Skip to main content

الرئيس التونسي يحلّ جميع المجالس البلدية.. ما أهداف وتبعات هذه الخطوة؟

الجمعة 10 مارس 2023

ينسجم حلّ المجالس البلدية المنتخبة مع نهج الرئيس التونسي قيس سعيّد في تفكيك مؤسسات دستور الجمهورية الثانية، فليس قرار الحلّ مؤشرًا بالضرورة على دكتاتورية ناشئة، لكن إحلال مجالس معينة دون أفق زمني وإجرائي للانتخابات البلدية، قد يتجاوز وفق خبراء تفكيك المؤسسات، فيصير الأمر تفكيكًا للديمقراطية، بحسب مراسل "العربي".

وكان سعيّد قد أصدر مرسومًا رئاسيًا يقضي بحلّ جميع المجالس البلدية المنتخبة في البلاد، وإيكال تسييرها إلى الكتاب العامين للبلديات، ريثما يتم تعيين مجالس جديدة.

وفي حديث لـ"العربي"، قال القيادي في جبهة الخلاص الوطني رياض الشعيبي: إن "قرار الرئيس غير دستوري"، كما حذر خبراء من أن يؤدي القرار إلى إنهاء تجربة الحكم المحلي اللامركزي التي عرفتها البلاد بعد الثورة.

في غضون ذلك، ستكون المجالس المنصبة بدل تلك المنتخبة أداة إضافية بيد رئيس واسع الصلاحيات، يقول الخبراء، فذلك حدث مع البرلمان حين فقد بموجب الدستور الحالي كل صلاحياته الرقابية والتشريعية التي صارت بيد الرئيس. 

ووفقًا لمراسل "العربي"، فإن حدوث مثل ذلك مع المجالس البلدية مؤذن بإنهاء دور وتجربة السلطة المحلية في البلاد، وبتحول هذه المجالس إلى مربعات محاصصة بين مؤيدي الرئيس وامتداد لمشروعه السياسي، فرضية يقلل داعموه من شأنها.

ويقول عضو المكتب السياسي لحركة الشعب المنصف بوزازي: "لا نرى أن هذه الخطوة هي محاولة لوضع اليد من قبل قيس سعيّد على مفاصل السلطة المحلية، باعتبار كون مدى اشتغال النيابات الخصوصية محدودًا في الزمن، هي نيابة وخصوصية تسييرية مؤقتة إلى حين وضع الأسس الدستورية والقانونية وإنجاز الانتخابات".

وكانت تجربة النيابات الخصوصية في أولى سنوات الانتقال الديمقراطي محل توافق سياسي ووطني واسع، وترجمة للتعددية الحزبية والمدنية والأيديولوجية في البلاد في مناخ من الانفتاح الإعلامي والحقوقي.

أما المناخ الحالي فيبدو مختلفًا حد التناقض مع ما ساد في سنوات الثورة الأولى، وهو ما يجعل استعادة هذا الشكل من السلطة المحلية علامة تراجع لا مؤشر ارتقاء.

ما هي أهداف الرئيس التونسي؟

وفي هذا الإطار، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة تونس شكري خميرة أن إجراء سعيّد الأخير هو حلقة جديدة من حلقات مرحلة ما وصفها بالانقلاب التي دخلت فيها البلاد منذ 25 يوليو/ تموز 2021، والتي كانت تؤسس لافتكاك رئيس الجمهورية لجميع السلطات، ووضعها تحت يده من السلطة التشريعية إلى التنفيذية إلى القضائية أخيرًا إلى السلطات المحلية.

وفي حديث لـ"العربي" من العاصمة تونس، يوضح أن "سعيّد ماض في تأسيس نظام استبدادي ينفرد فيه بجميع السلطات بدون رقابة"، مشيرًا إلى أن الرئيس التونسي يؤسس للحكم بدون قواعد والدليل على ذلك هي الإجراءات التي اتخذها للتخلص من الترسانة القانونية القديمة، من خلال التخلص من الدستور والبرلمان ومن الهيئات الدستورية، كما أنه وضع دستورًا بنفسه بشكل فردي.

ويضيف خميرة أن الرئيس التونسي وصل الآن إلى مرحلة غريبة ستدخل الدولة في منطقة اللاقانون، فهو يسير الدولة بمراسيم كأن البلاد في مرحلة الأحكام العرفية، مضيفًا أن السؤال الذي يطرحه رجال القانون كيف لمرحلة الاستثناء التي تعيشها البلاد حاليًا أن تقوم بتأسيس قواعد لديمومة الدولة؟

وفيما يشير إلى أن القوى المعارضة دخلت منذ أشهر في مرحلة لتكثيف التنسيق فيما بينها من أجل التصدي للانقلاب، من خلال محاولة تحريك الشارع، لفت إلى أن مشكلة الحراك السياسي، التي يواجهها هذا الحراك هي عدم التحامه ببعضه البعض حتى الآن.

وفي فبراير/ شباط الماضي دعا رئيس الجامعة الوطنية للبلديات (تجمع رؤساء البلديات) عدنان بوعصيدة، إلى "إجراء الانتخابات البلدية في موعدها (النصف الأول من 2023) وعدم تعديل القانون الانتخابي بشكل يفرغه من أهم المكتسبات المحققة".

وذكر بوعصيدة حينها: "بحسب قانون الجماعات المحلية (البلديات) وقوانين الانتخابات، فإنه من المفترض أن يتم الإعلان عن موعد الانتخابات قبل يوم 12 مارس (آذار) القادم".

وفي 17 ديسمبر/ كانون الأول 2022 و29 يناير/ كانون الثاني 2023، أُجريت في تونس انتخابات تشريعية مبكرة على دورين، بلغت نسبة المشاركة فيهما على التوالي: 11.2 و11.4%، وهو ما اعتبرته القوى السياسية المعارضة "فشلًا" ودعت إلى انتخابات رئاسية مبكرة.

المصادر:
العربي
شارك القصة