Skip to main content

أغاني عبد الحليم بصوت بوب مارلي.. هل يهدّد الذكاء الاصطناعي الموسيقى؟

الجمعة 19 أبريل 2024
حذر أكثر من 200 فنان شهير من أن الذكاء الاصطناعي قادر عمليًا على "تدمير" نظام الموسيقى - غيتي

يثير تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي مخاوف لدى الموسيقيين من تهديدات عدّة تطال صناعة الموسيقى، خصوصًا بموضوع قدرته على استنساخ أصوات شهيرة.

وكما يخاف الكثير من الناس من القدرات الهائلة للذكاء الاصطناعي، الذي بات البعض يصفه بأنّه منافس تقنيّ للإنسان، قد يقضي على الوظائف البشرية مع الوقت، يخشى العاملون في مجال الفن من تأثيراته الهائلة على مستوى صناعة الموسيقى بصورة عامة.

ولعلّ هذه المخاوف والهواجس تتعاظم عندما يتمّ الحديث عن "استنساخ" أصوات الفنانين، حيث انتشرت في الآونة الأخيرة بعض الأغاني لفنانين بأصوات زملائهم، بمن فيهم بعض الفنانين الراحلين، وإن لم تلقَ الانتشار الواسع.

وقبل عام، أثار استخدام المطرب والملحن عمرو مصطفى صوت المغنية المصرية الراحلة أم كلثوم لإنتاج أغنية بالذكاء الاصطناعي جدلاً واسعًا.

وقد انقسم الرأي العام بين متحمس للفكرة وعدها عودة للزمن الجميل، وبين رافض لها لأنها تشكل اعتداء على الملكية الفكرية وتشويهًا لتاريخ أم كلثوم.

يثير تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي مخاوف لدى الموسيقيين من تهديدات عدّة تطال صناعة الموسيقى - غيتي

"جدل" الذكاء الاصطناعي والموسيقى

في رسالة مفتوحة نُشِرت هذا الشهر، دعا أكثر من 200 فنان شهير إلى حماية أكثر جدّية للأعمال الفنية وحقوق المؤلفين في ظلّ التهديدات التي ينطوي عليها الذكاء الاصطناعي، القادر عمليًا على "تدمير" نظام الموسيقى، بحسب هؤلاء الفنانين.

ومن بين الموقّعين على الرسالة التي نشرتها منظمة Artist Rights Alliance، بيلي أيليش، ونيكي ميناج، وسموكي روبنسون، وكيتي بيري، ونورا جونز، وكاميلا كابيلو، وورثة كل من بوب مارلي وفرانك سيناترا.

ودعا الموقّعون المنصّات الموسيقية الرقمية وخدمات الموسيقى، إلى الالتزام بعدم تطوير أو نشر أي تكنولوجيا أو محتوى أو أدوات ابتكار موسيقي تستند إلى الذكاء الاصطناعي، والتي تحلّ محل الفن البشري الذي يبتكره كتّاب الأغاني والفنانون.

ورأى الموقعون على الرسالة أنّ الذكاء الاصطناعي يحمل "إمكانات هائلة لتعزيز الابتكار البشري"، لكنّهم اشتكوا من أنّ "عددًا من أهم وأكبر الشركات يستخدم أعمالنا من دون الحصول على موافقتنا لتطوير نماذج للذكاء الاصطناعي".

وتتناغم هذه الرسالة مع دراسة فرنسية ألمانية مشتركة كشفت أن 71% من العاملين في مجال الموسيقى يعتقدون بأن الذكاء الاصطناعي سيحرمهم من دخلهم ويهدد مستقبلهم.

دعا أكثر من 200 فنان شهير إلى حماية أكثر جدّية للأعمال الفنية وحقوق المؤلفين في ظلّ التهديدات التي ينطوي عليها الذكاء الاصطناعي

هل يهدّد الذكاء الاصطناعي الموسيقى؟

بالنسبة إلى الناقد الفني أمجد جمال، فإنّ الذكاء الاصطناعي شأنه شأن أي تقنية جديدة في عالم التكنولوجيا الرقمية له آثار إيجابية وآثار سلبية أو فيها بعض الفوضى والتجاوزات.

لكن جمال يعتبر في حديث سابق إلى "العربي 2"، ضمن برنامج "ضفاف"، أنّ هذا الأمر "مفهوم"، مميّزًا في هذا السياق بين ما يصفها بالمخاوف "المشروعة"، وتلك "المُبالَغ بها".

ويوضح أن تقنية الذكاء الاصطناعي وتحديدًا تبديل الأصوات بشكل مستعار بين المطربين هي ظاهرة موجودة منذ نحو عام بشكل مكثف على المنصّات الإلكترونية.

ويقول: "سمعنا أغاني شادية بصوت نانسي عجرم أو أغاني عبد الحليم حافظ بصوت بوب مارلي مثلاً، لكننا لم نتوقف عند هذه الأغنيات، باعتبارها مجرد لعبة أو مزحة".

ويضيف: "لم تتحول بالفعل إلى تيار عام، كما أننا لم تدخل سباقات الأغاني فعليًا، حيث لم نرَ أغنية مخلّقة بالذكاء الاصطناعي وصلت إلى الـTop 10" مثلاً.

ويشدّد على أنّ الموضوع حتى الآن لا يزال في حيز التجريب أو الدعابات أو اللعبة، "ولم نصل لمرحلة نستطيع أن نقول إن هناك أغاني تصنعها الآلة تهدّد فعليًا الفنانين وصُنّاع الأغاني".

كيف "تستفيد" الموسيقى من الذكاء الاصطناعي؟

في المقابل، ثمّة من يتحدّث عن "فوائد" يمكن أن تحصدها الموسيقى من الذكاء الاصطناعي، القادر في مكان ما على احتكار الإنسان للفن والابتكار.

في هذا السياق مثلاً، تمّ كشف النقاب أخيرًا عن روبوت موسيقي حمل اسم "ألتير فور"، يتحوّل معه برنامج "تشات جي بي تي" إلى كاتب موسيقي، فيما يتولى روبوت قائم على الذكاء الاصطناعي الغناء.

وقد وقف هذا الروبوت بالفعل على أحد مسارح العاصمة الفرنسية باريس، حيث حرّك عينيه وارتجل أغنيات، بمرافقة فريق من نحو أربعين موسيقيًا من أوركسترا "أباسيوناتو" الفرنسية، وجوقة بوذية يابانية آتية من جبل كويا.

والأهم هو أنّ هذا الروبوت قادر على ارتجال كلمات يغنّيها في العرض، بالتزامن مع ما تؤدّيه جوقة الرهبان.

وفي هذا السياق، يقول الناقد الفني أمجد جمال إنّ الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مساعدة في التأليف الموسيقي لأنه قادر على إمداد المؤلف الموسيقي أو الملحن ببعض الأدوات لتآلف النغمات وتتابع النغمات وأيضًا اختراع ألحان.

لكنه يشير إلى أنّ كل ذلك لا يزال في سياق غير معقد وقائم على المحاكاة والتقليد للنماذج المشهورة، وهو لم يصل للدرجة الكافية أن ينافس المؤلف الموسيقي البشري بالشكل المعقّد، بحيث يكون قادرًا على ابتكار نغمات تثير الإعجاب.

ويخلص إلى أنّ صناعة الموسيقى استفادت حتى الآن أكثر مما تضررت من الذكاء الاصطناعي، لافتًا إلى فوائد تشمل هندسة الأصوات وترميم الأغنيات القديمة التي كانت مسجلة بتقنيات المونو مثلاً حيث كانت الأصوات فيها متداخلة بشكل مزعج بعض الشيء.

ويقول إنّ الذكاء الاصطناعي ساعد في إعادة ترميم هذه الأغاني صوتيًا بشكل يجعلها مثل الأغاني الحديثة من ناحية التقنية والجودة الصوتية. كما يتحدّث عن فوائد ظهرت أيضًا في مجال صناعة الكليبات المصوّرة دون الحاجة لتكاليف تصوير باهظة.

ويخلص إلى أنّ الأضرار ما زالت في سياق اللعب وليست في سياق المنافسة والتهديد الحقيقي.

المصادر:
العربي
شارك القصة