Skip to main content

لبنان.. زياد عيتاني سيلجأ للقضاء الدولي بعد تبرئة ضابط لفقت له تهمة عمالة

الخميس 15 أبريل 2021
عيتاني محتضناً ابنته بعد خروجه من سجن استمر 110 أيام بتهمة عمالة ملفقة عام 2018

أسدلت محكمة التمييز العسكرية اللبنانية الستار على محاكمة الضابط في قوى الأمن الداخلي المقدم سوزان الحاج مديرة مكتب الجرائم المعلوماتية سابقًا، والمقرصن إيلي غبش بتهمة تلفيق جرم التعامل مع إسرائيل للزميل في أسرة "العربي" زياد عيتاني؛ بقرار قضى بالحكم على المقرصن بالسجن سنة ونصف السنة مع الأشغال الشاقة، وإدانة المقدم بكتم المعلومات عن مرؤوسيها وغرامة قدرها 200 ألف ليرة لبنانية، أي ما يناهز 18 دولارًا أميركيًا". 

لكن قرار المحكمة العسكرية المثير للجدل أعاد القضية إلى الواجهة، خاصة وأنه اعتبر بمثابة تبرئة للحاج التي أكدت تسجيلات مسربة بينها وبين المقرصن الغبش؛ أنها لم تكتفِ بكتم المعلومات بل كانت على تواصل دائم مع المقرصن لتلفيق تهمة العمالة لعيتاني، وهو صحافي وممثل مسرحي معروف، وكان من شأن تهمة كهذه أن تقضي على مستقبله وتعرض حياة عائلته للخطر والنبذ الاجتماعي.

وكانت المحكمة اتخذت القرار نفسه في يونيو/ حزيران قبل أن تطلب النيابة العامة التمييزية استئنافه في محكمة التمييز بعدما اعتبرته "تسوية سياسية" بحسب المدعي العام التمييزي غسان الخوري. 

وتعليقًا على الحكم، قال عيتاني ل"العربي": إن هذه  القضية تأتي كشاهد على انهيار المؤسسات الحكومية للدولة، بدءًا من الجهاز الأمني الذي وضع رأسه في الرمل بعد ادانة متهمين بالجريمة باقرار القضاء، وصولًا للقضاء نفسه الذي نصب "سيركًا" في ملف حقوقي.

وأضاف عيتاني:"هذه قضية تمس الأمن القومي اللبناني من خلال العبث بملفات العمالة التي ترتقي لمستوى الاعتداء على الوطن،  وقد مرت أمام أعين سلطة مترهلة عاجزة عن حكم ضابط فما بالكم بجريمة (انفجار) المرفأ أو اي جريمة فساد تطال أحد المسؤولين؟".

وعن خطواته المقبلة قال: "سيحكم القضاء الدولي بيني وبين مؤسسات هذه الدولة التي تورطت بانتهاك صارخ لحقوق الإنسان".

تلفيق التهمة بالعمالة

وكانت مديرية أمن الدولة قد أوقفت عيتاني في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2017 بتهمة التعامل، وتسربت التحقيقات الأولية لحظة بلحظة لوسائل الإعلام بشكل مخالف للقانون اللبناني، قبل أن يُحوّل عيتاني لقاضي التحقيق العسكري حينها وينفي نفياً قاطعاً كل التهم المنسوبة إليه، لافتًا إلى أن الرسالة التي تلقاها على موقع فيسبوك؛ لم يقم بالتجاوب معها لعدم معرفته بالحساب الذي تواصل معه تحت اسم مستعار. 

وأكد عيتاني للقضاء أن الاعترافات انتزعت منه، وتم تصويرها غصباً عنه تحت وطأة التعذيب الجسدي والنفسي.

وقرر القاضي في أواخر فبراير/ شباط التوسع في التحقيقات لدى شعبة المعلومات التابعة للمديرية العامة للأمن الداخلي؛ التي تعمل الحاج تحت إشرافها، وكشفت تحقيقات الشعبة أن المقرصن هو من كان خلف الحساب الوهمي بتحريض من الحاج. 

يذكر أن الحاج أوقفت عن عملها على رأس مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، إثر قيامها بوضع إشارة إعجاب للمخرج اللبناني شربل خليل، اعتبرت حينها عنصرية بحق السيدات السعوديات، وقام عيتاني بالإضاءة على الموضوع. 

واعتبرت التحقيقات أن الحاج تعمدت الانتقام من عيتاني، وتم توقيفها على إثرها وسجنها مع المقرصن. وأصدر قاضي التحقيق على إثرها قرارًا اتهاميًا للمقرصن بتلفيق جريمة لعيتاني، وقرارًا يتهم الحاج بالتدخل في هذا الجرم، ومنع المحاكمة عن عيتاني الذي خرج من السجن بعد 110 أيام في تاريخ 13 مارس/ آذار عام 2018. 

وتم إخلاء سبيل الحاج بعدها بشهرين، لتنعقد المحكمة في سبتمبر/ أيلول من العام نفسه بحضورها وحضور المقرصن. واستمرت الجلسات قرابة 10 أشهر لتقرر المحكمة القرار نفسه الذي صدقت عليه محكمة التمييز، بعد استئناف الجلسات التي امتدت حتى أول من أمس، تخلّلتها عدة قرارت بتأجيل الحكم واستئناف السماع للمتهمين بفعل جائحة فيروس كورونا. 

واستنكر عيتاني الذي شهد كمتضرر مباشر؛ القرار الذي يعني براءة المقدم من ارتكاب الجرم والاكتفاء بأنها مجرد كاتمة لمعلومات تتعلق بتهمة كان يمكن أن تؤدي به إلى الإعدام بحسب ما قال.

والحاج هي زوجة شقيق هادي حبيش النائب في البرلمان اللبناني عن كتلة المستقبل، بينما يُعتبر زوجها من الداعمين البارزين للتيار الوطني الحر الذي يرأسه النائب جبران باسيل صهر الرئيس ميشال عون.

وكانت منظمتا "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية"؛ أثارتا القضية مطالبتين الدولة اللبنانية بتقديم أجوبة واضحة حول التعذيب الذي تعرض له عيتاني على يد محققي أمن الدولة، من دون أي رد من الدولة اللبنانية لغاية اليوم. 

وأجرت قوى الأمن الداخلي محكمة تأديبية للمقدم الحاج وأحالت مرسوم قرارها بفصل الحاج (46 عامًا) لرئيس الجمهورية وفق تقارير صحفية محلية، إلا أنه لم يوقعه منذ عامين. وأصدر رئيس الجمهورية قراراً أيضاً بترقية استثنائية للضابط الذي اتهمه عيتاني بتعذيبه في العاشر من أغسطس/ آب الماضي. 

وتخطت المحكمة التهم الباقية التي وجهت للحاج، وبينها اختراق مواقع حكومية ومصارف ووسائل إعلامية، وتحريض المقرصن على تلفيق الجرم نفسه لصحافيين لبنانيين آخرين. ولم يصدر أي قرار حول تلك التهم الواردة في الادعاء العسكري.

وطالب محامو الحاج بإرجاع المقدم إلى السلك العسكري بعد المحكمة، فيما قرر عيتاني المضي قدماً بالمطالبة بحقوق التعويض واستدعاء المتهمين عن التعذيب الذي تعرض له، إضافة لتشويه السمعة، بعد أن تقدم بأكثر من دعوى للقضاء اللبناني الذي اكتفى بالاستماع لأقواله طوال الأعوام الثلاثة من خلال جلسة واحدة.

كما تقدم عيتاني بدعوى تعويض بحق الدولة اللبنانية في مجلس الشورى، وطالب المجلس بتوقيف مرسوم الترقية التي نالها الضابط المتهم بتعذيبه.

وقالت الحاج خلال مرافعتها إنها تعرضت لمؤامرة ممن وصفتهم بـ"الحاقدين" وأنها ضحية فبركة، وطالبت بإكمال سيرتها التي اعتبرتها ناصعة ومشرفة. فيما اعتبر موكلها نقيب المحامين السابق والوزير السابق رشيد درباس أن ما جرى للحاج كان "مسرحية غبية".

المصادر:
العربي
شارك القصة