Skip to main content

كوفيد-19.. لماذا حصدت الولايات المتحدة حصيلة وفيات مرتفعة؟  

الثلاثاء 23 فبراير 2021
تجاوزت أعداد وفيات كوفيد-19 الـ 500 ألف في الولايات المتحدة

احتلت الولايات المتحدة مركزاً متقدماً بين دول العالم من حيث أعداد الإصابات والوفيات جراء كوفيد -19. وتجاوزت الوفيات نصف مليون وفاة يوم أمس الإثنين قبل أيام من 28 فبراير/ شباط الذي يصادف مرور عام على الإعلان عن أول وفاة مثبتة بالفيروس في منطقة سياتل.

ويتبادر إلى الأذهان السؤال عن سبب تسجيل أكبر قوّة في العالم مثل هذه الحصيلة العالية من الوفيات بالمرض. وماذا استخلص الأخصائيون الأميركيون في العام الأول من الوباء؟

لماذا تضررت الولايات المتحدة بشدة؟

يشير الدكتور جوزيف ماسي، الذي حارب جميع الأوبئة منذ الإيدز، وهو اليوم أحد المسؤولين في مستشفى المهرست في كوينز حيث يعالَج عدد كبير من المصابين في نيويورك، إلى أنّ وباء كوفيد-19 شكّل عنصر مفاجأة.

ويوضح أنّه قبل الوباء كانت الولايات المتحدة تراقب كوفيد-19 "عن بعد". وكان هناك عدد قليل جدا من حالات سارس، الفيروس التاجي الذي رصد في 2002. ويقول: "فجأة وجدت الولايات المتحدة نفسها في صلب المشكلة".

وينتقد رد فعل حكومة الرئيس السابق دونالد ترمب "غير المنظَّم"، وغير المُساعد، موضحاً أنّه "في بلد مثل بلدنا مع 50 ولاية ومساحة ضخمة وشبكة مستشفيات خاصة إلى حد كبير، كان من الصعب جمع كل الآراء حول الاستراتيجية نفسها".

ويقول:  "إنّ واقع تنافس المستشفيات للحصول على معدات الوقاية لم يكن له أي معنى. كان يجب جعل المسألة مركزية بشكل سريع جدا، ولم يقوموا بذلك".

ويرى كما الطبيبة ميشيل هالبرن المتخصصة في الأمراض المعدية بمستشفى ضواحي نيويورك, حيث انتشر الوباء بقوّة اعتباراً من شباط 2020؛ أن أحد الأخطاء كان السماح بأن يصبح وضع الأقنعة (الكمامات) "مسألة سياسية".

ومع تقلّباتها وتشكيكها بالفيروس والإجراءات الوقائية، واجهت إدارة ترمب للأزمة الصحية انتقادات شديدة. وقالت هالبرن: "ليس من الصعب وضع الكمامة، نحن نعتاد على ذلك. لكن يجب إيصال الرسالة إلى الناس بأنه أمر مهم".

ما هي أولى العبر المستخلصة من الأزمة؟

يرى جوزيف ماسي أنّ الدرس الأول هو تعلم إعادة تأهيل المستشفيات لتكون قادرة على التعامل مع تدفق مفاجئ للمرضى. وقال: "نشارك في تمارين للاستعداد لكوارث، وقمنا بالعديد من التدريبات، لكننا لم نقم بشيء لمحاكاة هذا الأمر: الانتقال فجأة من 12 سريراً في العناية الفائقة إلى 150 مع الموظفين والتجهيزات اللازمة".

وتوصلت مجموعة المستشفيات العامة إلى استراتيجيات لتوزيع العبء بين المستشفيات العامة الـ11 في نيويورك على مرّ الأشهر.

وتوضح ميشيل هالبرن إنّه بشكل عام "يجب أن ندرك أن المستشفيات بحاجة إلى موارد... يجب الاستثمار في الأبحاث لكن أيضا في المستشفيات ودور التقاعد، يجب أن يكون هناك عدد كاف من الموظفين وأن تكون لديهم التجهيزات التي يحتاجونها".

وكشف الوباء أيضاً حجم التفاوت في المجال الصحي في الولايات المتحدة ولا سيما السكن الذي يؤثر بشكل خاص على الأقليات السوداء أو المنحدرين من دول أميركا اللاتينية، كما يؤكد ماسي. ويقول: "إنّ الاختلاط الذي تُسبّبه المساكن الصغيرة يجعل من الصعب احترام قواعد التباعد الاجتماعي، ويجب التفكير في وسائل تكييف هذه المساكن مع أوبئة مستقبلية، لأنه ستكون هناك أوبئة أخرى".

هل سيستمر وضع الكمامات حتى نهاية العام؟

على الرغم من تسريع حملة التلقيح، لا تزال الشكوك تحيط بالنسخ المتحورة من الفيروس التي ظهرت في بريطانيا وجنوب إفريقيا ما يدفع الخبراء إلى الاستمرار في توخي الحذر.

ويُقدر جوزيف ماسي أنّه بدون هذه النسخ ومع الوصول إلى تلقيح أكثر من 70% من السكان، كان يمكن أن تكون هناك "فرص جيدة بأن لا نضع الكمامات" في نهاية 2021. ويقول: "إذا استمر انتشارها فسيصبح أصعب بكثير القول اننا سننتهي من الأمر في ديسمبر/كانون الأول.

من جهتها، قالت هالبرن: "آمل أن تكون اللقاحات فعالة، لكن من الصعب التأكد من أنّها ستعمل على المدى الطويل أو على الطفرات الجديدة"، مضيفةً أنّه "يجب الاستعداد لاستمرار هذا الأمر لفترة أخرى".

وعلى المدى الطويل، يقول ماسي: "يجب عدم السقوط في فخ النسيان" وعدم التفكير بالوباء بعد انتهائه.

وختم: "إنه من المزعج التفكير في أن كل هذه الأمور حصلت بدون سابق إنذار. يجب أن يكون لدينا فعليا نظام عالمي لرصد العوامل المسببة للأمراض لأننا نعيش في عصر لم يعد بإمكاننا القول فيه "هناك شيء ما يحدث في آسيا لن يؤثر على أميركا".  

المصادر:
أ ف ب
شارك القصة