Skip to main content

المبادرة الأردنية حول سوريا.. كيف ستتلقفها الولايات المتحدة؟

الجمعة 23 يوليو 2021

يسعى العاهل الأردني في الخارج لفتح السبل نحو عودة الأسد إلى المحافل الرسمية ورسم خارطة طريق تعيد سوريا إلى الحصن العربي. 

ويقول الملك الأردني عبد الله الثاني من واشنطن: "إن التوصل إلى حلول لمساعدة سوريا سيساعد المنطقة بأكملها والأردن على وجه الخصوص"، مضيفًا أن بلاده تسعى إلى تقديم حلول للأزمة السورية بالتعاون مع دول عربية وأجنبية لعودة سوريا إلى الحضن العربي.

وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن الملك عبدالله اقترح على بايدن أثناء لقائهما أن تتفق مجموعة دول مؤلفة من الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل والأردن ودول أخرى على خارطة طريق لاستعادة السيادة والوحدة في الأراضي السورية.

ويُرجى من ذلك إستعادة الوحدة السورية، بحسب الصحيفة. ويتطلب ذلك التعاون مع رأس النظام السوري بشار الأسد. لكن الصحيفة نفسها تؤكد أن بايدن لم يبد أي إلتزام. 

ليس ذاك سوى شق من الحضن العربي المشروخ، يكابد جراحه من البحر إلى المحيط، مدفوعًا بطاقة إقتصادية أردنية، وقد أغلقت دونه بوابتان تجاريتان منذ سنوات مع العراق وسوريا تمثلان 31% من وارداته ونحو 11% من صادراته، وفق إحصاءات رسمية. 

تسليط قانون قيصر على النظام السوري لم يؤلم الأسد ومؤيديه وحدهم كما أرادت أميركا بل بلغت آثاره كثيرًا من دول الجوار ولا سيما الأردن الذي يصنّف سوريا خامس أكبر شريك تجاري له.

واهتز اقتصاد الأردن بكلفة 20 مليار دولار لحمل عبء نحو مليون ونصف مليون لاجىء سوري فرضتهم أزمة البلاد، ويضافون إلى مخيمات عراقية وفلسطينية استقبلها الأردن منذ عقود. 

إذن يملك الأردن أسباب السير نحو المبادرة للإلقاء بها في البيت الأبيض، وكان غيره بادر إلى فتح سفارته في دمشق منذ سنوات كدولة الإمارات. وكشفت صحيفة "الغارديان" قبل نحو شهرين عن عودة قريبة للعلاقات السورية السعودية، ولم تنف الرياض ذلك. 

يُضاف إلى ذلك التأييد العراقي والمصري، ولكل منهما أسبابه الخاصة، وتشد عليهما روسيا، وقد كانت سوريا مسرحًا لتجربة أسلحتها، لكن على طاولة اللقاء الأوحد بين بوتين وبايدن برز تفاهم بشأن سوريا، وقد جرى التمديد لفتح معبر باب الهوى الخلافي لإدخال المساعدات الإنسانية.

قد يؤيد كثيرون الأخذ بيد سوريا إلى محيطها العربي، لكن الخلل في نظر غالبيتهم أن تلامس يد المجتمع الدولي يدًا مضرجة بدماء السوريين وأن يبايع بتلك العودة من جرى التعهد بإخراجه من معادلة الحكم وإسقاط الألقاب الشرعية عنه. 

لماذا قدّم الأردن هذه المبادرة؟

يوضح النائب في البرلمان الأردني، عمر عياصرة أن الأردن يتحدث باسم المنطقة في مبادرته حول سوريا.

ويقول في حديث إلى "العربي" من عمان: "إن المنطقة ترى اليوم أن الخشونة الأميركية التي سادت في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب تجاه الملف السوري يجب أن تنتهي". ويعتبر أن إدارة بايدن تعطي أفقًا وأملًا في ذلك. ويضيف: "إن المنطقة ترى أن الثورة السورية، بمعنى الأزمة في سوريا، قد انتهت ولا يمكن الحديث عن الحسم العسكري".

ويرى عياصرة أن الجميع "متفقون على أن الحل هو سياسي وإعادة تأهيل النظام السوري ضمن معطى المنطقة هو هدف لبعض الدول في المنطقة وللأردن، فسوريا بلد حدودي تأثر بالحصار الإقتصادي الذي فرضه قانون قيصر". ويقول عياصرة: "صوت ملك الأردن يُسمع في البيت الأبيض". 

وحول تزامن المبادرة مع ممارسات النظام السوري واستهدافه للمدنيين والذي قد يعكس تغير الموقف الأردني، يؤكد العياصرة أن موقف الأردن تجاه الحل السياسي لم يتغير. 

"واشنطن لا تريد التطبيع مع نظام الأسد"

وحول صمت الإدارة الأميركية تجاة المبادرة، يوضح أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية والمسؤول السابق في وزارة الخارجية ويليام لورانس أن إدارة بايدن قالت إنها تعيد تقييم سياستها إزاء سوريا وليس لديها ما تعلن عنه في هذا الوقت.

ويقول في حديث إلى "العربي" من واشنطن: "إن الإدارة الأميركية بعثت بإشارة إلى حلفائها العرب بأن لا مشكلة لديها مع التقارب مع دمشق طالما أن الولايات المتحدة لا تتأثر بذلك، ولا سيما بالعقوبات مثلًا". 

ويؤكد لورانس أن أميركا تود أن تمنح الأفضلية للعملية السياسية، لكنّها لا تود التطبيع مع نظام الأسد الذي ارتكب إبادات جماعية، والذي يترك الملايين يعانون نقص الإمداد. 

ويعتبر لورانس أنّ على دول الإقليم تبادل المعلومات الاستخبراتية مع نظام الأسد وضبط الحدود، لكنّه لا يعتقد أن الولايات المتحدة ستسلك هذا المنحى. ويضيف: "ربما لا نشهد سوى تعديل بسيط في التشريعات المتعلقة بالعقوبات فقط". 

سياسة بايدن تجاه الشرق الأوسط

من جهته، يؤكد الباحث في المركز العربي في واشنطن، رضوان زيادة على "دور العاهل الأردني المهم والعلاقة المميزة مع البيت الأبيض". لكنّه يعتبر أن ما قدّمه ملك الأردن ليس مبادرة. 

ويقول في حديث إلى "العربي" من واشنطن: "لا أعتقد أن الأردن يملك الإمكانيات والموارد ليقدم مبادرة حل لأزمة بتعقيدات الأزمة السورية، ولا سيما أن دولتين عظمتين كالولايات المتحدة الأميركية وروسيا تدخلان على خطها". 

وينفي أن يكون للأردن تأثير على النظام السوري أو حتى على المعارضة في سوريا. ويضيف زيادة: "إن موقف بايدن في هذا الإطار محسوم بإشارة ما قاله بعد لقائه بوتين بأنه لا يمكن إعادة تأهيل نظام الأسد بعدما ارتكب جرائم بأسلحة كيميائية". 

كما يعتبر زيادة أن سياسة بايدن قائمة على عدم الإنخراط في الشرق الأوسط. ويقول: "لا أعتقد أن لدى إدارة بايدن الرغبة  في الانخراط في أي عملية في سوريا ولاسيما وأنها تعتقد أن ذلك يكلّفها الكثير من الوقت والجهد، فيما تنحصر أولويات بايدن في الموضوع السوري بالملف الإنساني". 

المصادر:
العربي
شارك القصة