اجتماع رباعي لمناقشة الملف السوري.. كيف تنظر أنقرة إلى دور طهران؟
أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أن موسكو ستحتضن الأسبوع المقبل اجتماعًا رباعيًا بين تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري، تمهيدًا لعقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية.
وخلال مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أكد أوغلو نية بلاده حضور الاجتماع الذي تحضره إيران أيضًا، مشيًرا إلى أن مؤتمر أستانا هو الصيغة الوحيدة الباقية للتوصل إلى حل في سوريا، على حد تعبيره.
وأشار تشاووش أوغلو إلى أن تركيا وروسيا وسوريا عقدت اجتماعًا ثلاثيًا على مستوى وزراء الدفاع (في ديسمبر/ كانون الأول 2022) وأن عبد اللهيان عبر عن رغبة إيران في الانضمام إلى هذا المسار.
وفيما قال إن الإجراءات مستمرة بشأن اجتماع وزراء خارجية البلدان المعنية، أضاف: "نخطط لعقد الاجتماع بصيغة رباعية، وقد عرض الروس عقد اجتماع فني الأسبوع المقبل من أجل التحضير لاجتماع وزراء الخارجية المحتمل".
وكشف أوغلو أنه سيرسل نائبه إلى موسكو للمشاركة في الاجتماع التمهيدي الذي سيحضره الجانب الإيراني أيضًا.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أن العلاقة مع أنقرة علاقة شراكة أكثر من كونها علاقة تنافس إقليمي، مؤكدًا أن بلاده تدعم التقارب التركي السوري.
وأضاف أن "طهران تعتبر أمن تركيا جزءًا من أمنها القومي".
وفي سياق آخر، أفاد عبد اللهيان بأن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يعتزم زيارة أنقرة قريبًا، مبينًا أن هذه الزيارة ستنقل علاقات البلدين إلى مرحلة جديدة، بحسب تعبيره.
كيف تنظر أنقرة إلى مشاركة طهران؟
وفي هذا الإطار، يوضح الباحث في مركز "أورسام" للدراسات أويتون أورخان، أن عملية تطبيع العلاقات أو الحوار بين أنقرة ونظام دمشق بدأ بين ثلاث دول وهي تركيا وروسيا وسوريا، مشيرًا إلى أن موسكو هي التي توسطت بين أنقرة والنظام للوصول إلى حل في النزاع السوري.
وفي حديث لـ"العربي" من أنقرة، يضيف أورخان أن من أسباب تأخر اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث، هو المطلب الإيراني بالانضمام إلى هذه المفاوضات، مشيرًا إلى أن تركيا في بداية الأمر لم تتعاط بإيجابية مع مشاركة إيران في هذه العملية، لأنها كانت تعتقد أنها ستصبح أضعف في مواجهة طهران وموسكو معًا، وفضلت اللقاء مباشرة مع نظام دمشق.
ويردف أن تركيا رحبت بعد ذلك بدخول الإيرانيين على الخط، لأن بين البلدين شراكة ممتازة، وأن الإيرانيين لديهم نفوذ قوي على النظام ويمكنهم ممارسة ضغوط عليه، مشيرًا إلى أن روسيا طلبت أيضًا من الجانب التركي الترحيب بالإيرانيين، على الرغم من أن تركيا ليست راضية بالكامل عن مشاركة إيران، لكنها ستقبل بدخولها.
وبشأن الصيغة المرتقبة للاجتماعات، وما إذا كانت ستقتصر فقط على تطبيع العلاقات بين أنقرة والنظام السوري، يعرب أورخان عن اعتقاده أن الاجتماعات المقبلة، ستكون تواصلًا بشكل عام أكثر من تواصل بين النظام وأنقرة بشكل خاص للتعاون بشأن الأزمة السورية.
ويردف أنه بخلاف التطبيع بين أنقرة النظام، فإن الحل السياسي ستتم مناقشته خلال الاجتماعات، مشيرًا إلى أن أهم سبب لدخول تركيا في تلك المبادرة هو العثور على حل بشأن مشكلة الإرهاب.
ويوضح أورخان أنه في حال توصلت الأطراف الأربعة إلى حل، فيمكنهم بعد ذلك التقدم إلى الأمام على أساس أن وجود القوات الأميركية في سوريا سيكون أيضًا مصدر قلق للجميع، وسيطالبون بإخلائها ودفعها للخروج من الأراضي السورية.
دخول إيران على خط اجتماع تطبيع العلاقات بين النظام وتركيا
وبشأن دخول إيران على خط اجتماع تطبيع العلاقات بين النظام السوري وتركيا، يؤكد الدبلوماسي الإيراني السابق هادي أفقهي، أن طهران كانت حاضرة بقوة في محادثات أستانا وغيرها منذ بداية الأزمة السورية، مشيرًا إلى مشاورات بين الروس والإيرانيين في المبادرة الأخيرة الروسية وبين الأتراك والإيرانيين من جهة أخرى، حول ما إذا كان هناك ضرورة لمشاركة إيران أم لا.
وفي حديث لـ"العربي" من العاصمة الإيرانية طهران، يرى أفقهي أنه عندما تكون إيران أحد الأعمدة الثلاثة في محادثات أستانا في أكثر من سبع جولات، فإن التقارب التركي الإيراني من جهة والتقارب السوري الإيراني من جهة أخرى يحفز على مشاركة ودعوة إيران، لأن العلاقات الجيدة بين إيران والنظام السوري تستطيع أن تفتح مجالات وفرصًا أكبر لتقريب وجهات النظر بين الآراء التركية والسورية، بالرغم من أنه ما زال هناك عقبات، وشروط يضعها كل من الطرفين.
وفيما يشير إلى أن إيران ليست لها أي مطالب في سوريا تقلق تركيا، يرى أن المشاركة المتطورة والصاعدة والتبادل التجاري بين إيران وتركيا يدلل على أن هناك انسيابية في التعاون في كل المجالات، لافتًا أن طهران مصرة على أن تتم هذه المصالحة بشكل أسرع.
وفي ديسمبر الماضي، عُقد في موسكو اجتماع ضمّ وزيري الدفاع الروسي والتركي ووزير دفاع النظام السوري.
وهذا أول لقاء رسمي يعقد على مستوى وزاري بين تركيا والنظام السوري منذ اندلاع الثورة السورية في 2011 التي حوّلها النظام إلى حرب، وما نجم عن ذلك من توتر للعلاقات بين الجارتين.
وفي الآونة الأخيرة، لم يستبعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إمكانية الاجتماع بالأسد شخصيًا.
وفي منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي أعلن أردوغان أنه يمكن أن يلتقي رئيس النظام السوري بشار الأسد بعد اجتماعات على مستوى وزيري الدفاع ثم الخارجية.