Skip to main content

حياة "المحتال" بيرني مادوف.. تسبب بانتحار ضحاياه وأولاده سلّموه للشرطة

الخميس 15 أبريل 2021
أراد المستثمرون صرف استثماراتهم ولم يكن لدى مادوف ما يكفي من المال لتلبية ذلك

توفي الخبير المالي السابق برني مادوف العقل المدبّر لأكبر عملية احتيال مالي في تاريخ الولايات المتحدة، في سجن فدرالي حيث كان يمضي عقوبة بالسجن 150 عامًا.

وتم الإعلان عن وفاته من قبل مكتب السجون، وذاع سيط مادوف بعد أن صدم رئيس مجلس إدارة بورصة "ناسداك" في "وول ستريت" لعقود من الزمن، العالم في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2008 عندما اعترف بأن عمله الاستثماري كان عبارة عن مخطط احتيال هرمي بمليارات الدولارات.

وكان محامي مادوف براندون سامبل، قد صرّح في فبراير/ شباط 2020 أنّ موكله يعاني من مرض عضال ويرغب في مغادرة السجن لكي يموت "بسلام" في منزله، طالبًا الإفراج عنه لإصلاح علاقته بأحفاده، لكنّ طلبه قوبل بالرفض من قبل القاضي.

من هو بيرني مادوف؟

مادوف، ابن مهاجرَين أوروبيَين نشأ في نيويورك، وبدأ حياته المهنية في بورصة "وول ستريت" في أوائل الستينيات بصفة تاجر في الأسهم الصغيرة. بعدها أسس شركة Bernard L. Madoff Investment Securities LLC، التي أصبحت واحدة من أكبر شركات الوساطة والمعاملات السوقية وإدارة الثروات بين مشتري الأسهم وبائعيها.

كان مادوف رائد أعمال حقيقي، ولمع اسمه في مهنته حيث تم اعتماد برنامج تداول على الكمبيوتر طوّره مستشار الاستثمار بنفسه وشقيقه بيتر من قبل بورصة "ناسداك" التجارية، ووضع الأساس لكثير من أنظمة التداول الإلكترونية الشائعة الآن.

وشغل مادوف منصب رئيس مجلس إدارة بورصة "ناسداك" في عام 1990. وتم التحقيق مع الشركة ثماني مرات من قبل لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية لأنها حققت عوائد استثنائية في عهده.

نقطة التحول في حياة مادوف

تشير التقارير الأميركية إلى أن الركود العالمي هو الذي دفع فعليًا إلى زوال مادوف، حيث حاول المستثمرون الذين تضرروا من الانكماش سحب حوالي 7 مليارات دولار من أموالهم، ولم يتمكنوا من العثور عليها.

وفي التفاصيل، انهارت الأمور في عام 2008 عندما أراد عدد كبير من المستثمرين صرف استثماراتهم لتصل قيمتها إلى حوالي 7 مليارات دولار، ولم يكن لدى مادوف ما يكفي من المال لتغطية عمليات السحب المطلوبة، ووفقًا لمادوف في ذلك الوقت كان بإمكانه فقط أن يغطي بضع مئات الملايين من الدولارات.

فاعترف لابنَيه مارك وأندرو بأن عمل الاستشارات الاستثمارية كان كله كذبة، مشيرًا إلى أنه كان يأمل في شراء بعض الوقت لتوزيع مكافآت بمئات الملايين من الدولارات للموظفين، ثم إنهاء الشركة.

لكن مارك وأندرو، اللذَين كانا من كبار المديرين في العملية التجارية للشركة، والتي كانت تعمل بشكل منفصل عن الأعمال الاستشارية الاحتيالية، لم يكونا ليربحا أي شيء من خطة والدهما، فأبلغا السلطات على الفور وفق ما ذكر موقع "سي إن بي سي".

وبعد يوم، أي في 11 ديسمبر/ كانون الأول 2008 داهم مكتب التحقيقات الفيدرالي مكتبه في مبنى ليبستيك في ثيرد أفينيو في وسط مدينة مانهاتن.

وفي 12 مارس/ آذار 2009، أقر مادوف بأنه مذنب في 11 جريمة فيدرالية، واعترف بتشغيل أكبر مخطط احتيال هرمي خاص في التاريخ.

وحُكم عليه بعد ثلاثة أشهر بأقصى عقوبة: 150 عامًا في السجن مع استرداد 170 مليار دولار.

دخول برنارد مادوف إلى محكمة مانهاتن الفيدرالية في 12 مارس 2009 في مدينة نيويورك

لغز احتيالات مادوف

رغم الحكم عليه، بقيت بعض تفاصيل عمليات مادوف لغزًا لم يستطع أحد حلّه أو فهمه، فإنه لأمر مدهش حقًا أن مادوف تمكن من إبقاء المخطط غير مكشوف منذ عام 1992.

 وكان بعض الأفراد قد حثوا لجنة الأوراق المالية والبورصات على التحقيق في ممارسات مادوف التجارية، وقد قامت الوكالة بذلك في مناسبات عديدة لكنها فشلت في الكشف عن الاحتيال الهائل.

ويشير موقع "سي إف أي" إلى أن مادوف لم يكن محطّ ثقة من قبل العديد من الشركات في "وول ستريت" بحيث رفض العديد منها التعامل معه. ومع ذلك، تمكن مادوف من تشغيل مخطط احتيالي ضخم خاص به من دون اكتشافه لمدة عقدين على الأقل.

ضحايا "المحتال" مادوف

ولا تغيّر وفاة برنارد مادوف شيئًا بالنسبة لضحاياه، الذين لا يزال الكثير منهم ينتظرون أن يكتمل نصيبهم، ويحصلوا على أموالهم من مجموع 26.7 مليار دولار أميركي اختفت مع اعتقال الرجل "المحتال" عام 2008.

وذكرت "بي بي سي" أن قائمة ضحايا مادوف شملت الممثل كيفن بيكون، ولاعبة البيسبول في Hall of Fame ساندي كوفاكس، ومؤسسة Wunderkinder الخيرية للمخرج السينمائي ستيفن سبيلبرغ.

وكانت بنوك بريطانية أيضًا من بين الذين خسروا الأموال، حيث قالت HSBC Holdings إنها فقدت حوالي مليار دولار. ومنها أيضًا "رويال بنك أوف سكوتلاند"، ومان غروب"، و"نومورا هولدنغز" اليابانية.

لكن لم تكن الشركات النخبوية وأثرياء العالم وحدها من ضمن قائمة ضحايا الاحتيال؛ إذ خسر معلمون في المدارس ومزارعون وميكانيكيون وغيرهم الكثير من الأموال.

وذُكر أن مجموع الاحتيال يقدر بنحو 65 مليار دولار، وهو رقم تضمن مكاسب يعتقد عملاء مادوف أنهم حققوها بسبب بيانات حساب مزيفة.

وفي العام 2010، أي بعد عامين من اعتقال مادوف، أنهى ابنه الأكبر مارك حياته بشنق نفسه ليصبح ثالث عملية انتحار مرتبطة بالاحتيال. وكان عمره 46 عامًا.

وبعد أربع سنوات، توفي ابنه الثاني أندرو بسبب سرطان الغدد الليمفاوية عن عمر يناهز 48 عامًا.

وحدة المحققين الطبيين أثناء إخراجهم جثة مارك مادوف، الذي عُثر عليه منتحرًا في 11 ديسمبر 2010
المصادر:
العربي
شارك القصة