Skip to main content

"بعد غرقه في طوفان غزة".. الاحتلال يسوّق لانتصارات وهمية على الأرض

الجمعة 15 ديسمبر 2023
يواجه جيش الاحتلال مقاومة شرسة، توقع في جنوده وعتاده خسائر كبيرة - رويترز

بعد نحو أكثر من شهرين على الحرب في قطاع غزة، يسعى جيش الاحتلال الإسرائيلي للبحث عن صورة نصر يسوّقها أمام جمهوره، بدلًا من عمليات القصف الانتقامية التي تستهدف المدنيين العزّل.

وبات جيش الاحتلال في سباق مع الزمن لإثبات جدوى عملياته العسكرية، وتحقيق أي إنجاز، قبل تآكل الدعم الأميركي والغربي وازدياد الضغوط الدولية لوقف حربه.

التزييف والفبركة الإعلامية

وفي هذا السياق، لجأ الاحتلال إلى مجموعة كبيرة من الفبركات الإعلامية والتزييف، وصولًا إلى الكذب الصريح في تقدّمه العسكري واقترابه من تحقيق أهدافه في القضاء على حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في غزة.

وباتت صورة المعتقلين الفلسطينيين في بيت لاهيا شمال غزة، مألوفة لكثرة تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي، وهي صورة ربما ينتظرها الكثير من الإسرائيليين لاستعادة الثقة بعد عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

لكن تبيّن أنّ الصورة هي لأشخاص مدنيين معروفين بالاسم، وليس لعناصر من حماس كما ادّعت وسائل الإعلام الإسرائيلية. وتكفّل الإخراج الفاشل لمشهد الاستسلام في فضحه بعد نشر فيديوهات مختلفة للمشهد ذاته في عدة وسائل إعلامية إسرائيلية.

فالفيديو الذي أظهر الرجل الفلسطيني وهو يتقدم حاملًا رشاشًا بيده اليسرى، أعيد نشره بإخراج مختلف على وسائل إعلامية أخرى لنفس الرجل، لكنه يحمل الرشاش بيده اليمنى.

تآكل مصداقية جيش الاحتلال أمام الرأي العام

بالتأكيد، سيكون لأي مشهد لاستلام عناصر المقاومة، قيمة ميدانية ورمزية بالنسبة لجيش الاحتلال الذي تآكلت مصداقيته أمام الرأي العام العالمي. ونظرًا لتأخّر مشهد حقيقي لهذا النصر فقد تم فبركته بعد مضي أسابيع عديدة على العملية البرية.

استدعاء صورة النصر التي تكذّبها وقائع ميدان القتال في غزة، جعلت قادة الجيش الإسرائيلي، يوجهون الأنظار إلى تحقيق هدف كانت قد أعلنته حكومة الحرب التي يقودها بنيامين نتنياهو والمتمثّل بالقضاء على قادة "حماس".

ففي أحد مقاطع الفيديو، أظهر جندي إسرائيلي بطاقة بنكية تحمل اسم إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. وهي البطاقة التي كشفت الصور أنّها منتهية الصلاحية، وتعود لشخص آخر يختلف عنه باسم الجد.

بالتأكيد، سيحظى يحيى السنوار قائد الحركة في غزة بأهمية بالغة في التغطيات الإعلامية إن استطاعت قوات الاحتلال عرض أي شيء يخصّه، لهذا توجهت إلى منزل السنوار في خانيونس وأثارت زوبعة إعلامية عن حصاره.

وتمت صياغة الأخبار بشأن الوصول للمنزل الذي لا يقطنه السنوار بالأصل، وكأنّها عملية مطاردة، عندما خرج نتنياهو قائلًا: "إن منزل السنوار محاصر ويستطيع الهرب، لكن مسألة القبض عليه مسألة وقت"، محاولًا بذلك تقديم مادة إعلامية توحي بأن جيشه له الكلمة العليا في الميدان وأنّه يلاحق قادة المقاومة.

تضارب بين الأرقام الرسمية المعلنة للإصابات وسجلات المستشفيات

بينما في حقيقة الأمر وبحسب البيانات والمعلومات التي تنشرها وسائل الإعلام الإسرائيلية، يواجه الجيش الإسرائيلي مقاومة شرسة، توقع في جنوده وعتاده خسائر كبيرة. وهذا ما كشفت عنه صحيفة "يديعوت أحرنوت" عن وجود 5 آلاف جريح في صفوف قوات الاحتلال، بعضهم جراحه خطيرة.

وهذا الرقم يتضارب مع الأرقام الرسمية التي تبتعد كثيرًا عنه، حيث قالت صحيفة "هآرتس" في تقرير بأنّ عدد الجرحى الذين استقبلتهم المشافي الإسرائيلية بحسب السجلات يتجاوز 4500 حتى مطلع شهر ديسمبر/ كانون الأول الحالي.

معارك وهمية

وللتغطية على عدد الإصابات الكبير في صفوفه، يثابر الجيش الإسرائيلي على نشر مقاطع فيديو يومية، على غرار ما تفعله المقاومة، لتوثيق ما يزعم أنه تقدّم لقواته. لكنّ هذا التوثيق بات بمثابة دليل ضده يثبت عدم صحة تلك الادعاءات.

ففي فيديو معركة المدرسة بحي الشجاعية الذي يظهر جنود الاحتلال وهم يواجهون المقاتلين الفلسطينيين، لم يكن هناك أي عنصر مقاتل، بل كان الإسرائيليون يطلقون النار على محتويات المدرسة وصفوفها الفارغة. وللتمويه استخدموا السهم الأحمر الذي تستخدمه المقاومة في منشوراتها المرئية، ما شكّل مادة دسمة للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.

ولعلّ الصورة الحقيقية التي يمكن أن يقدّمها الجيش الإسرائيلي لجمهوره والرأي العام العالمي، لا تتجاوز قصف النساء والأطفال بوابل من القنابل والقذائف التي تمزق أجسادهم وتحولهم إلى أشلاء.

فشل الدعاية الإسرائيلة أمام الرأي العام العالمي

وأوضح أستاذ برنامج دراسات الإعلام في معهد الدوحة للدراسات العليا الدكتور محمد حماس المصري أنّ إسرائيل تجد نفسها في موقف صعب للغاية بعد أن قامت بهذه الإبادة في قطاع غزة والجرائم المستمرة في الضفة الغربية، ولهذا لجأت إلى محاولة تبييض صورتها أمام الرأي العام.

وقال المصري، في حديث لبرنامج "قضايا" من مدينة منيابوليس الأميركية: يصعب على إسرائيل تحسين صورتها إذ إن أداءها كان بدائيًا فيما يتعلّق بحملة العلاقات العامة التي قامت على التزييف والفبركة.

وأضاف أنّ جزءًا من البروباغندا الإسرائيلية موجّهة إلى الولايات المتحدة التي قدّمت دعمًا غير مسبوق لإسرائيل، وهو ما ظهر في تكرار الرئيس الأميركي جو بايدن للدعاية الإسرائيلية  غير الواقعية حول ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية في قطاع غزة.

ورأى أنّ الإعلام الأميركي لديه تاريخ طويل من دعم المواقف الإسرائيلية على حساب الفلسطينيين، ورغم ذلك فإنه مع ازدياد جرائم القتل الإسرائيلية في قطاع غزة أصبح من الصعب تجاهل هذه المشاهد ما دفع بعض وسائل الإعلام إلى إيلاء أهمية أكبر للمعاناة الفلسطينية الإنسانية، مضيفًا أنّ هذا الاتجاه مهم جدًا كونه نادرًا في تاريخ التغطية الإعلامية الأميركية للقضية الفلسطينية.

لكنّه أكد أنّ إسرائيل فشلت تمامًا في دعايتها أمام الرأي العام العالمي، وهو ما تمثّل في التعاطف الكبير بين الشعوب مع الفلسطينيين وهو ما قد يؤدي إلى ضرر كبير وطويل الأمد للدبلوماسية الإسرائيلية.

المصادر:
العربي
شارك القصة