في اليوم العالمي لمكافحة التصحّر.. الرمال تزحف على القرى السودانية
يحتفي العالم في الـ17 من شهر يونيو/حزيران من كل عام، باليوم العالمي لمكافحة التصحّر، وبهذا الصدد يعد السودان من بين الدول الأكثر تأثرًّا بهذه الظاهرة عالميًا، حيث خسر جزءًا مهمًا من غطائه النباتي وهو ما أدى إلى عواقب وخيمة.
ويتمتع السودان بتنوع حيوي غني، لكن مواليده تتناقص بفعل التصحّر الذي يتسبب في انخفاض المحاصيل والمراعي والثروة الحيوانية، ما يؤدي إلى تدهور بيئي واقتصادي واجتماعي، وتحتاج مكافحة التصحر إلى مجهودات واسعة في ظل الآثار المتفاقمة.
التصحّر: المعضلة البيئية الأولى
في السودان يعدّ التصحّر المشكلة البيئية الأولى، فقد تعددت أسبابه ومستوياته لكن معظمها من صنع الانسان كما يقول الخبراء.
وتؤكد إيمان الرشيد دياب مديرة محطة أبحاث التصحّر، أن الاستخدامات غير المرشدة كالتعدين والتمدد على حساب الأراضي الزراعية؛ فاقمت من وضع الأزمة في البلاد.
وما يزيد من حدّة هذه الأزمة، هو أنه بعد استقلال دولة جنوب السودان؛ فقدت البلاد نسبة كبيرة من الغطاء النباتي، وهي معضلة واجهتها السلطات باستزراع أحزمة نباتية جديدة. ونجحت التجرية لكن ليس بالصورة المرجوة.
ويمرّ اليوم العالمي لمكافحة التصحر في السودان وقد تمكن الأخير من تحقيق تقدم نسبي، لكن حجم المشكلة قد يفاقمه ضعف الإمكانات رغم أنه تنبّه لهذه المشكلة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وأنشأ في السبعينيات وحدة خاصة لمكافحة التصحّر.
عن هذا الأمر يتحدّث الصادق الشريفي الخبير البيئي لـ"العربي"، مشيرًا إلى أن الدراسات في السودان كشفت أنه في السنوات الأخيرة حصل انخفاض كبير في معدلات الأمطار، وهو الأمر الذي يتكرّر كل أربعين عامًا ما يجعل البلاد تعيش دورة من الجفاف.
ويردف الشريف أن أصعب فترة جفاف شهدها السودان في السابق كان عام 1984، حيث ضرب الجفاف ما يسمى "الحزام الإفريقي" بالكامل، وتبع ذلك هجرة سكانية بأعداد كبيرة.
وتابع الباحث البيئي في حديث مع "العربي"، أنه كان من الأجدر أن يدرس المعنيون أسباب هذا التصحّر للعمل على معالجتها.
الرمال تزحف على القرى
وفي وقت تشير الأمم المتحدة إلى أن نصف سكان الأرض مهددون بالتصحّر والجفاف، تضيق المساحات على بعض القرى السودانية، حيث زحفت الرمال على منازل السكان منهم أهل تنقاسي.
وأصبحت رمال التصحّر تخفي معالم هذه القرية الواقعة شمال السودان وأراضيها، وتشتدّ معالم التصحر أكثر فأكثر على الأراضي التي تمتد على ضفاف نهر النيل، بحيث تبتلع الأراضي الزراعية ومداخل المنازل، دون أن تمد يد العون للمزارعين البسطاء.
ويصلُ تأثير الرمال إلى المراعي والغابات، بالإضافة إلى تقليلها من احتياطات المياه الجوفية، وتفقد بالتالي أصحاب المزارع نصف عدد النخيل الذي يشكّل مصدر رزقهم.
وتعقيبًا على هذه التطورات المقلقة، يقول المدير السابق لمعهد الدراسات البيئية في جامعة الخرطوم والخبير في مجال التصحر، محمد صالح، إن خططًا وضعت لمكافحة التصحر في السودان منذ سنين عديدة؛ لكن "واجهتها مشكلة كبيرة تتمثل في ضعف عملية تنفيذ الخطط نتيجة الشحّ في الموارد المالية".
ويكمل صالح في حديثه مع "العربي" قائلا: "لو توفرت هذه الموارد المادية لكنا شهدنا تراجعًا ملحوظًا في عملية التصحر واستقرارًا للسكان والمزارعين في مناطقهم".