Skip to main content

رحلة دبلوماسية حافلة.. ماذا قال الأخضر الإبراهيمي لـ"العربي" عن الثورة الجزائرية؟

الثلاثاء 4 أكتوبر 2022

يطل وزير الخارجية الجزائري والمبعوث الأممي السابق الأخضر الإبراهيمي على شاشة "العربي أخبار" في سلسلة حلقات من برنامج "وفي رواية أخرى" يدلي فيها بشهادات مثيرة حول عمله الدبلوماسي، الذي امتد لأكثر من 6 عقود. 

وعدد كبير من الأحداث والمحطات يستعيدها الدبلوماسي العربي والدولي من الصف الأول، الذي ألفته ساحات الحروب والنزاعات كما ألفته طاولات الحوار والمفاوضات في نقاط من الأكثر سخونة حول العالم.

فالرجل كان قد بدأ مسيرته ممثلًا لجبهة التحرير الوطنية الجزائرية في آسيا مدافعًا عن استقلال بلاده من الاستعمار الفرنسي. وبعد انتزاع الجزائر استقلالها كان على تماس مباشر مع الخطوات الأولى لبناء الدولة وأيضًا مع الصراعات على السلطة بين رفاق السلاح السابقين.

كما عُيّن سفيرًا في القاهرة، حيث شهد نكسة 1967، وكان حلقة الوصل حينها بين الرئيسين الجزائري هواري بومدين والمصري جمال عبدالناصر. 

على تلك الملفات يمر الإبراهيمي في الحلقة الأولى من سلسلة إطلالاته، قبل أن يتناول جوانب أخرى من سيرته؛ والتي فيها: عمله في الجامعة العربية، ودوره كمبعوث عربي وأممي إلى لبنان، ثم تعيينه وزيرًا للخارجية، وشغله مهام مبعوث الأمم المتحدة إلى أكثر من بؤرة صراع في العالم.

"تعلّم ما استطعت ذلك"

الأخضر الإبراهيمي يمتلك سجلاً حافلاً في العمل الدبلوماسي - غيتي

يشير وزير الخارجية الجزائري والمبعوث الأممي السابق الأخضر الإبراهيمي إلى أنه ينحدر من "منطقة فقيرة نسبيًا تقع جنوب العاصمة الجزائرية".

ويقول لـ "العربي" إن والده توفي بينما كان في الحادية عشرة من عمره، فكانت وصيته الوحيدة له أن يتعلم كلما استطاع ذلك.

والإبراهيمي الذي واصل تعليمه إلى الجامعة، درس العلوم السياسية والحقوق في جامعة الجزائر، وصادف ذلك بداية الثورة الجزائرية عام 1954.

ويكشف أن في ذلك العام "أسسنا اتحاد الطلبة الجزائريين واتحاد العمال الجزائريين، وكان هدفنا الأول تأييد "شيء اسمه جبهة التحرير" خرج من العدم ولم يكن معروفًا بخلاف أحزاب كانت موجودة في ذلك الوقت مثل الحزب الشيوعي وحزب الشعب.

ويردف بأنه "في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني وُزعت منشورات تقول إن هناك "جبهة تحرير" بدأت النضال المسلح من أجل تحرير الجزائر. وبدا كأننا كنا ننتظر هذه الولادة".

في هذا الصدد، يروي الإبراهيمي أن الجزائريين راحوا منذ اليوم الأول يسألون أين هذه الجبهة، ونريد الانضمام إليها، مضيفًا: "هذا ما حدث معنا جميعًا".

"بلد محتل ولا مساواة"

ويعود وزير الخارجية الجزائري السابق في إطلالته إلى بداية الثورة، فيقول إنه كان حينها في العشرين من عمره.

وبينما يوضح أنه لم يكن ناشطًا في أي حزب، يتحدث عن شعور كان موجودًا في داخله "بأننا مغلوب على أمرنا وبأن بلدنا محتل ولا توجد مساواة".

ويذكر بما شهدته الجزائر عقب دخول الفرنسيين إليها عام 1830، والحرب الضروس التي قامت والكفاح الذي قاده الأمير عبدالقادر الجزائري.

ويشير إلى أن "الفرنسيين سرعان ما اعتبروا أن الجزائر قريبة وأنها جزء من فرنسا، التي كانوا يقولون إن البحر الأبيض المتوسط يمر وسطها كما يمر نهر السين وسط باريس".

ويلفت إلى أن جامعة الجزائر التي التحق بها كان فيها 5 آلاف طالب؛ 4500 منهم هم من الأوروبيين الذين كان عددهم حينها في الجزائر مليون نسمة، بينما كان عدد الجزائريين 9 ملايين، مشددًا على أن "التمييز كان واضحًا في كل شيء". 

"بداية العمل في صفوف الجبهة"

انتقل الإبراهيمي إلى باريس عام 1955. وتلقى اتحاد الطلبة الجزائريين، الذي شغل مهام نائب رئيسه، دعوة من الطلبة الإندونيسيين إلى مؤتمر يجمع طلبة آسيا وإفريقيا احتفالًا بمرور سنة على مؤتمر باندونغ الكبير.

يروي الإبراهيمي أنه كُلف ومحمد بن يحيى لتمثيل الاتحاد في المؤتمر، الذي عُقد في جاكرتا، فكان مهمًا ومفيدًا، وشكل بالنسبة لهما مرحلة لبداية العمل داخل صفوف جبهة التحرير.

ويشرح أن الجبهة تكفلت بسفرهما، وطلبت منهما المرور بالقاهرة ولقاء ممثليها في الخارج الذين كانوا يحتاجون إلى العنصر البشري.

ويردف بأن بن يحيى كُلف هناك بالبقاء في جاكرتا، بينما طُلب إليه هو أن يتعلم الإنكليزية وينشئ مكتبًا في نيودلهي.

"العمل المسلح كان الأساس"

لكن الخطة لم تجر كما كان مقررًا لها، حيث يوضح الإبراهيمي أن بن يحيى عاد إلى القاهرة لأسباب صحية، فبقي هو 5 سنوات في جاكرتا.

أنشأ الإبراهيمي في إندونيسيا علاقات قوية مع مختلف طلبة المنطقة الأسيوية والإفريقية والداعين لانعتاق شعوب العالم الثالث من الاحتلالين الفرنسي والبريطاني، كما ربطته علاقات جيدة مع القيادات الأندونيسية.

وفي هذا الصدد، يقول إن الرئيس أحمد سوكارنو كان رجلًا كريمًا ويهتم بقضايا التحرير اهتمامًا شديدًا، لا سيما في إفريقيا.

مؤتمر باندونغ

ويعتبر أن مؤتمر باندونغ الكبير عام 1955 كان حدثًا ضخمًا جدًا، لافتًا إلى أنه كان أول لقاء لحكومات الدول الآسيوية والإفريقية، التي كانت مستقلة وعددها في ذلك الحين 3: مصر وليبيريا وإثيوبيا.

وحيث أنه كيف يمكن تمثيل القارة بثلاث دول فقط، يشير إلى أنه "تمت دعوة غانا التي كانت تتجه للاستقلال عام 1957، والسودان الذي كان يتجه للاستقلال عام 1956".

ويوضح أن الجزائر وتونس والمغرب مثلهم كل من حزب جبهة التحرير وحزب الاستقلال والحزب الدستوري الجديد التونسي.

وردًا على سؤال الزميل بدرالدين الصائغ حول مقارنته بين أهمية الكفاح الدبلوماسي والكفاح المسلح، يلفت الإبراهيمي إلى أن "نشاطنا في الخارج كان مكملًا للكفاح المسلح، الذي لولاه لما استمع لنا أحد في الخارج".

ويشدد على أن العمل المسلح كان الأساس، ولو لم يكن موجودًا لما كان أحد ليستمع لنا.

5 يوليو واستقلال الجزائر

انتزعت الجزائر استقلالها فكان يوم 5 يوليو/ تموز 1962، لحظة مفصلية في تاريخ البلاد.

يمر الإبراهيمي في شهادته على ما عاشته الجزائر عام 1962، حيث عُقد اتفاق إيفيان في مارس/ آذار من ذلك العام، بين الحكومة المؤقتة والحكومة الفرنسية وتم الاعتراف من قبل الفرنسيين بحق الجزائر في الاستقلال. كما يتحدث عن الاستفتاء الذي أُجري مطلع يوليو.

ويشير إلى أن الجزائريين اختاروا 5 يوليو يومًا للاستقلال، نظرًا إلى كون هذا التاريخ هو يوم دخول الجيش الفرنسي إلى الجزائر العاصمة سنة 1830.

إلى ذلك، يعود الإبراهيمي بالذاكرة إلى ذلك اليوم الذي شهد خروج الحشود إلى الشوارع، يتوقف عند عودته إلى الجزائر من الخارج، مشيرًا إلى أنه عاد والحكومة المؤقتة إلى البلاد على متن الطائرة نفسها.

وبالحديث عن جبهة التحرير والخلافات فيها، يوضح أن الأخيرة كانت موجودة، لأن تركيبة الجبهة فيها توجهات مختلفة.

"أكثر من مليون شهيد"

عن تسمية الجزائر ببلد المليون شهيد وهل كان العدد أكبر من ذلك؟، يسأل الزميل بدرالدين الصائغ، فيلفت الإبراهيمي إلى أن هذه العبارة استخدمها الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر للمرة الأولى، ثم اشتهرت بعد ذلك.

وفيما يذكر بأن الفرنسيين أخرجوا الآلاف من قراهم ووضعوهم في معتقلات للضغط على جيش التحرير، يشير إلى أناس ماتوا من الجوع والعطش والمرض.

ويوجز الأمر بالقول: العبارة إعلاميًا مليون، لكنها عمليًا أكثر من ذلك، مشددًا على أن الثورة الجزائرية كانت مكلفة.

من جهة أخرى، يتحدث الإبراهيمي عن محاولات حصلت لتوحيد الكفاح وخلق جبهة واحدة مع المغرب وتونس، قائلًا "إنهم قدموا لنا مساعدات كثيرة".

كما يشير إلى أن "ليبيا قدمت مساعدات كبيرة جدًا للجزائر، رغم أنها كانت فقيرة آنذاك".


ما الذي يقوله عن الدعم المصري للجزائر وشغله منصب سفير بلاده في القاهرة، وماذا عن علاقته بعبدالناصر؟ الإجابة ومزيد من التفاصيل عن الثورة الجزائرية ومرحلة ما بعد الاستقلال في الحلقة المرفقة من برنامج "وفي رواية أخرى".

المصادر:
العربي
شارك القصة