Skip to main content

ظاهرة مرهقة للبشر.. حين يصبح الخوف من المستقبل "مرضيًا"

الخميس 9 مايو 2024
يُعرف الخوف من المستقبل بالخوف الاستباقي ويظهر من خلال عادات الشخص وأفعاله - غيتي

قد يكون الخوف من المستقبل أمرًا شائعًا ومنطقيًا، في عالم تكثر فيه أخبار الحروب والمجاعات والكوارث الطبيعية والأزمات السياسية العابرة للقارات، إضافة إلى المشاكل الشخصية للأفراد في العمل والحياة العاطفية والأسرية والصحية.

لكن هذا الخوف قد يتعدى الشعور الإنساني العابر ليتحول إلى حالة تؤثر على قدرات الفرد على اتخاذ القرارات والاستمرار بالحياة بشكل منتج.

وتبرز هذه الإشكالية بشكل أكبر لدى الأشخاص الذين تعرضوا لصدمات في الماضي بسبب حادث أو مرض أو اعتداء أو فقدان أحد أفراد الأسرة.

ويوضح الطبيب النفسي والمعالج المتخصص في علاج الصدمات فرانك أندرسون لموقع "فيري ويل مايند" أن "الخوف من المستقبل، أو ما يُعرَف باسم الخوف الاستباقي، أمر شائع جدًا ويمكن أن يكون منهكًا للغاية في الحالات القصوى". ويضيف: "يعاني الناس مع خوف متوقع عندما يقلقون بشأن نتيجة حدث مستقبلي لم يسبق لهم تجربته من قبل".

ويمكن أيضًا ربط الخوف الاستباقي بغياب التسامح مع عدم اليقين، والذي يمكن أن يؤدي إلى التردد عندما يتعلق الأمر بالقرارات الكبيرة والصغيرة، لأنه يجعل الناس يفكرون باستمرار في النتائج المحتملة لقراراتهم. 

قد يتعدى الخوف من المستقبل الشعور الإنساني العابر ليتحول إلى حالة تؤثر على قدرات الفرد على اتخاذ القرارات - غيتي

كيف يظهر الخوف من المستقبل؟

يظهر الخوف من المستقبل، أو الخوف الاستباقي من خلال عادات الشخص وأفعاله. 

وفي هذا السياق، يوضح أندرسون ثلاث طرق قد يشعر بها الناس بهذا الخوف، حيث تبيّن أن دماغ الإنسان يحاول المساعدة في إدارة أي نتائج سلبية في الأحداث المستقبلية.

ففي حين أنه من المهم التعلم من التجارب السابقة إلى حد ما، من المهم أيضًا أن تتذكر أن المواقف يمكن أن تتغير للأفضل. وبطبيعة الحال، فإن المشاعر والتوقعات التي تنبع من التجارب السابقة هي في الحقيقة طريقة عقلك لمحاولة حمايتك. ومع ذلك فقد تؤدي الاستجابات الوقائية إلى عدم القدرة على التفكير بوضوح، أو الخوف من مغادرة المنزل، أو حتى الخوف من معظم التفاعلات الاجتماعية.

كما يظهر الخوف فيما يسميه أندرسون بالانشغال الوقائي. ويحدث هذا عندما يعاني الناس من الهوس بالمخاطر المحتملة نتيجة لشيء حدث في الماضي. وغالبًا ما يعاني منه الأشخاص الذين يعانون من فقدان الشهية العصبي، أو غيره من اضطرابات الأكل، حيث أدرك علماء النفس أن العديد من الناجين من أحداث سابقة ينشغلون بشكل مفرط بالخوف من الانتكاس.

طرق لمعالجة الخوف من المستقبل

فيما يلي بعض الطرق التي يمكن أن تساعدك على معالجة الخوف المتوقع.

تدرّب على اليقظة

أظهرت الأبحاث أن اليقظة الذهنية يمكن أن تحسن تنظيم المشاعر، وهو أمر مفيد في تقليل التوتر، بحسب أندرسون. ولقد ثبت أيضًا أنه يحسن الوعي باللحظة الحالية، وهو أمر مهم ولا سيما للأشخاص الذين يقلقون بشأن الأحداث المستقبلية. كما وجدت الأبحاث أن اليقظة الذهنية يمكن أن تغير أجزاء من الدماغ للمساعدة في تحسين الوعي الذاتي بمرور الوقت.

تحدث إلى ذاتك

ويساعد التحدث إلى النفس عبر تكرار بعض العبارات في التخفيف من استجابة الخوف المتوقعة. يمكنك تكرار أشياء مثل: "أنا بأمان"، "لن يحدث لي شيء سيئ"، "كل شيء سيكون على ما يرام". كما يمكن تدوين هذه العبارات بحيث يصدقها العقل أكثر.

مارس الرياضة

يمكن أن تساعدك ممارسة الرياضة، ولا سيما تجربة أشكال جديدة من التمارين أو تلك التي تتضمن اليقظة الذهنية أيضًا مثل اليوغا، على إبقائك في الوقت الحاضر. وبهذه الطريقة تضطر إلى التفكير في المهمة المطروحة بدلًا من القلق بشأن المستقبل.

أسوأ المخاوف نادرًا ما تتحقق

وبحسب "ثوت كاتالوغ"، عليك أن تتذكر دائمًا أن أسوأ مخاوفك نادرًا ما تتحقق. والحقيقة هي أن معظمنا يقلق نفسه بأشياء من المرجح ألا تحدث أبدًا. قد تكون الحقيقة أغرب من الخيال ولكن الخيال يخيفنا أكثر من الواقع في معظم الأوقات. وعليك أن تتذكر كيف لم تصدق توقعاتك السيئة ومخاوفك في مواقف سابقة. 

ركز على الحاضر

تنبع معظم مخاوفنا من افتقارنا إلى المعرفة بأشياء معينة، إلى جانب عدم القدرة على رؤية ما يجلبه المستقبل. لا تنسَ أن الخوف من المستقبل يفقدك لذة الحاضر. والحقيقة هي أنه بغض النظر عن الطريقة التي تشعر بها حيال المستقبل، يمكنك فقط أن تفعل ما تستطيع اليوم. إذا كنت لا تستطيع فعل أي شيء حيال مخاوفك الحالية، فاذهب للسير أو الجري أو خذ قيلولة بعيدًا عن أفكارك. 

أطلب المساعدة المتخصصة

سواء وجدت نفسك تعاني من خوف استباقي نتيجة لصدمات سابقة أو لسبب آخر تمامًا، فمن المهم أن تطلب المساعدة من متخصص في علاج القلق والصدمات واضطراب ما بعد الصدمة إذا أيقنت أن هذا الخوف يؤثر على حياتك ولم تستطع التخلص منه. 

المصادر:
فيري ويل مايند - ثوت كاتالوغ
شارك القصة