Skip to main content

"الناس خائفون".. فيضانات جديدة تهدد إقليم السند جنوبي باكستان

الأحد 28 أغسطس 2022
خلفت فيضانات استثنائية ضربت باكستان مئات القتلى وملايين المتضررين – غيتي

يتحضر إقليم السند في جنوب باكستان لفيضانات جديدة مع خروج الأنهر من مجاريها، فيما تخطت حصيلة القتلى جراء الأمطار الموسمية الألف هذه السنة.

ويغذي نهر السند الذي يعبر في ثاني المناطق الأكثر تعدادًا للسكان في البلد، عشرات المجاري المائية الجبلية شمالًا التي فاض الكثير منها إثر تساقطات قياسية وذوبان الأنهر الجليدية.

وحذّر مسؤولون من سيول عارمة يتوقع أن تصل إلى السند في الأيام القليلة المقبلة وستفاقم سوء حال الملايين المتضررين من الفيضانات الحالية.

من جهته، قال عزيز سومرو المشرف على السد الذي يضبط المياه المتدفقة من النهر بالقرب من سوكور: "نهر السند شديد الفيضان راهنًا".

وتعدّ الأمطار الموسمية ضرورية لريّ المحاصيل وتجديد مخزون الأنهر والسدود في شبه القارة الهندية، لكنها تعيث دمارًا.

وبحسب مسؤولين، طالت الأمطار الموسمية هذه السنة أكثر من 33 مليون شخص، أي شخص واحد من كل سبعة في باكستان، مدمرة أو ملحقة أضرارًا جسيمة بحوالي مليون مسكن.

وأعلنت الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث في البلد الأحد أن حصيلة الوفيات الناجمة عن الأمطار الموسمية هذه السنة بلغت 1033، مع مقتل 119 شخصًا في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة.

وكشفت أن فيضانات هذه السنة توازي تلك التي وقعت عام 2010، وهي الأسوأ على الإطلاق، عندما لقي أكثر من ألفي شخص حتفهم وغمرت المياه حوالي خُمس البلد.

وإثر ذلك، طُلب من آلاف الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من أنهر فاضت مياهها في شمال باكستان إخلاء مناطق الخطر، في حين ما زال الجيش بمروحياته وعمّال الإغاثة يساعدون في نقل السكان.

وفاضت أنهر كثيرة في هذه المنطقة التي تستقطب السياح بجبالها ووديانها الوعرة، مدمرة عددًا كبيرًا من المباني، من بينها فندق من 150 غرفة جرفته السيول.

وكشف ناصر خان صاحب الفندق الذي تضرر بشدّة إثر الفيضانات في 2010 أنه خسر كلّ ما يملكه، وقال: إن السيول "جرفت ما تبقّى من الفندق".

إمدادات محدودة

وفي سياق متصل، يشير مسؤولو البلد إلى التغيّر المناخي الناجم عن الأنشطة البشرية باعتباره العامل خلف الفيضانات، معتبرين أن باكستان تتحمل على نحو غير منصف تداعيات ممارسات بيئية غير مسؤولة في مناطق أخرى من العالم.

وتحتل باكستان المرتبة الثامنة على قائمة مؤشر الخطر المناخي العالمي (Climate Risk Index) الذي تعده مجموعة "جرمان ووتش" (Germanwatch) غير الحكومية للبلدان الأكثر هشاشة في ظل الظواهر المناخية القصوى الناجمة عن التغير المناخي.

ويتفاقم الوضع بفعل الفساد وسوء التخطيط وانتهاك القواعد المحلية، ما أدى إلى تشييد آلاف المباني في مناطق عرضة للفيضانات الموسمية.

"كارثة هائلة"

وأعلنت الحكومة حالة الطوارئ وحشدت الجيش لمواجهة ما وصفته وزيرة التغير المناخي شيري رحمن بـ "الكارثة الهائلة".

وفي أجزاء من السند، المناطق الوحيدة التي لم تغمرها المياه بعد هي الطرقات وسكك الحديد المرتفعة التي لجأ إلى محيطها عشرات الآلاف من سكان الريف الفقراء مصطحبين مواشيهم.

وبالقرب من سوكور، يمتد صفّ من الخيم على كيلومترين. وما زال الناس يتوافدون إلى الموقع، حاملين أسرة وآنية خشبية، وهي المقتنيات الوحيدة التي تسنى لهم إنقاذها.

صف من الخيم يمتد على كيلومترين بالقرب من سوكور -غيتي

وقال الفلّاح وكيل أحمد (22 عامًا) لوكالة فرانس برس: إن "منسوب المياه في النهر بدأ يرتفع من الأمس، غامرًا البلدات، ما دفعنا إلى الفرار".

وأكّد المشرف على السدّ عزيز سومرو أن كلّ قنوات التصريف فتحت لاحتواء مياه النهر المتدفقة بمعدل يتخطى أكثر من 600 ألف متر مكعّب في الثانية.

"الناس خائفون للغاية"

وغرق البلد الآسيوي في أمطاره الموسمية، واجتاحت الفيضانات والسيول الشوارع ليتأثر أكثر من 33 مليون نازح بحسب مكتب رئيس الوزراء شهباز شريف الذي قال إن نحو 220 ألف منزل دمرت.

وأحدثت الأمطار الموسمية التي تصيب البلاد كل عام دمارًا كبيرًا لنحو مليوني فدان من المحاصيل المزروعة.

ويقول أحد المواطنين الباكستانيين: "عانينا من خسائر فادحة، فمنازلنا دمرت، وكانت هناك خسائر في الأرواح، فالفيضانات جرفت أطفال جيراننا لقد تكبدنا خسائر جمة، مشيرًا إلى أن هناك 3 إلى 6 أمتار من المياه في كل مكان.

ويشكو مواطن آخر قائلًا: إن "الناس خائفون للغاية، فالفيضانات ضربت منطقتنا أول مرة عام 2010، ويتذكر الناس تلك الفيضانات والآن الوضع هو ذاته".

ويضيف تم إجلاء الأشخاص الذين يعيشون في الجوار والمياه تتدفق بكامل طاقتها.

وإثر ذلك، قرر رئيس الوزراء إرسال جنود من الجيش لمساعدة الإدارة المدنية في إغاثة وإنقاذ آلاف المشردين، وعقد اجتماعًا مع السفراء الأجانب في إسلام آباد سعيًا للحصول على مزيد من المساعدات الدولية، لمجابهة كارثة مناخية تسببت في أخرى إنسانية.

وتعد مناشدة شريف الدولية طبيعية فجهود تدبير التمويل وإعادة الإعمار تمثل تحديًا لبلد يمر بضائقة مالية ويضطر إلى خفض الإنفاق لضمان موافقة صندوق النقد على صرف أموال مساعدات يحتاجها بشدة.

وتسجل هذه الفيضانات وسط مرحلة صعبة في باكستان إثر تدهور الاقتصاد وإطاحة رئيس الوزراء عمران خان بمذكّرة حجب ثقة في أبريل/ نيسان.

ونجت العاصمة إسلام آباد ومدينة راولبندي الكبرى المجاورة لها من هذه الكارثة الطبيعية، لكنهما ترزحان تحت وطأة تداعياتها.

المصادر:
العربي - أ ف ب
شارك القصة