مارتن لوثر كينغ في ذكرى مولده.. مسيرة نضالية و"حلم" لم يشمل الفلسطينيين
تكاد عبارة "لدي حلم" تختصر سيرة القس مارتن لوثر كينغ، زعيم الحقوق المدنية في الولايات المتحدة.
وفي الأذهان، ربما ترادف هذه الجملة الاسم نفسه، فمتى حلّت استعادت معها الرجل الذي رفع الصوت عاليًا من أجل المساواة في بلاده، فحقق الكثير في مواجهة العنصرية ضد السود.
كانت المساواة حلمًا تحدث عنه مارتن لوثر كينغ في المسيرة الشهيرة إلى واشنطن في أغسطس/ آب من عام 1963، والتي احتشد فيها حوالي 250 ألف شخص من كل الإثنيات، مرددين شعارَي "المساواة الآن" و"سننتصر".
وقال خاطبًا: "لدي حلم أن يعيش أطفالي الأربعة في بلد لا يحكم عليهم فيها بلون بشرتهم، بل بطبيعة شخصياتهم".
وكان حينذاك الحلم، الذي وصفه بأنه ضارب بجذوره العميقة في الحلم الأميركي، ملهمًا ومطابقًا لأحلام الملايين.
فمن يكون مارتن لوثر كينغ الذي حفظ التاريخ اسمه بوصفه أكثر الزعماء الأميركيين السود تأثيرًا وإلهامًا؟
مارتن لوثر كينغ.. الدراسة والنضال
وُلد مارتن لوثر كينغ الابن في ولاية جورجيا في منتصف يناير/ كانون الثاني 1929، وعانى من العنصرية التي كانت في أوجها، لا سيما في الولايات الجنوبية.
في الخامسة عشرة من عمره التحق بجامعة مورهاوس. درس علم الاجتماع، وحصل على شهادة في علم اللاهوت.
وفي الخامسة والعشرين حصل على الدكتوراه في الفلسفة. كان ذلك في مدينة بوسطن، التي التقى فيها أيضًا بالشابة كوريتا سكوت فتزوجها وأنجبا 4 أطفال.
عام 1955، قاد مارتن لوثر كينغ حملات مقاطعة الحافلات في مدينة مونتغمري، احتجاجًا على الفصل العنصري بين البيض والسود في وسائل النقل.
وبعدما استمرت المقاطعة 382 يومًا تعرّض خلالها الأميركيون السود للمضايقات، وكان فيها منزل مارتن هدفًا للتفجير، أثمرت في نهاية الأمر عام 1956 عن إلغاء الفصل العنصري في وسائل النقل.
نظم مارتن أيضًا مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية، الذي أعطاه منصة وطنية يمكن من خلالها التحدث عن الحقوق المدنية، وزار الهند واستلهم منها أفكارًا نضالية.
وعام 1960، نجحت الاعتصامات التي قادها في إنهاء الفصل العنصري في المطاعم في 27 مدينة جنوبية.
وعلى المستوى التشريعي، أدى المد المتصاعد للاحتجاجات إلى إقرار قانون الحقوق المدنية عام 1964 وقانون حقوق التصويت عام 1965.
وفيما حملت الصفحة الأولى لهذه القوانين التي أصدرها الرئيس ليندون جونسون عبارة "لدي حلم"، تم بعد وقت قليل نقشها على رخام درجات المكان الذي ألقى مارتن لوثر كينغ خطابه الشهير منه.
جائزة نوبل ودرجات فخرية
في تلك الفترة أيضًا، حصل مارتن على جائزة نوبل، فعُد أصغر من حصل عليها عن 35 عامًا.
وأظهرت النبذة التعريفية عن مارتن لوثر كينغ في موقع الجائزة، أنه أعلن عند إخطاره باختياره لنيلها بأنه سيتبرع بالجائزة المالية لتعزيز حركة الحقوق المدنية.
وذكرت النبذة أيضًا، أن الرجل الذي قُبض عليه أكثر من 20 مرة وتعرض للاعتداء 4 مرات على الأقل، حصل على خمس درجات فخرية.
وفيما لفتت إلى أنه نال لقب رجل العام من قبل مجلة "تايم" في عام 1963، أشارت إلى ما أضحى عليه من شخصية عالمية.
اغتيال مارتن لوثر كينغ
اغتيل مارتن لوثر كينغ في 4 أبريل/ نيسان من عام 1968 حينما كان في مدينة ممفيس بولاية تينيسي لدعم إضراب عمال النظافة.
يومها تعرّض لاغتيال برصاص قناص، تبعته أعمال شغب واضطرابات في أكثر من 100 مدينة أميركية. وقد اعترف القاتل جيمس إيرل راي بذنبه، وحُكم عليه بـ99 سنة سجنًا.
وفي عام 1983، تم اعتبار يوم ميلاد كينغ، في 15 يناير من كل عام، عطلة وطنية أميركية، بعد معارضة الجمهوريين للأمر بحجة أن للرجل علاقات مع الشيوعيين.
اللافت في الموضوع أن مارتن لوثر كينغ في نهاية حياته وسّع حملته لتشمل معارضة الفقر وحرب فيتنام، أما موقفه من الاحتلال الإسرائيلي فبدا أنه لم يكن على بوصلة نضاله المدني.
وفي معرض دفاعه عنها، قال في أحد تصريحاته إن "على العالم أجمع أن يرى ضرورة وجود إسرائيل"، التي أكد أن "لديها الحق في الوجود، وأنها أعظم الأماكن الديمقراطية في العالم"، على حد تعبيره.
وبعدما ألغى زيارة إلى القدس عقب النكسة عام 1967، وقال حينها "إنني أعتقد في حال ذهابي، أن العالم العربي ودول إفريقيا وآسيا سيفسرون زيارتي على أنها دعم لإسرائيل في كل ما فعلته، لكن أنا لدي شكوك"، أعلن لاحقًا تأييده لدولة الاحتلال.
يُذكر أن الشبكة العالمية لحركة "حياة السود مهمة"، التي خرجت في تظاهرات عقب مقتل الأميركي جورج فلويد على يد عناصر من الشرطة، أصدرت بيانًا تدعم فيه الفلسطينيين، الذين يعانون من العنف وسوء المعاملة يوميًا من قبل الاحتلال الإسرائيلي.