Skip to main content

الكشف عن مقبرة جماعية لجنود مصريين.. ماذا عن التوقيت وجدية تحقيق إسرائيل؟

الإثنين 11 يوليو 2022

تلقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالًا هاتفيًا من رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، جرى خلاله الحديث عن ملف ارتكاب محرقة بحق جنود مصريين في حرب عام 1967 بعد حديث عن العثور على مقبرة جماعية، على ما أفادت الرئاسة المصرية.

وأشارت الرئاسة إلى أنه تم التوافق خلال الاتصال على فتح السلطات الإسرائيلية تحقيقًا كاملًا وشفافًا.

"تقصي حقيقة ما يتم تداوله"

بدورها، أشارت الخارجية المصرية في بيان إلى أنه تم تكليف سفارتها في تل أبيب بالتواصل مع السلطات الإسرائيلية لتقصي حقيقة ما يتم تداوله إعلاميًا، والمطالبة بتحقيق لاستيضاح مدى مصداقية هذه المعلومات، ومطالبة إسرائيل بإفادة السلطات المصرية بشكل عاجل بالتفاصيل ذات الصلة.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد كشفت يوم الجمعة، النقاب عن محرقة جماعية ارتُكبت بحق جنود من الصاعقة المصرية في منطقة اللطرون.

وفي التفاصيل التي كُشف عنها، أن 20 جنديًا مصريًا أُحرقوا أحياء ودفنوا في مقبرة جماعية مقام عليها الآن حديقة عامة في إسرائيل.

"عوامل سياسية ودبلوماسية"

وفي هذا الإطار، يعتبر الباحث المتخصص بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، أن العامل الرئيس في الكشف عن هذه المجزرة هو مرور السنوات، الذي يسمح القانون الإسرائيلي - بمرورها - بالكشف عما يسمى بالعمليات الأمنية السرية، التي قام بارتكابها الجيش الإسرائيلي أو المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشكل عام.

ويوضح في حديثه إلى "العربي" من حيفا، أن "هناك عوامل أخرى على ما يبدو، أدت أيضًا إلى هذا الكشف"، مذكرًا بـ" تحدي الأرشفة الصهوينية في ما يتعلق بالكشف عن المذابح وعمليات النهب والسرقات؛ والتي لا تزال تخضع إلى قوانين صارمة للغاية، في ما يتعلق بقانون الكشف عن المواد السرية".

ويشير إلى أن السؤال يبقى حول ماهية هذه العوامل، التي دفعت ربما إسرائيل إلى الكشف عن هذه المجزرة.

ويعرب عن اعتقاده بوجود عوامل سياسية ودبلوماسية تقف الآن وراء الكشف عن هذه المذبحة، مرتبطة بما يسمى في القاموس السياسي الإسرائيلي وربما الإقليمي بتحسين علاقات إسرائيل الإقليمية، التي ستأخذ ربما دفعة إلى الأمام الآن مع الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي جو بايدن إلى الشرق الأوسط، والتي تشمل إسرائيل والسعودية، والمشاركة في مؤتمر تحضره دول الخليج وأيضًا دول عربية أخرى بما في ذلك مصر.

وبينما يلفت إلى أن كل هذا يبقى بمثابة تخمينات أو توقعات، يقول إن الأيام القليلة المقبلة ربما تكون كفيلة بأن توفر لنا إجابات شافية عن الأسباب الحقيقة التي تقف وراء مثل هذا الكشف. 

"رأس جبل الجليد"

بدوره، يوضح الكاتب المتخصص بالعلاقات الدولية نبيل نجم الدين، أن ما يتم الحديث عنه اليوم يؤكد حقيقة تاريخية مفادها أن هذه الدولة العنصرية، إسرائيل، ارتكبت جرائم حرب كاملة الأركان، ضد الجنود في مصر وسوريا ولبنان والأردن.

ويرى في حديثه إلى "العربي" من القاهرة، أن ما ظهر من خلال الصحافة الإسرائيلية هو رأس جبل الجليد من جرائم إسرائيل.

ويذكر بأن "إسرائيل واليهود ابتزوا ألمانيا والعالم بما قالوا إنها المحرقة"، معربًا عن اعتقاده بأن "الإدارة السياسية في مصر، الحكومة والشعب المصري، سيبدأون في ملف كشف كل جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل ضد الجيش المصري في يونيو 1967، وسنأخذ إسرائيل إلى محكمة العدل ومحكمة جرائم الحرب الدولية أيضًا، لأن ما قامت به هذه الدولة هو إجرام يتعارض مع قوانين الحرب".

ويعتبر أن"الإدارة السياسية، والحكومة في القاهرة والقيادة السياسية لا تتعامل بالعواطف". ويرى أن تكليف الخارجية المصرية السفارة في إسرائيل، وحديث الرئيس السيسي مع لابيد عن أن مصر تريد توضيحًا مكتوبًا عما قالته الصحيفة، هو "الخطوة الأولى".

"رفض تعاون مع الجنائية الدولية"

من ناحيتها، تشير المحامية المتخصصة بالقانون الجنائي الدولي ديالا شحادة، إلى أن المقابر الجماعية التي لا يكون ثمة بيانات واضحة للأشخاص المدفونين فيها هي بمثابة جريمة إخفاء قسري لهم.

وتوضح في حديثها إلى "العربي" من بيروت، أن نوع جريمة الإخفاء القسري هو من الجرائم المستمرة، التي لا يمر عليها الزمن.

وترى أن وجود مقبرة جماعية كُشف عنها للمرة الأولى اليوم ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي ترعاها الحكومة الإسرائيلية، إنما هو دليل على جريمة مخالفة للقواعد الدولية ولقوانين الحرب، ارتكبتها الحكومة أو الأشخاص الذين كانوا يشرفون على هذه العملية في تاريخها، أي عام 1967، وأيضًا جميع الحكومات المتعاقبة التي قبلت باستمرار هذه الجريمة وباستمرار الإخفاء القسري لمصير هؤلاء الجنود عن أهاليهم، أو على الأقل عن الحكومة المصرية.

وفيما تلفت إلى حديث الحكومة الإسرائيلية عن أنها ستكشف عن معلومات بشأن هذه المقبرة، تقول: "هذا ما أعتقد أنه لن يحصل، لأننا رأينا رفض الحكومة عينها التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، في ما يتعلق بالتحقيقات في الجرائم الحاصلة بفلسطين، في غزة ورام الله. ولا أرى أي سبب لكي تغيّر هذه الحكومة من موقفها". 

المصادر:
العربي
شارك القصة