Skip to main content

مذبحة شارع الرشيد.. عندما قتلت إسرائيل فلسطينيين ينتظرون الغذاء

الثلاثاء 16 يناير 2024
تحولت عربات الحمير إلى وسائل نقل للشهداء والجرحى في شارع الرشيد- الأناضول

في 11 يناير/ كانون الثاني الحالي، كان من المفترض أن يكون شارع الرشيد مكانًا لتجمّع النازحين الفلسطينيين للحصول على الإمدادات الغذائية التي هم في أمس الحاجة إليها في شمال غزة، إلا أنّ الدبابات ومروحيات "كوادكوبتر" الإسرائيلية حوّلته إلى مقبرة للعشرات منهم، بعد أنّ أطلقت النار عليهم.

فبالنسبة لسكان قطاع غزة، أصبح الجوع حقيقة يومية نتيجة الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وبات عليهم الاختيار بين البقاء داخل ملاجئهم على أمل أن يتمكنوا من توفير الطعام لأطول فترة ممكنة، أو المخاطرة بالموت والمغامرة بالخروج للعثور على شاحنات المساعدات.

جثث متناثرة في الشارع

وروى محمد سالم (اسم مستعار) الذي شهد المجزرة لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، كيف رأى عشرات الجثث المتناثرة في أنحاء الشارع.

وشرح أنّه قصد شارع الرشيد مع أبناء عمومته، بعدما علم أنّ الشاحنات المحمّلة بالدقيق ستمرّ من المكان. وبالفعل، كان المئات يتجمّعون هناك بانتظار الشاحنات. وفجأة، ظهرت دبابة إسرائيلية من خلف تلة رمل أثناء عبورهم مستديرة النابلسي، وبدأت إطلاق النار على الأهالي بشكل عشوائي. وفي الوقت نفسه، بدأت المسيّرات بمهاجمة الموجودين في المكان، بمن فيهم الأطفال.

وقال سليم إنّه رأى فتاتين أمامه مصابتين بالرصاص، بينما قُتل الأشخاص الذين كانوا في مقدمة الطابور بنيران الدبابات والمسيّرات، مضيفًا أنّه رأى أكثر من 50 شهيدًا وجريحًا، بينما فرّ مئات الأشخاص إلى الشوارع الضيّقة المجاورة لشارع الرشيد لتجنّب وابل الرصاص والقذائف.

وعلى الرغم من عمليات القتل، عاد سالم إلى مكان الحادث مع عشرات آخرين عندما وصلت شاحنات المساعدات في نهاية المطاف حوالي الساعة 11:30 صباحًا.

وقال إنّه رأى 6 شاحنات إجمالًا، أربع منها تحمل الدقيق والمُعلّبات، بينما تحمل الاثنتان الأخريان الأدوية.

وأِشار إلى أنّ الكثير من الناس عادوا لانتظار الشاحنات، على الرغم من إصاباتهم والجثث من حولنا.

وقال: "كانوا يُحاولون اللحاق بالشاحنات للتأكد من حصولهم على بعض الطعام لعائلاتهم"، مضيفًا: "رأيت فتاتين تجريان بجوار الشاحنة للحصول على بعض الدقيق، وركضتا بكل ما تملكان من قوة، لكنّهما سقطتا تحت عجلات الشاحنة وماتتا على الفور".

"المشهد كان مروّعًا"

وأكد أحمد العبد (اسم مستعار، 17 عامًا) رواية سالم. وشرح أنّه في اليوم نفسه، قصد مع مجموعة من الشباب، شارع الرشيد بعد سماعهم أنّ بإمكانهم شراء الدقيق هناك. وعلى غرار سالم، تحوّلت رحلته إلى الأسوأ عندما وصل إلى مستديرة النابلسي.

وقال للموقع: "فجأة وبدون أي استفزاز أو تحذير، بدأ إطلاق النار ينهمر علينا من الجهة التي كان من المتوقّع وصول شاحنات الدقيق منها. وفي الوقت نفسه، ظهرت مسيرات فوقنا وبدأت إطلاق النار بشكل عشوائي علينا جميعًا".

وأضاف: "كانت المشاهد مروّعة، ورأيت أناسًا يُطلق عليهم النار ويسقطون شهداء بجواري".

نقل الشهداء والجرحى على عربات تجرها الحمير

بدوره، أوضح محمود حمدي (اسم مستعار، 33 عامًا)، أنه اضطر إلى أن يخوض رحلة الحصول على الدقيق مع خطورتها، لأنّ أطفاله الأربعة كانوا يتضورون جوعًا، ولم يتحمل رؤية معاناتهم من الخوف والجوع.

وقال لموقع "ميدل إيست آي": "نأكل وجبة واحدة في اليوم، معظمها من الأرز أو العدس، حتى نتمكن من الحفاظ على ما لدينا من الأطعمة. لذلك لم يكن أمامي خيار سوى الذهاب إلى شارع الرشيد لإحضار ما يُمكنني من طعام".

وأضاف أنّه عند بدء إطلاق النار فجأة، لم تكن هناك سيارات إسعاف في الجوار، ولم يتمكن أحد من فعل أي شيء، بل كان الناس يركضون في حالة من الفوضى والخوف.

وروى حمدي أنّ السكان استخدموا عربات تجرها الحمير في نقل الشهداء والمصابين الذين سقطوا من إطلاق النار العشوائي بدلًا من الدقيق الذي جاؤوا من أجل الحصول عليه، بينما استخدم آخرون سياراتهم كسيارات إسعاف مؤقتة.

تجمّد حمدي في مكانه، وبدأ بالصراخ لأنّه لم يكن قادرًا على التحرّك أو الهرب، ولم يُدرك ماذا يفعل.

وعندما استجمع قواه، حاول الجري لكنّ رصاصة أصابت قدمه، ومع ذلك واصل الفرار وهو ينزف.

وقال: "عدت إلى المنزل في وقت متأخر دون الحصول على الدقيق أو الطعام لأطفالي. لو كنت أعرف أن الحصول على المساعدة سيعني مذبحة لما ذهبت قط. وشكرت الله لأنني تمكنت من العودة هذه المرة".

المصادر:
ترجمات
شارك القصة