Skip to main content

تجارة الكبتاغون.. هكذا منحت "الحبة البيضاء" الأسد ورقة قوة أمام العرب

الجمعة 9 يونيو 2023

ذكرت وكالة أسوشييتد برس أنّ مخدر الكبتاغون منح رئيس النظام السوري بشار الأسد أداة قوية بوجه جيرانه العرب الذين كانوا على استعداد لإخراجه من عزلته، على أمل وقف تدفّق هذا المخدّر إلى خارج سوريا.

وبينما تصالحت دول عربية عدة مع النظام السوري، شعرت الحكومات الغربية بالإحباط من هذه الخطوة، خشية أن تقوّض الدفع من أجل إنهاء الحرب السورية المستمرة منذ سنوات.

لكن بالنسبة للدول العربية، فإن وقف تجارة الكبتاغون يُمثّل أولوية قصوى. فعلى مرّ السنين، تمّ تهريب مئات الملايين من هذه الحبوب إلى الأردن، والعراق، والسعودية ودول الخليج الأخرى.

كما اعترضت السعودية شحنات كبيرة من الحبوب مخبأة في صناديق برتقال، وفي عبوات رمان، وحتى سحق هذه الحبوب وقولبتها لتبدو وكأنها أوعية فخارية تقليدية.

أحبطت السعودية تهريب شحنات كبيرة من الكبتاغون مخبأة في صناديق رمان -اسوشييتد برس

ويقول المُحلّلون: إنّ رئيس النظام يأمل على الأرجح أنه من خلال الإجراءات المحدودة حول محاربة تجارة المخدرات، يمكنه كسب أموال إعادة الإعمار، والمزيد من الاندماج في المنطقة، بل وحتى الضغط من أجل إنهاء العقوبات الغربية.

ويتمّ إنتاج الغالبية العظمى من الكبتاغون في العالم في سوريا ولبنان المجاور. وتُقدّر الحكومات الغربية أنّ التجارة غير المشروعة في الكبتاغون تُدرّ مليارات الدولارات.

"سلاح لتحقيق مكاسب سياسية"

وتتّهم الولايات المتحدة، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي، رئيس النظام وعائلته وحلفاءه، بمن فيهم "حزب الله" اللبناني، بتسهيل التجارة والاستفادة منها. ويقولون: إن ذلك منح حكم الأسد شريان حياة ماليًا هائلًا في وقت ينهار فيه الاقتصاد السوري. لكن الحكومة السورية و"حزب الله" نفيا هذه الاتهامات.

وكان جيران سوريا أكبر سوق للكبتاغون وأكثرها ربحًا. ومع ازدهار هذه التجارة، يقول الخبراء: إنّ دمشق رأت في السنوات الأخيرة أن الكبتاغون أكثر من مجرد مصدر رزق مربح.

وقال كرم شعار، الزميل في معهد "نيو لاينز" بواشنطن، لوكالة "أسوشييتد برس": "لقد أدرك نظام الأسد أن هذا شيء يمكن أن يستخدمه سلاحًا لتحقيق مكاسب سياسية، وذلك عندما بدأ الإنتاج على نطاق واسع".

وكان وقف التجارة مطلبًا رئيسيًا للدول العربية في محادثاتها مع النظام بشأن إنهاء عزلته السياسية.

وفي دلالة محتملة على المقايضات التي جرت وراء الكواليس، قُتل زعيم المخدارت المعروف مرعي الرمثان وزوجته وأطفاله الستّة، في غارة جوية في جنوب سوريا في 8 مايو/ أيار الماضي.

"حرب الأردن ضد المخدرات"

كما دمّرت غارة أخرى مصنعًا مُشتبه به للكبتاغون خارج مدينة درعا بالقرب من الحدود الأردنية. ورجّح النشطاء والخبراء أنّ يكون الأردن وراء الغارة الجوية بموافقة رئيس النظام.

وجاءت الغارة بعد يوم واحد من عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وهي خطوة ساعد الأردن في التوسّط فيها.

وقال العميد السابق لجهاز المخابرات الأردني سعود الشرفات لوكالة أسوشييتد برس: إنّ "الأسد أعطى تأكيدات بأنه سيُوقف نظامه عن دعم وحماية شبكات التهريب"، مضيفًا أنّ  التخلص من الرمثان كان مثالًا على ذلك".

وأضاف أنّ الأردن يرى في تجارة الكبتاغون "تهديدًا للأمن والسلم المجتمعي".

في تصريحات علنية، رفض وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، تأكيد أو نفي ما إذا كانت بلاده وراء الغارات الجوية، لكنه قال: إنّ عمّان مستعدة للقيام بعمل عسكري للحد من تهريب المخدرات.

وقبل قمة جدة، استضاف الأردن اجتماعًا لكبار الدبلوماسيين من سوريا والسعودية والعراق ومصر، حيث تعهّدت سوريا بتضييق الخناق على التهريب، وتم الاتفاق على لجنة تنسيق أمني إقليمي.

وبعد أيام، أفادت وسائل إعلام رسمية تابعة للنظام السوري بأن الشرطة قامت باعتراض عملية تهريب كبتاغون في مدينة حلب، حيث اكتشفت مليون حبة مخبأة في شاحنة صغيرة.

"طريق عبور إقليمي"

وجعلت طرق التهريب عملية تفكيك شبكات المخدرات أكثر صعوبة. وقال عضو في ميليشيا عراقية لوكالة أسوشييتد برس، شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام: إنّ الميليشيات في محافظة الأنبار الصحراوية في العراق، المتاخمة لسوريا والأردن والسعودية، كانت حاسمة في تهريب الكبتاغون.

من جهته، نفى النائب السوري عبود الشوّاخ تحقيق حكومة النظام أرباحًا من تجارة المخدرات، وأصرّ على أن السلطات تحاول بقوة القضاء على التهريب.

وقال الشوّاخ: "بلدنا يُستخدم طريق عبور إقليمي، حيث توجد معابر حدودية خارجة عن سيطرة الدولة". وزعم أن مجموعات المعارضة المسلحة فقط هي التي تشارك في تجارة الكبتاغون.

ونفى مسؤول سعودي، تحدّث شريطة عدم الكشف عن اسمه لوكالة "أسوشييتد برس"، تقارير عن أن الرياض عرضت مليارات الدولارات على دمشق مقابل شنّ حملة قمع ضد تجّار المخدرات، لكنه أضاف أن ما قد تُقدّمه السعودية لسوريا سيكون أقل تكلفة من الضرر الذي أحدثه الكبتاغون بين الشباب السعودي.

تقويض السلام في سوريا

وتخشى الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى من أن يساهم تطبيع دول عربية مع سوريا في تقويض محاولات دفع الأسد لتقديم تنازلات لإنهاء الصراع السوري. ويُريدون أن يتبع الأسد خارطة طريق السلام المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، الذي تم تمريره بالإجماع عام 2015.

وحتى الآن، لم يتمّ تطبيق أي بند من بنود القرار. فمنذ إقراره، استعاد الأسد السيطرة على الأراضي التي فقدها سابقًا، وحصر المعارضة في مساحة صغيرة في الشمال الغربي. وتبدو قبضته على السلطة قوية الآن، على الرغم من أنّ المقاتلين الأكراد السوريين المدعومين من الولايات المتحدة لا يزالون يسيطرون على مناطق واسعة في الشمال والشرق السوري.

وقال شعار: إنّ الأسد قد يستخدم بطاقة الكبتاغون في محاولة لمنع تنفيذ قرار الأمم المتحدة، لكنّه لن يحصل على التنازلات الأخرى، مثل رفع العقوبات الغربية عنه.

وقال شعار إنّه في حين أن دول الخليج العربية لن تكون قادرة على ضخّ الأموال بشكل مباشر في حكومة الأسد مع فرض العقوبات، إلا أنّ بإمكانهم تحويل الأموال من خلال المشاريع التي تقودها الأمم المتحدة والتي تسيطر عليها حكومة النظام، ليقوم النظام السوري بإجرءات ضد تجارة الكبتاغون.

المصادر:
العربي - أسوشييتد برس
شارك القصة