Skip to main content

فنلندا تحاكم "ماساكوي" بتهم جرائم حرب استمرت 14 عاماً في ليبيريا

الأربعاء 3 فبراير 2021
جبريل ماساكوي أحد المتمردين السابقين السيراليونيين المتهمين بارتكاب جرائم حرب

بدأت في فنلندا الأربعاء محاكمة جبريل ماساكوي أحد المتمردين السابقين السيراليونيين بتهم ارتكاب جرائم حرب خلال الحرب الأهلية في ليبيريا المجاورة، في أول قضية من هذا النوع سيتم النظر فيها جزئيًا على الأراضي الليبيرية خلال أسبوعين.

وافتتحت الجلسة أمام محكمة في مدينة تامبيري جنوب فنلندا حيث تم اعتقال المتهم في مارس/ آذار 2020 بعد تعبئة قامت بها منظمات غير حكومية.

وقد يحكم على ماساكوي الذي كان يلقب خلال النزاع "الملاك جبرائيل"، بالسجن مدى الحياة إذا أدين بارتكاب "جرائم حرب مشددة" و "جرائم مشددة ضد الإنسانية" متهم بتنفيذها أو بالأمر بذلك بين 1999 و2003. فيما ينفي المتهم - البالغ من العمر 51 عامًا والذي يعيش في فنلندا منذ 2008- أي تورط له.

وفي منتصف فبراير/شباط ستنتقل المحكمة لمدة شهرين على الأقل إلى ليبيريا وسيراليون للاستماع لحوالي ثمانين شاهداً وزيارة مسرح الجرائم التي يتهم بها ماساكوي.

ويمثل المتحدث السابق باسم الجبهة الثورية المتحدة أمام المحكمة لسلسة من الاتهامات بجرائم قتل واغتصاب وتعذيب ارتكبها بنفسه أو قام بها أحد جنوده، كما ورد في ملف الاتهام الذي يقع في نحو أربعة آلاف صفحة وأعده القضاء الفنلندي.  إذ يسمح للقضاء الفنلندي بملاحقة الجرائم الخطيرة التي تقع في الخارج.

معاناة وأضرار لا يمكن إصلاحها

في قرية "كاماتاهون" بالقرب من الحدود مع سيراليون في شمال ليبيريا، يتهم شهود ماساكوي بأنه أمر بحبس مدنيين بينهم أطفال في مبنيين قبل إحراقهما.

وبحسب الملف الذي قرأه المدعي العام، فإن سبع نساء على الأقل تعرضن للاغتصاب والقتل في المنطقة نفسها بينما قطعت جثث عدد من سكانها و"تحولت إلى طعام تناوله ماساكوي أيضا".

ويشمل الملف أيضا تهمًا بالقتل والاغتصاب الجماعي في أماكن أخرى مثل مقاطعة لوفا (الشمالية) والعاصمة مونروفيا، إلى جانب اتهامات بالعبودية وتجنيد أطفال.

وقال ممثلو الادعاء: إن الجرائم انتهكت "عمداً وبشكل منهجي" القانون الإنساني الدولي وتسببت في "معاناة وأضرار لا يمكن إصلاحها" لأسر العديد من الضحايا.

من جهته، يؤكد ماساكوي إنه كان يجري مفاوضات سلام في أماكن أخرى من المنطقة عند وقوع هذه الفظائع. وبدوره نفي محاميه كارلي جوميروس كل الاتهامات الموجه إليه.

وماساكوي الذي كان في الماضي مدرسا سُمح له بالاستقرار في فنلندا بعدما قدم أدلة في 2003 إلى المحكمة الخاصة بسيراليون التي شكلتها الأمم المتحدة. وحصل بعد ذلك على حصانة على الأفعال التي ارتكبها في بلده لكن ليس في ليبيريا.

وبعد الحرب الأهلية، فر معظم قادة المجموعات المسلحة العديدة من البلاد ولم تصدر سوى إدانات نادرة على الرغم من تلك التي صدرت في الولايات المتحدة وملاحقات ومحاكمات جارية في سويسرا وفرنسا.

ويقضي الرئيس الأسبق تشارلز تايلور عقوبة بالسجن منذ 2012 لكن على جرائم ارتكبت في سيراليون وليس في بلاده ليبيريا حيث لم يتم إنشاء محكمة جرائم حرب.

ترحيب

من جهتها، رحبت ليبيريا بإعلان القضاء الفنلندي عن المحاكمة في يناير/ كانون الثاني. وقال الناشط الحقوقي أداما ديمبستر: "هذه إشارة إلى أن الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب الأهلية لن تمر بدون عقاب".

وتقف وراء إطلاق المحاكمات في فنلندا المنظمة غير الحكومية "سيفيتاس ماكسيما" التي تعمل على محاكمة مجرمي الحرب. وقد رحبت بالقرار "الثوري" لتحديد "المسؤولية عن أسوأ الفظائع في العالم".

وتنوي محكمة تامبيري العودة إلى فنلندا في مايو/ مايو لجلسات تستمر شهرين أخريين، على أن يصدر الحكم في سبتمبر/ أيلول.

حرب أهلية استمرت 14 عاما

وتشكل الحرب الأهلية في ليبيريا واحدة من أكثر النزاعات فظاعة في القارة الإفريقية، حيث شهد هذا النزاع مجازر ارتكبها في كثير من الأحيان مقاتلون تعاطوا مخدرات، وعمليات بتر أعضاء وعمليات اغتصاب استخدمت سلاح حرب، وأعمال أكل لحوم البشر وعمليات تجنيد قسري للأطفال.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 1989، باشرت الجبهة القومية الوطنية لليبيريا بقيادة الزعيم المتمرد تشارلز تايلور حربًا أهلية للإطاحة بالرئيس صموئيل دو الذي كان قد أقام نظامًا يعمل بالإرهاب والفساد وتأجيج الكراهية العرقية.

واستولى تشارلز تايلور بسرعة على كل الأراضي تقريبا. في 1990، ومنعت قوة من دول غرب إفريقيا الاستيلاء على العاصمة مونروفيا. في 1997 وبعد إبرام اتفاق سلام انتخب تشارلز تيلور رئيسا لليبيريا.

وفي 1999، اندلع تمرد جديد لحركة "الليبيريون المتحدون من أجل المصالحة والديموقراطية" في الشمال، تقدم بعد ذلك باتجاه مونروفيا، بدعم من دول مجاورة. وانتهت الحرب بحصار استمر ثلاثة أشهر للعاصمة (يونيو/ حزيران – أغسطس/ آب 2003). أُجبر بعده تشارلز تيلور على ترك السلطة في 11 أغسطس 2003.

وحينها تم توقيع "اتفاق سلام عام"، بعد أكثر من 14 عامًا من الحرب الأهلية المتواصلة، التي خلفت 250 ألف قتيل ومئات الآلاف من المشردين.

لا محاكمة في ليبيريا

حتى الآن، لم تتم مقاضاة أي شخص أو إدانته في ليبيريا على جرائم ارتكبت خلال الحرب الأهلية. ولا يزال العديد من الشخصيات الضالعة في النزاع يشغلون مناصب اقتصادية وسياسية مهمة.

وبقي الجزء الأكبر من توصيات "لجنة الحقيقة والمصالحة" في 2009 حبراً على ورق خصوصًا باسم حفظ السلام إذ إن بعض أمراء الحرب المتهمين يعتبرون في مجموعاتهم السكانية "أبطالا".

حكم على تايلور بسبب سيراليون-

أدين تشارلز تايلور الذي لم يحاكم بسبب الفظائع المرتكبة في ليبيريا، في 2012 بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في سيراليون المجاورة. وتم تأكيد الحكم بالسجن لمدة 50 عامًا في 2013، وهي عقوبة يمضيها في بريطانيا.

ملاحقات في الخارج

وفي 2009، حُكم على "تشوكي" تايلور نجل تشارلز تايلور في الولايات المتحدة بالسجن 97 عامًا بتهم تعذيب وقتل في ليبيريا بين 1999 و 2003.

وحُكم على مهرب الأسلحة الهولندي غوس كوينهوفن في 2017 غيابيًا في بلاده بالسجن 19 عامًا بتهمة الاتجار بالأسلحة والتواطؤ في جرائم حرب في غينيا وليبيريا.

أما محمد جباتا زعيم الحرب الليبيري السابق فقد حُكم عليه في أبريل/ نيسان 2018 بالسجن ثلاثين عامًا في الولايات المتحدة لإخفائه ماضيه العنيف عن السلطات الأميركية عندما تقدم بطلب للجوء في 1998، ثم بطلب لإقامة دائمة.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2020، بدأت محاكمة قائد المتمردين السابق أليو كوسياه في سويسرا. وأحيل كونتي كي وهو قائد متمرد ليبيري سابق آخر متهم بارتكاب أعمال تعذيب على محكمة الجنايات في فرنسا.

المصادر:
أ.ف.ب
شارك القصة