Skip to main content

8 مكالمات لبايدن.. موقع إسرائيلي يكشف كواليس وقف إطلاق النار بغزة

الأحد 23 مايو 2021
دخل وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيّز التنفيذ فجر الجمعة بعد 11 يومًا من العدوان

نجحت الجهود المبذولة من عدة أطراف في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وبالتالي إنهاء العدوان الإسرائيلي على القطاع المُحاصَر والذي استمرّ على مدى 11 يومًا.

لكن، ماذا في كواليس هذا الاتفاق؟ وكيف أمكن التوصّل إليه رغم إصرار تل أبيب حتى اللحظة الأخيرة، على أنّها لن تنهي عمليتها العسكرية طالما أنّها لم تحقّق أهدافها؟

يكشف موقع "واللا" الإسرائيلي بعضًا من هذه الكواليس، متحدّثًا في تقرير له عن ثماني مكالمات هاتفية لعبت دورًا على هذا الصعيد، وقد جرت بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس.

ما قبل بدء العدوان

وبحسب المقال، فقد استخدمت الولايات المتحدة سياسة "الدبلوماسية الهادئة" لمعالجة الوضع. فحتى بعد إلغاء الانتخابات الفلسطينية، أدرك عدد من المسؤولين الحكوميين أن هناك احتمالًا للتصعيد، ما دفعهم لتحذير البيت الأبيض، لكن الرسالة لم تتسرب. وعندما بدأت التوترات في حي الشيخ جرّاح في القدس، أدركت الإدارة الأميركية أن هناك مشكلة تحتاج إلى حل.

وينقل الموقع الإسرائيلي عن المسؤولين الأميركيين المطّلعين على كواليس المحادثات والمفاوضات التي جرت، أنّه في نهاية أبريل/ نيسان، عندما وصل مستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات لإجراء محادثات في واشنطن مع نظيره الأميركي جيك سوليفان، أثار الأميركيون الوضع في القدس وطالبوا إسرائيل باتخاذ خطوات من أجل تخفيف التوترات.

وبعد أسبوع، ومع استمرار التصعيد، تحدث مستشار الأمن القومي للرئيس بايدن جيك سوليفان عبر الهاتف مع بن شبات، وتحدثت نائبة وزير الخارجية الأميركية ويندي شيرمان مع المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية ألون أوشبيز. وقدم الأميركيون ثلاثة مطالب لاتخاذ إجراءات فورية: وقف عملية تهجير عائلات فلسطينية من حيّ الشيخ جرّاح، وتهدئة الأوضاع في الحرم القدسي الشريف، ووقف مسيرة العلم في البلدة القديمة.

ووفقًا للموقع، أطلع مسؤولون إسرائيليون كبار المراسلين على أن بن شبات رفض طلبات سوليفان، لكن نتنياهو نفذ عمليًا جميع الطلبات الأميركية حيث طلب من المحكمة تأجيل جلسة الاستماع بشأن الشيخ جرّاح، ولكن الأوان كان حينها قد فات.

نتيجة ذلك، أطلقت حماس سبعة صواريخ على القدس. واتصل كبار المسؤولين في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بزملائهم في البيت الأبيض. وقالوا: "هذا حدث يغير قواعد اللعبة، نحن نتخذ إجراءات مهمة في غزة".

بدء التصعيد والمشاورات

ويعرض "واللا" الأحداث بترتيبها الزمني، فقد بدأت المناقشات المحمومة  في البيت الأبيض حول ما يجب القيام به مع بدء العدوان على غزة. وقال المسؤولون الأميركيون: إن الغريزة الأميركية الفورية هي الدخول علنيًا في حل الأزمة وإرسال وزير الخارجية إلى المنطقة. لكن هذه المرة قرر الرئيس بايدن عدم السير في هذا الطريق، استنادًا إلى تجربة عدوان غزة 2014. 

وبحسب "واللا"، أوضح بايدن لمستشاريه في المناقشة الأولى للأزمة الحالية أنّه سيتعامل مع هذه الأزمة من خلال دبلوماسية هادئة ومكثفة مع إسرائيل ومصر وليس مع دعوات لوقف إطلاق النار في وسائل الإعلام.

واستندت السياسة التي وضعها بايدن، من ناحية، إلى الدعم العام لإسرائيل في حرب غزة، والمحادثات الهادئة والمكثفة مع إسرائيل لضمان أن تكون العملية قصيرة قدر الإمكان. وقرر بايدن عدم الدعوة علنا إلى وقف إطلاق النار وعدم السماح ببيانات أو قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

ونقل "واللا" عن مصدر قريب من المناقشات في البيت الأبيض أنه كان أمام بايدن ومستشاريه 50 يومًا من عملية إيتان والهدف هو بذل كل ما في وسعهم لعدم تكرار السيناريو نفسه.

وقال بايدن لمستشاريه في المناقشات الأولية في بداية الأزمة: "إذا طالبنا بوقف إطلاق النار سنصبح قصة، وسيتضرر تأثيرنا على إسرائيل، ولن يؤدي إلى وقف إطلاق النار على الأرض".

ويوم السبت، بعد قصف غزة الذي أصاب مبنى "الجلاء" الذي يضم مكاتب وكالة أنباء أسوشيتد برس، اتصل بايدن بنتنياهو. وبعد مكالمتين هاتفيتين أوضح بايدن في تلك المحادثة أن الأضرار التي لحقت بالمبنى زادت من الضغط عليه.

حديث بايدن مع محمود عبّاس

وبحسب "واللا"، كانت المحادثة الأكثر أهمية للبيت الأبيض في ذلك اليوم مع أبي مازن. وقال مصدر أميركي: إن الهدف من المحادثة مع أبي مازن هو التأكد من أن الأزمة في غزة لم تتحول إلى تصعيد عنيف في الضفة الغربية أيضًا.

وقال بايدن لأبي مازن خلال المحادثة إنه يتوقع منه إرسال قوات الأمن الفلسطينية إلى مراكز المظاهرات وفصل المتظاهرين عن جنود الاحتلال لتهدئة الموقف.

وقال بايدن لأبي مازن: "أريدهم أن يقفوا أمام المتظاهرين وليس خلفهم"، فرد الرئيس الفلسطيني بأنه "ضد العنف وأنه سيفعل ما طلبه بايدن".

مصر وسيط موثوق

وتابع الموقع تفصيل المجريات التي أدت إلى وقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أنّه خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، تم التوصل إلى تفاهم في البيت الأبيض على أن المصريين هم الوسيط الفعّال الوحيد الذي يمكنه إنهاء الحرب، ومن الضروري التوصل إلى وقف ثنائي لإطلاق النار بوساطة مصرية.

وبين الأحد والإثنين، بدأ البيت الأبيض في رؤية أولى بوادر وقف إطلاق النار. وتشير مصادر معنية بالموضوع إلى أن مصر تمكنت يوم الأحد من تحقيق تفاهمات هادئة بأن حماس ستتوقف عن إطلاق صواريخ بعيدة المدى باتجاه تل أبيب. ولم تطلق حماس صواريخ على وسط البلاد لمدة 18 ساعة. أعطى هذا الدليل لبايدن على أن المصريين يمكنهم النجاح بالمهمة.

ووفقًا لـ"واللا"، دفعت الهدنة في إطلاق الصواريخ على تل أبيب بايدن إلى القول في محادثاته مع نتنياهو يوم الإثنين للمرة الأولى إنه يدعم وقف إطلاق النار. لكن في الوقت نفسه، كانت الرسالة الإسرائيلية إلى الأميركيين: "لا نتوقف لأننا يجب أن نقضي على قدرات حماس العسكرية".

وصباح الأربعاء بحسب توقيت الولايات المتحدة، تم إجراء تقييم للوضع في البيت الأبيض مفاده أن وقف إطلاق النار يمكن أن يتحقق في القريب العاجل وذلك لأن العملية وأهدافها قد استنفدت، بحسب مسؤولين في الجيش الإسرائيلي.

الاتصال الحاسم

ونقل الموقع عن المصادر المشاركة قولها: إن بايدن كان في محادثة يوم الأربعاء أكثر حزمًا مما كان عليه في المحادثات الثلاث السابقة. وسأل نتنياهو بحسب مصادر معنية بمضمون المحادثة "إلى أين تتجه هذه العملية؟ متى ستنهيها؟".

أجاب نتنياهو إنه يحتاج إلى بضعة أيام أخرى للقتال، لكن بايدن كان يعلم بالفعل أن العملية قد استنفدت بالنسبة للجيش الإسرائيلي. قال بايدن لنتنياهو: "يمكنك الاستمرار لبضعة أيام أخرى لكنك لا تتحكم في الأحداث. يمكنك الاستمرار في شيء ما يمكن أن يحدث خطأ وسيكون هناك تشابك. مصر لديها عرض معقول وأعتقد أن الوقت قد حان للانتهاء".

وقال نتنياهو لبايدن: إن العملية ستستمر لمدة 24 ساعة أخرى. ويشير "واللا" إلى أن رسالة نتنياهو العامة للجمهور الإسرائيلي كانت مختلفة. فبعد المحادثة مع بايدن، سجل مقطع فيديو بالعبرية أعلن فيه أن "العملية ستستمر إلى أجل غير مسمى".

وبحسب الموقع فإنه بايدن لم يكن غاضبًا من فيديو نتنياهو وأدرك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بحاجة إلى فيديو للاحتياجات السياسية الداخلية، فبحسب استطلاعات الرأي، 70% من الإسرائيليين لا يريدون وقف إطلاق النار.

اتصل بايدن بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بعد ظهر يوم الخميس، قبل اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي السياسي والأمني المصغّر. وذكر مصدر قريب أن بايدن طلب ضمانات بأن مصر ستضمن وقف حماس لإطلاق النار إذا وافقت إسرائيل على وقف إطلاق النار. وهو ما تعهد به الرئيس المصري. نقل البيت الأبيض رسالة السيسي إلى إسرائيل حتى قبل جلسة الكابينت الإسرائيلي.

الحذر من الضربة النهائية

وبحسب "واللا"، فبعد اجتماع الكابينت، اتصل نتنياهو ببايدن وأطلعه على القرار. وتشير مصادر مطلعة إلى أنه كان لدى نتنياهو تحفظ واحد، فقد قال لبايدن: إنه إذا أطلقت حماس وابلًا من النيران في الساعتين والنصف المتبقية حتى دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، فإن إسرائيل سترد بشكل حاد، مما قد يؤدي إلى انهيار الهدنة.

سارع الأميركيون إلى الاتصال بمصر التي طمأنت بأن حماس لن تطلق الصواريخ. وليلة الجمعة، اتصل نتنياهو ببايدن مرة أخرى وقال إنه تلقى رسالة من مصر مفادها: إن حماس لن تطلق النار. عندها فقط خرج بايدن إلى وسائل الإعلام وأعلن انتهاء العدوان على غزة ووقف إطلاق النار.

ونقل الموقع الإسرائيلي عن مصادر أميركية مطلعة على حيثيات وقف إطلاق النار قولها: إن بايدن استخدم صفته صديقًا لإسرائيل للدفع من أجل وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن من خلال الدبلوماسية الهادئة.

وبحسب المصادر، فإن حقيقة عدم وجود مواجهة علنية بين إسرائيل والولايات المتحدة أثناء العملية ساهمت بتحقيق نتائج في فترة زمنية أقصر بكثير مما حدث عام 2014.

ووفقًا لـ"واللا"، فقد أشارت المصادر إلى أن  الدعم الذي قدمه بايدن لإسرائيل خلال العدوان، دفع بنتنياهو لتلبية دعوة الرئيس الأميركي للسعي لوقف إطلاق النار في غضون 24 ساعة.

المصادر:
"واللا"
شارك القصة