Skip to main content

رسائل "نارية" متبادلة بين واشنطن وطهران... هل تقع الحرب؟

السبت 9 يناير 2021

على رغم انشغال العالم بالتطورات المتسارعة في الولايات المتحدة بعيد حادثة اقتحام مبنى الكابيتول، وبدء الحديث عن عزل الرئيس الأميركي دونالد ترمب وإقالته من منصبه قبل انتهاء ولايته خلال أسبوعيْن، يتواصل تبادل الرسائل "النارية" بين الولايات المتحدة وإيران بشكلٍ واسع.

وفي هذا السياق، سُجّل خلال الساعات الماضية تصعيد إيراني شديد اللهجة لكل من قائد الحرس الثوري حسين سلامي، والمرشد الإيراني علي خامنئي، صاحبه كشف عن قاعدة بحرية تحت الأرض على شواطئ الخليج، وسط تحذيرات بأنّ إيران "ستستهدف مصالح الأعداء في الخليج" إذا لزم الأمر.

وتزامن ذلك مع إرسال قاذفتين أميركيين إلى المنطقة في تحرك هو الرابع من نوعه لـ "ردع العدو" بحسب ما تقول وسائل إعلام أميركية، وعلى وقع المصالحة الخليجية التي ألبسها كثيرون عباءة "الاتحاد ضد إيران"، لا الصلح من أجل الصلح، ما يطرح تساؤلات عمّا إذا كانت الحرب في المنطقة باتت وشيكة، أمام هذه المتغيرات الإقليمية المتسارعة.

واشنطن لن تقف مكتوفة الأيدي

يكشف مساعد وزير الدفاع والجنرال في الجيش الأميركي سابقاً مارك كيميت، في حديث لـ "التلفزيون العربي" ضمن برنامج "للخبر بقية"، أنّ واشنطن لن تقف مكتوفة الأيدي وستدافع عن نفسها وحلفائها إذا بادرت طهران لأي هجوم.

ويعرب كيميت عن اعتقاده بأنّ شعوراً ترسّخ لدى البعض في الحكومة الإيرانية خلال الآونة الأخيرة، بأنّ الولايات المتحدة ليست جدية، وبأنّ الأميركيين يضبطون النفس إزاء الممارسات الإيرانية لأنّهم "خائفون"، وهو ما لا يعكس الواقع.

ويشدّد على أنّ المواجهة لا تنحصر بالولايات المتحدة وإيران، بل تشمل المنطقة بأسرها، ويعتبر المصالحة الخليجية "خطوة أولى" في هذا الإطار، مؤكّدًا أنّ الولايات المتحدة تريد المحافظة على تحالفها مع هذه الدول المهدَّدة من طرف إيران.

ويشير إلى أنّ السياسات الأميركية إزاء إيران لن تتغير عندما يغادر ترمب ويأتي الرئيس المُنتخَب جو بايدن، وعلى الإيرانيين الاقتناع بذلك، لافتاً إلى أنّ بلاده تؤيّد الحلّ الدبلوماسيّ، "لكنّ المشكلة أنّ الإيرانيين يجلسون على الطاولة مع سلاح نووي في يدهم، وهذه ليست طريقة الترويج للسلام والدبلوماسية".

"فقاعات تخويف"

إيرانيًّا، لا يتردّد الباحث في الشؤون الاستراتيجية محمد صالح صدقيان في وصف الخطاب الأميركيّ التصعيديّ إزاء إيران بأنّه عبارة عن "فقاعات تخويف"، ويرى فيه نوعاً من "الحرب النفسية" المتواصلة ضدّ الجمهورية الإسلامية.

ويشدّد صدقيان، في حديث إلى "التلفزيون العربي"، على أنّ إيران لم تذهب إلى سواحل الولايات المتحدة، وإنما هي موجودة في هذه المنطقة وجزءٌ أصيلٌ منها. ولكنه يؤكد، في الوقت نفسه، أنّ إيران لا تريد المواجهة مع القطع العسكرية الأميركيّة، وهي تريد الأمن والاستقرار في مياه الخليج.

ولا يخفي صدقيان وجود "تأهّب" على المستوى الإيراني لكلّ السيناريوهات المحتملة، موضحًا أنّ القوى العسكرية تعمل في جهوزية عالية جداً من أجل مواجهة أي اعتداءات محتملة، خصوصاً في ظل المعلومات التي تسوَّق بأن ترمب ربما يريد أن يقفز إلى الأمام من أجل شن حرب خارج الحدود الأميركية.

ويعبّر صدقيان عن انفتاح طهران على أيّ مبادرات لتعزيز السلام في المنطقة الخليجية، مذكّراً بأنّ إيران طرحت العديد من المبادرات في هذا السياق خلال السنوات القليلة الماضية، لكنّ المملكة العربية السعودية كانت ترفضها، وهي مستعدّة لقبول أي مبادرة تطرح من قبل مجلس التعاون الخليجي.

إيران لا تريد حربًا

من جهته، يستبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت عبد الله الشايجي سيناريو الحرب، ولو أنّه يؤكد أنّه احتمالٌ واردٌ "كأسوأ سيناريو".

ويعرب الشايجي، في حديث لـ "التلفزيون العربي"، عن اعتقاده بأنّ إيران لا تريد حرباً، معتبرًا أنّ هذا الأمر واضح جدًا، نظرًا لكونها لم تردّ حتى الآن على اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، ولا على اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده قبل أسابيع، وهي تنتظر بفارغ الصبر رحيل ترمب.

ويقول الشايجي إنّ استبعاد الحرب يعود أيضًا لكون نافذة أي عمل عسكري تضيق كليًا، مع بدء العدّ العكسي لمغادرة ترمب منصبه، في ظلّ المعلومات المتوافرة عن أنّ القوات المسلحة الأميركية لن تقوم بعمل غير شرعي وغير قانوني قد يطلب منها ترمب القيام به، إذا لم تبادر إيران للقيام بعمل عدائيّ. 

وفيما يعتبر أنّ الموقف الخليجي تجاه إيران غير ثابت أو غير موحّد، يشير إلى أنّ المشكلة معها تكمن في غياب الثقة، "فالإيرانيون يعطوننا من طرف الكلام حلاوة، لكنها لا تترجَم عمليًا"، ولا يستبعد أن تلعب قطر دوراً على صعيد الوساطة، كما فعلت الكويت وباكستان والعراق، إلا أنه يخشى أن تبقى كل الوساطات في خانة "الجعجعة بلا طحين"، على حدّ تعبيره. 

المصادر:
التلفزيون العربي
شارك القصة