Skip to main content

إسرائيل تعزز سيطرتها على الغاز المصري.. كيف سيتأثر الصراع في المنطقة؟

الأربعاء 5 أكتوبر 2022

عمدت شركة "نيومد" الإسرائيلية عبر خطوة مثيرة للجدل إلى امتلاك أصول شركة "كابريكون إينيرجي" البريطانية في قطاع النفط والغاز بمصر، وذلك بالاستحواذ على أكثر من 90% من أسهمها.

دفعت هذه الخطوة المشككين بنوايا إسرائيل إلى الإيمان أن ذلك يعني التمهيد لتوسيع أواصر العلاقات في قطاع الطاقة بين مصر وإسرائيل، كما يحب الإعلام وصفها، أو بالمعنى الأصح سحب السيادة الفعلية على القطاع.

وهذا الأمر أيضًا لا يخفيه مديرو المؤسسة الإسرائيلية العملاقة حين يقول كبير رؤسائها: "إن عملية الاندماج مع الشركة البريطانية ستعزز مكانة نيومد بصفتها موردًا محتملًا للغاز في أوروبا". 

بل أنه أشار بوضوح إلى نيتهم التوسع أكثر والانطلاق نحو ما وصفها "خيارات لمواصلة تطوير حقل ليفياثان" القابع شرقي البحر المتوسط قبالة سواحل مدينة حيفا.

توظيف الطاقة الإسرائيلية

وتدرك إسرائيل أيضًا ما يحدث، فهيمنة الطاقة وإستراتيجيتها هذه الأيام يتم توظيفها من جانب الولايات المتحدة بخطى حثيثة، بخاصة وأن واشنطن تحاول كسر نفوذ الغاز الروسي، "سلاح موسكو الفتاك"، ومحاولة جعلها (إسرائيل) مصدرًا وحيدًا للغاز في المنطقة مع تقويض مصدّري الغاز الآخرين القريبين لروسيا إيران وتركيا.

وليس غريبًا أن واشنطن ضغطت لإنجاز اتفاق ملف ترسيم الحدود مع لبنان. وهو اتفاق قد لا يحصل لبنان فيه على كل ما يريده منه، لكنه يعني ضخ الغاز باتجاه أوروبا. 

ويدفع هذا إسرائيل على الدوام إلى الاعتراض على كل الأنشطة المرتبطة بالتنقيب عن الغاز من سواها في البحر المتوسط تحديدًا التركية، وآخرها توقيع أنقرة مع حكومة الوحدة الوطنية الليبية اتفاقًا بشأن التنقيب عن النفط والغاز. وهو اتفاق سيوسع ساحة الصراع أكثر ويسخن مياه المتوسط.   

مصر مركز إقليمي لإسالة الغاز

وحول الفوائد التي ستجنيها القاهرة من الاستحواذ، يشير الخبير الاقتصادي علاء عبد الحليم إلى أن إسرائيل ستستحوذ على حصة الشريك الأجنبي وبالتالي فذلك لن يؤثر على مصر.

لكنه رأى في حديثه إلى "العربي" من القاهرة، أن ما يهم مصر هو التحول إلى مركز إقليمي لإسالة الغاز حيث كان لمصر الأسبقية من خلال محطتين للإسالة في دمياط وهو ما أعطى مصر الأفضلية أن تتم إسالة الغاز القادم من المناطق المجاورة قبل أن يصدّر. 

ونفى أن يكون لإسرائيل دور كبير يجعلها تسيطر على الغاز المصري حيث تقوم بإدارة محطات الإسالة وتستخرج الغاز المصري من حقول الصحراء الغربية، مشيرًا إلى أن لمصر اليد الطولى في إدارة القطاع وتسييره وأن إدارة الشركات تخضع لسلطة الهيئة العامة للبترول. 

إسرائيل تعزز موقعها

ومن جهته، يعتبر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر علي باكير أن كل غاز شرق المتوسط ليس بإمكانه أن يكون بديلًا عن الغاز الروسي.

ويوضح في حديثه إلى "العربي"، من الدوحة، أن كل ما يستطيع فعله أن "يسهم في تنويع واردات أوروبا من الغاز ويخفف من الضغط الذي تمارسه موسكو من خلال تقليل نسبة صادرات موسكو". 

ويؤكد باكير أن الجانب الإسرائيلي يعزز من موقعه ودوره في شرق البحر المتوسط، فهو له اليد العليا في استخراج وتصدير الغاز، لافتًا إلى توقيع الجانب الأوروبي اتفاقيات مع إسرائيل تمكنها من زيادة إنتاجها من الغاز وتصديره إلى أوروبا.

وقال: "إن إسرائيل رفعت إنتاجها من الغاز حوالي 20% العام الماضي ومن المنتظر أن يرتفع أكثر بعد الاتفاق مع لبنان على حقل كاريش". 

ويلفت باكير إلى أن الجانب الإسرائيلي يسيطر أيضًا من خلال امتلاكه حصصًا في أسواق أخرى من بينها مصر، وأيضًا من خلال الاتفاقات البحرية التي تتم. 

بعد جيوسياسي لملف الغاز

ومن جهته، يرى أستاذ العلوم الاقتصادية في الجامعة الأميركية نصر عبد الكريم أنه ما زالت أمام إسرائيل أشواط كبيرة لتصبح من اللاعبين الكبار في سوق الغاز.

ويقول في حديث إلى "العربي" من رام الله: "إن السيطرة على سوق الغاز ليس بالأمر السهل ولا سيما بوجود أقطاب مثل تركيا وإيران ومصر واليونان وقبرص".

ويعتبر أن إسرائيل تعزز من إنتاجها من الغاز، لكنه رأى أن ذلك يعطى تموضع لإسرائيل، مشيرًا إلى أن البعد الجيوسياسي الإستراتيجي هو الأهم بالنسبة للفلسطينيين.

وتساءل عبد الكريم عن حق الفلسطينيين في النفط والغاز، لافتًا إلى أن إعطاء صبغة شرعية لتصدير إسرائيل للنفط والغاز قد يتيح لإسرائيل الاستيلاء على موارد فلسطينيين من دون حساب. 

المصادر:
العربي
شارك القصة