة الضفة والقدس كانت نقطة مفصلية في تبلور الهوية الأردنية في مقابل الهوية الفلسطينية، يقول الروابدة إن بعض القوى التي دخلت إلى العمل الفدائي هي التي أدت إلى تلك النتيجة.

ويشرح أنه لا يمكن لدولة في العالم العيش في هويتين لأن ذلك سيحدث صدامًا، ويقول إنه في الستينيات بدأت تنشأ مؤسسات على الساحة الأردنية فلسطينية العنوان، حيث برزت هوية ثانية على الأرض الأردنية.

معركة الكرامة وأيلول الأسود

ويؤكد رئيس الوزراء الأسبق أن الصدام في أيلول من عام 1970 لم يكن بين الهويتين الفلسطينية والأردنية حينذاك بل بين النظام والفوضى.

الروابدة يرى أن الدور الأردني في القضية الفلسطينية "لا مقدم عليه"، متسائلًا عن دور الدول العربية الأخرى في هذا الإطار، وإن كان أحد دفع ضحايا ثمنًا على أسوار القدس وباب الواد وجنين أكثر من الأردنيين.

وحول معركة الكرامة، يقول الروابدة إنها شهدت وحدة بين الفدائيين الذي بقوا في بلدة الكرامة الأردنية والجيش الأردني. ويشرح أنه في العام 1968 علم الجيش الأردني بتحركات إسرائيلية لاحتلال بلدة الكرامة التي كانت ميدان العمل الفلسطيني.

ويضيف أن الجيش الأردني أبلغ الفدائيين بهذا الأمر وبأن قواتهم غير قادرة على مواجهة الإسرائيليين بالأسلحة التي تمتلكها، معتبرًا أن النصر الذي حصل في تلك المعركة هو الذي أحدث الشرخ بين الدولة الأردنية والفدائيين.

يقول الروابدة إن معركة الكرامة شهدت وحدة بين الفدائيين على أرض المعركة والجيش الأردني

رئيس الوزراء الأردني الأسبق يعتبر أن ما ترتب من إنكار لدور الجيش الأردني في معركة الكرامة والاتهامات التي وجهت للدولة الأردنية في حينه، والتدخل في شؤون المواطنين والدولة، إضافة إلى تردد الحكومات الأردنية المتعاقبة التي لم تستطع التوصل إلى توافق مع العمل الفدائي، كل ذلك قاد إلى "أيلول الأسود"، معتبرًا أن الطرفين معًا قادا الأمور إلى ما وصلت إليه في حينه.

وما سمي "أيلول الأسود" هو الصراع الذي نشب في الأردن بين القوات المسلحة الأردنية ومنظمة التحرير الفلسطينية بين 16 و27 سبتمبر/ أيلول 1970.

الاستقالة من الإخوان المسلمين

وردًا على سؤال حول مسؤولية الدماء التي أريقت بالآلاف في حينه، يقول الروابدة إن من يتحملها هو من "أخطأ باتخاذ الموقف الصادق والصحيح في كل موقف من الطرفين".

وعن استقالته من جماعة الإخوان المسلمين بعد 14 عامًا على الانتماء إليها، يلفت الروابدة إلى أن استقالته مكتوبة، مؤكدًا أن خلافه معهم لم يكن عقائديًا، مؤكدًا أنهم صنعوا فكره وقناعاته الإيمانية.

ويؤكد رئيس الوزراء الأردني الاسبق أن خلافه مع الإخوان المسلمين سياسي، مشيرًا إلى أنهم في تلك الفترة لم يعملوا في الحقل السياسي بكفاءة، مؤكدًا قناعته بأن "شيوخ الدين رجال طيبون للوعظ والإرشاد، لكن للعمل السياسي رجاله".

الروابدة الذي تحدث عن خطورة ربط العمل السياسي بالعمل الديني في مكان ما، أكد أن الإخوان المسلمين تنبهوا إلى هذا الأمر بعد فترة فأنشأوا حزبًا إلى جانب الجماعة.

المصادر:
العربي
شارك القصة