Skip to main content

المنصف المرزوقي لـ"العربي": الاستفتاء المنتظر سيعمق الأزمة في تونس

الأحد 24 يوليو 2022

اعتبر الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي أن المشاركة في الاستفتاء على الدستور هي عملية عبثية، لا يتوفر فيها الحد الأدنى من الشروط لكي تحتسب الأصوات.

وأضاف في حديث لـ"العربي"، أنه سينصح الناس بالتصويت بـ"لا" في الاستفتاء الدستوري، شريطة توفر كل الشروط، وأن يحتسب هذا الصوت، مشيرًا إلى أن نية التزوير في الاستفتاء كانت واضحة منذ البداية. وتساءل: "إلى من سيحتكم التونسيون في حال حدوث تجاوزات، بعد أن استولى الرئيس التونسي قيس سعيّد على القضاء".

وكان الرئيس التونسي الأسبق دعا الشعب التونسي الخميس إلى مقاطعة الاستفتاء المزمع تنظيمه على الدستور يوم 25 يوليو/ تموز الجاري رفضًا للحكم الفردي.

وانتهت في منتصف ليلة السبت الحملة الدعائية للاستفتاء الشعبي على مشروع الدستور الجديد، وسط فتور في المشاركة وترقّبٍ لما ستؤول إليه الأوضاع بعد استحقاق الإثنين.

وينطلق الاستفتاء داخل تونس الساعة السادسة من صباح الإثنين (07:00 توقيت غرينتش) وحتى الساعة العاشرة ليلًا (11:00 ت.غ).

أما في خارج البلاد، فيُجرى الاستفتاء أيام 23 و24 و25 يوليو الجاري من الساعة الثامنة صباحًا حتى السادسة مساء حسب توقيت دول إقامة الناخبين.

"صراع سرديات"

وقال المرزوقي: إن "تونس تمر بصراع سرديات". وأشار إلى أن هناك سردية تفيد بأن "السنوات العشر الماضية كانت مظلمة وأن المسؤول عنها هو الثورة"، بينما الحقيقة مختلفة تمامًا، فالثلاث سنوات التي كان فيها رئيسًا وكانت الثورة تحكم آنذاك، شهدت فترة الازدهار وبناء المؤسسات والتقدم الاقتصادي، بينما السنوات الأخيرة التي تحسب على الثورة المضادة هي التي قادت تونس إلى التهلكة.

وأضاف أن الحديث عن تضامن شعبي مع الرئيس التونسي لا أساس له، مشيرًا إلى خروج العشرات أو المئات من التونسيين في كل مرة يدعون فيها سعيّد إلى الاستقالة.

ولفت الرئيس التونسي الأسبق إلى أن سعيّد فقد الكثير من مناصريه خلال سنة، فيما ارتفعت أهمية المعارضة السياسية، مؤكدًا أن من سيسقط الرئيس التونسي هي ثورة الغضب في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تشهدها البلاد بالإضافة إلى الفقر وانسداد الآفاق أمام الشباب.

"مخادعة للناس ولعبة مغشوشة ومحسوبة"

من جهته، اعتبر رئيس حركة النهضة التّونسية راشد الغنوشي، السبت، أن "المشاركة في الاستفتاء "مخادعة للناس ولعبة مغشوشة ومحسوبة، والعقلاء لا يشاركون في عمل فجّ".

وفي حوار بثته صفحة قناة "الزيتونة" التونسية (خاصة)، قال الغنوشي: إن "البلاد في أسوأ حالاتها ومسار 25 يوليو/ تموز أفقدنا ما حققناه من حرية وديمقراطية ولم يمنحنا التنمية".

وأضاف: "العشرية الماضية لم تكن مزدهرة كما أنّها لم تكن ناتئة وخارجة عن السياق، بعد أن كانت تونس أيقونة في العالم"، وفق تعبيره.

وأردف: "لا ينبغي أن نتوقع خيرًا من دستور سعيّد الذي يشعر أنه مبعوث العناية الإلهية، ولو خُيرنا بين دستور مليء بالمعاني الإسلامية ودستور خالٍ منها ولكنّه ديمقراطي فنحن مع الدّيمقراطية".

وأشار رئيس حركة النهضة والبرلمان المنحل، إلى أن "المطلوب في تونس الآن هو وجود توافق اقتصادي واجتماعي لإخراج البلد من حالة الإفلاس".

وتابع: "خطاب قيس سعيّد مشروعُ حربٍ أهلية وترجمه أنصاره في الواقع بالاعتداء على خصومه السياسيين".

وتشكل الدعوة التي وجّهها الرئيس التونسي للمشاركة بالاستفتاء، جزءًا من مسار دخلته البلاد قبل عام من خلال إجراءاتٍ استثنائية بدأ سعيّد فرضها في 25 يوليو 2021، أبرزها إقالة الحكومة وتعيين أخرى، وحلّ مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.

انتكاسة للتجربة الديمقراطية

واستجابة لدعوة جبهة الخلاص الوطني المعارضة، تظاهر مئات التونسيين أمس السبت للتعبير عن رفضهم مسار الرئيس والاستفتاء، فالجبهة لا ترى أي أفق في مشروع سعيّد وتؤكد أن الاستفتاء سيكون انتكاسة للتجربة الديمقراطية.

وخلال التظاهرة، رفع المحتجون شعارات تشكك في استقلالية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي يعدونها أداة لتزوير إرادة الناخبين، مشددين على الاستمرار في التعبير عن رفضهم للمسار ككل.

وأكد أحد التونسيين أنه سيقاطع الاستفتاء على الدستور، لأنه "ليس استفتاء بل استغباء لعقول التونسيين"، فيما اعتبر تونسي آخر، أن هذه الاستفتاء "باطل".

وبين رافض ومؤيد للدستور الجديد، يقول كثيرون إن هذا الانقسام يمهد لاستمرار الأزمة السياسية في البلاد بوجه جديد إثر صدور النتائج.

ويقول الكاتب الصحافي سرحان شيخاوي: إن "الأزمات السياسية في تونس لن تتوقف في 25 يوليو، بل ستستمسر في أشكال مختلفة تمامًا كما يحدث الآن، وسنرى صراعات أخرى حول مضامين سياسية ودستورية وقانونية جديدة".

وعلى ضوء رفض الشارع، يتجه التونسيون من جديد إلى صناديق الاقتراع، مختلفين ليس حول المرشحين، ولكن حول مشروع يقول كثيرون إنه لم يكن جامعًا، بل على العكس يلقى معارضة طيف واسع من الناخبين.

المصادر:
العربي - وكالات
شارك القصة