Skip to main content

بعد أزمة كورونا... اتجاه نحو سياحة "ذات جودة"

الخميس 14 يناير 2021
بعد صدمة كوفيد-19 أمل بحصول سياحة مسؤولة أكثر.

دفع توقّف السياحة الكثيفة جراء جائحة كوفيد-19 في دول عدة إلى التفكير في أضرار هذا النوع من السياحة، إلا أن الاعتماد إلى حد كبير على فرص العمل التي يوفرها مجيء الزوار الأجانب يجعل هذه النقلة صعبة.

ففي المواقع السياحية المهجورة عادت الطبيعة لتفرض وتيرتها. في ماتشو بيتشو في البيرو رُصد الدب أبو نظارة في أماكن كان قد غاب عنها. وفي تايلاند حيث تراجع عدد السياح الأجانب بنسبة تزيد عن 83 بالمئة العام الماضي، يشاهد عدد متزايد من الحيوانات البحرية مثل السلاحف المهددة وأسماك القرش الحوتية والأطوم.

وللسماح للثورة النباتية والحيوانية بالازدهار مجددًا، قررت الحكومة التايلاندية إغلاق أكثر من 150 متنزهًا وطنيًا مدة ثلاثة أشهر بشكل وسطي وفرض قيود على زيارتها.

وقال وزير البيئة فاراووت سيلبا-ارشا لوكالة فرانس برس "نريد سياحة ذات جودة، لا نريد تدفقًا كثيفا للسياح في متنزهاتنا الوطنية". ومن أجل تعويض هذا التراجع في الأعداد، قد تُرفع الأسعار. مشيراً إلى "هذا هو الثمن الذي ينبغي دفعه" للمحافظة على الطبيعة.

تثقيف المسافرين

في البيرو، بات الوصول إلى قلعة ماتشو بيتشو محدودًا فيما تفكر السلطات بنمط سياحي تستقبل في إطاره عددًا أقل من الزوار وبشكل أكثر انتقائية.

ويقول رئيس بلدية بلدة ماتشو بيتشو داروين باكا إن عروضًا سياحية أخرى أعدت من بينها زيارات مع دليل للمواقع الطبيعية أو الشلالات، لحث السياح على إطالة إقامتهم بانتظار إمكان زيارة قلعة الإنكا هذه التي تدر على البيرو عائدات سنوية قدرها 5,5 مليارات دولار وفق التقديرات الرسمية.

بدوره يشير رئيس وكالة "فوايجور دو موند" جان فرنسوا ريال، إلى أنه "ينبغي تثقيف المسافرين" ليزوروا أماكن بعيدة عن الدروب المطروقة أو المجيء في أوقات لا تشهد ذروة سياحية.

وتأمل دوبروفنيك في كرواتيا التي باتت وجهة سياحية تشهد إقبالًا كثيفًا، أن تنجح في توزيع الزوار على مناطق أخرى غير المدينة القديمة التي تعاني اكتظاظًا. وتوضح آنا هرنيتش مديرة هيئة السياحة أن دوبروفنيك تريد أن تصبح "وجهة مميزة للسياحة المستدامة".

ويرى داميان شاني أستاذ التسويق في جامعة "او ام" في منطقة نورماندي الفرنسية أن الجائحة قد تشكل "فرصة للتوجه نحو سياحة مسؤولة أكثر. ومن أجل الوصول إلى حلول جذرية ينبغي حدوث صدمة خارجية عموما مثل كوفيد-19".

إلا أن الشلل السياحي الحاصل أبرز مساهمة هذا القطاع الحيوي في اقتصاد الكثير من الدول.

ففي تونس تساهم السياحة بنسبة 14 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي. في جزيرة جربة، أبرز الوجهات السياحية في البلاد، تراجع عدد السياح بنسبة 80 بالمئة ما شكّل كارثة على اليد العاملة. ويقول هشام مهواشي مسؤول السياحة في الجزيرة "كل الأرقام بلغت الخط الأحمر".

إدمان السياحة 

في برشلونة الإسبانية وتحديدا في مناطق مثل الحي القوطي إلى جانب جادة لاس رامبلاس الشهيرة، تبقى غالبية المتاجر مقفلة أو تكافح من أجل الاستمرار من دون السياح.

ويقول مارتي كوسو وهو مساعد اجتماعي يكافح السياحة المفرطة في وسط برشلونة "السياحة طردت السكان المحليين والآن وقد غاب السياح لم يعد هناك أي شيء".

ويرى أستاذ الاقتصاد المتخصص بالسياحة في جامعة كاتالونيا المفتوحة بابلو دياث أن "كوفيد-19 أثبت أن الارتهان للسياحة يحول بعض المناطق إلى صحارى".

وأطلق غيدو مولتيدو مؤسس موقع "إيتالي" عريضة لفتح متاحف البندقية في إيطاليا مع مباشرة نقاش حول مستقبل المدينة وسياحتها ورؤيتها للثقافة. وحصدت العريضة ستة آلاف توقيع. ويحذّر قائلًا "المدينة جاثية على ركبتيها ويجب ألا يكون الوضع كذلك".

لكن في البندقية كما في مناطق أخرى التخلي عن العائدات السياحية يبدو صعبًا. ويقول مولتيدو "أقل حانة في هذه المدينة تكسب ثلاث آلاف يورو في اليوم، المدينة مخدرة". وتشكل السياحة المصدر الرئيسي للإيرادات لنحو 65 بالمئة من سكّان البندقية.

ويشير مدير جمعية فندقية في المدينة كلاوديو سكاربا "من الصحيح أن السياحة الكثيفة طرحت مشكلة أحيانًا في البندقية لكن انعدام السياحة سيكون أسوأ ".  

المصادر:
"فرانس برس"
شارك القصة