لقمان سليم.. جنازات كثيرة
غداً الخميس، عندما يُدفن لقمان سليم في حديقة منزل العائلة، جنوبي بيروت، تُطمر معه آمال وُلدت مع الموجة الأولى من اغتيالات عام 2005 وما تلاه، ثم ماتت ألف ميتة طيلة الأعوام الـ16 الماضية، لكن دفنها ظل مؤجلاً. بقيت طموحات ما اصطلح على تسميته "الاستقلال الثاني"، أي الاستقلال عن النظام السوري وعن دولة حزب الله المديدة، تتنقل بين منزلتَي الحلم والوهم. والحلم عندما يُقتل يستحيل وهماً.
مع لقمان سليم يُراد دفن مشروع أو قل فكرة عن بلد طبيعي، وجماعات أهلية ليس مطلوباً منها أن تقع في غرام متبادل، بل أن تتصالح وأن تتعاطى بالحد الأدنى من الاحترام والواجبات التي تفرضها المواطنة والذاكرة الجماعية. من بين هذه الجماعات، الشيعة، الشيعة اللبنانيون العرب الذين أصرّ لقمان سليم وغيره على أنهم راشدون سياسياً وثقافياً ولا يرتضون بوصاية إيرانية، يريدون وطناً أيضاً تماماً مثل الشيعة العراقيين العرب الذين كان شعارهم (أريد وطناً) فعلاً سياسياً موجهاً لحكام طهران ووكلائهم المحليين أولاً. تتشح بالسواد غداً فكرة نظام سياسي طبيعي سلمي بلا سلاح مليشيات، بلا اغتيال سياسي، بهوية وطنية وعقد اجتماعي بلا تكاذب... باختصار مشروع عن بلدٍ كل ما يمكن أن يكون فيه مناقض لرؤية حزب الله إلى لبنانٍ لا يجدر أن يكون بلداً بل ساحة حروب تتوالد.