Skip to main content
البرامج -

قضية تضليل إعلامي تتفاعل في فرنسا.. ما علاقة إسرائيل؟

السبت 25 فبراير 2023

منذ أن أوقفت محطة "بي أف أم" الفرنسية مقدم البرامج الشهير رشيد مباركي في يناير/ كانون الثاني الماضي، دارت التكهنات بتورطه في قضية نشر الأخبار التي تتعارض مع سياستها التحريرية. هذه الأخبار التي يعتقد أن وراءها دوافع أبعد من مخالفة الخط التحريري.

وجاء القرار على خلفية استخدام مباركي مصطلحات سياسية اعتبرها مدير محطة "BFM" تمسّ بمصداقية المؤسسة الإعلامية الفرنسية. فقد أجرت القناة تحقيقًا داخليًا بشأن سلوك رشيد مباركي وأوقفته عن العمل.

وحاولت المحطة من خلال هذا التحقيق تبين حقيقة ما إذا كان مباركي تصرف بناءً على تقديره الذاتي في عمله الصحفي؛ أمّ أنه يعمل وفق أجندة خارج المحطة التلفزيونية.

وأقرّ مباركي الذي عمل في المحطة منذ تأسيسها عام 2005، بحصول أخطاء صحفية، رافضًا الادّعاءات بأنه خالف الخط التحريري.

إلا أنّ تحقيقًا مشتركًا أجراه الصحافي الفرنسي فريدريك ميتزو كجزء من تحقيق أشمل يسمى "Story Killers" بهدف كشف الأخبار الكاذبة، وجد أن القناة بثت أخبارًا تروّج لها وكالة إسرائيلية من خلال برنامج مباركي.

ووجد ميتزو الذي عمل في وحدة التحقيقات في راديو فرانس على هذه القضية إلى جانب منظمة "Forbidden Stories"، أن الوكالة الإسرائيلية يديرها أفراد سابقون في الأمن الإسرائيلي.

وكانت الوكالة وراء نشر الأخبار بشأن تدهور صناعة اليخوت الفاخرة في موناكو بعد فرض العقوبات على شخصيات روسية مهمة وهي من زوّدت مباركي بالصور الداعمة في هذا التقرير حول الموضوع.

ما هي الوكالة الإسرائيلية وأنشطتها؟

لم تكن قضية توقيف الصحافي رشيد مباركي سوى حلقة واحدة من حلقات نشر الأخبار المضللة في الدول الأوروبية. ويقع مقر الوكالة الإسرائيلية المتهمة ببث الأخبار المضللة في مستوطنة "موديعين" بالقرب من تل أبيب، حيث لا تحمل أيّ لافتات تعريفية في مقرها، بحسب تحقيق استقصائي فرنسي.

وخلص الصحافيون الاستقصائيون إلى أنّ الموظفين الذين يعملون في الوكالة هم ضباط سابقون في الجيش والمخابرات الإسرائيلية من اختصاصات مختلفة.

ويطلق الموظفون في الوكالة الإسرائيلية على أنفسهم اسم فريق "خورخي" وهو الاسم الذي يطلقونه على مديرهم. وقد تمكن الصحافيون من كشف لغز "خورخي" الذي يحمل عدة أسماء بعناوين وأرقام هواتف مختلفة.

واستطاع الفريق الاستقصائي الفرنسي بعد التحري تحديد شخصية "خورخي" ليتبين أن اسمه الحقيقي هو تال حنان، وسبق له العمل ضابطًا في جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويحمل شهادة في العلاقات الدولية.

كما يترأس شركة "سول إنيرجي" التي تعمل في قطاع الأمن والاستخبارات، إلى جانب كونه رئيس شركة "دينومان إنترناشونال" التابعة لوزارة الأمن الإسرائيلية.

مقدم البرامج الشهير رشيد مباركي - وسائل التواصل

وفي محاولته للتعريف بأعمال الوكالة، قال أحد أعضاء فريق "خورخي" للصحفيين المتخفين، إنهم منخرطون في محاولة التأثير على نتائج انتخابات في دولة إفريقية إسوة بما قاموا به في عشرات الحملات الانتخابية على مستوى العالم.

واستعرض هذا الأخير إمكانات الوكالة في إنشاء حسابات وهمية على منصات التواصل الاجتماعي، ونشر المحتوى بالسرعة وحجم الانتشار المطلوب.

وتلقي قضية الصحافي رشيد بمباركي الضوء على عمل شركات ووكالات إسرائيلية تسعى للتأثير على الرأي العام عبر نشر أخبار كاذبة ومضللة.

ما هو عمل الشركة الإسرائيلية؟

تعليقًا على هذا الموضوع من الناحية القانونية، يوضح المحامي والباحث القانوني علاء محاجنة، أن الحديث يدور عن شركة أو مجموعة خاصة تقوم بعمل خاص عن طريق التعاقد إما مع أجهزة استخباراتية في دول ما، أو مع شركات خاصة، أو شركات تجارية حسب الطلب، مشيرًا إلى أنها تعمل في بيئة داعمة لها من خلال عدم التحقيق معها أو التعرض لها.

ويضيف في حديث لـ"العربي"، أن وظيفة هذه الشركة حسب الطلب، وتأتي في إطار إثارة الفوضى في دولة ما، كتعطيل عمليات انتخابية، أو تشويه سمعة منافس سياسي أو منافس تجاري عن طريق أعمال غير قانونية مثل اختراقات للهواتف وتضليل للرأي العام من خلال أخبار مضللة وزائفة في وسائل التواصل الاجتماعي.

وبشأن قائمة العاملين في هذه الشركة، ومعظمهم ضباط سابقون في القوات الخاصة الإسرائيلية بحسب ما كشفته التحقيقات، يلفت محاجنة إلى أن جميع الأشخاص الذين يعملون في مثل هذه الشركة، كانوا يعملون إما في الاستخبارات الإسرائيلية أو في الجيش الإسرائيلي أو في وحدات خاصة تعمل في مجال التجسس.

هل تستفيد إسرائيل من هذه الشركات؟

ويوضح الباحث القانوني أنه بعد انتهاء الضباط الإسرائيليين من عملهم الرسمي يؤسسون شركاتهم، ويبدأون بالعمل من خلال شركة خاصة يتم تنظيمها وفق القانون الإسرائيلي، مشيرًا إلى وجود علاقات متشعبة مع الأجهزة الاستخباراتية والأجهزة الأمنية بشكل غير مباشر، حسب ما يقول المحللون الإسرائيليون، لإعطاء الغطاء عن طريق عدم المساءلة القانونية لما تقوم به هذه الشركات من نشاطات غير قانونية في أنحاء العالم.

ويبين أن القانون الإسرائيلي يسمح بعمل هذه الشركات، حتى إنه يغض الطرف عنها. ويشير إلى أنه حتى الآن لم يحصل أي تحقيق مع فريق خورخي، بخصوص الخروقات الجسيمة لحقوق الإنسان أو التدخل الصارخ في العمليات الانتخابية التي تحدث في دول مختلفة.

ويردف محاجنة أن إسرائيل تعرف كيف تستغل الفرص، وهي ترى هذه الشركات والإمكانيات التي يمكن أن توفرها لها الكثير من الناحية السياسية، ولذلك تقوم باستغلالها على أفضل وجه، وتوفر لها المناخ من أجل العمل.

وأضاف أن إسرائيل تدعي أن خورخي هي شركة خاصة وأن الدولة غير مسؤولة عن هذه النشاطات، مشيرًا إلى أن مقر هذه الشركة يقع في "مدينة موديعين" وهي موجودة على حدود الخط الأخضر.

ويرى محاجنة أن القضاء الإسرائيلي عاجز أو لا يرغب في محاسبة هذه الشركات أو مساءلتها قانونيًا، لأن إسرائيل تستفيد من وجودها، ومن النشاطات التي تقوم بها في دول عديدة في العالم، وخاصة في دول إفريقية ودول في أميركا اللاتينية.

المصادر:
العربي
شارك القصة