Skip to main content

انتفاضة طرابلس اللبنانية.. السياسة لا تغيب عن المشهد

الجمعة 29 يناير 2021

مجدّدًا، انتفضت مدينة طرابلس اللبنانيّة، ثاني أكبر المدن اللبنانية وأفقر مدن ساحل المتوسط، بعدما خرج أهلها احتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية، والإغلاق العام الناتج عن تفشّي فيروس كورونا.

وإذا كان لانتفاضة المدينة الفقيرة ما يبرّرها، طالما أنّ نصف عمالها هم ممّن يقتاتون من أعمال يومية، فإنّها تبدو نموذجًا مصغّرًا للبنان كله، وقد ضغطت عليه الأوضاع الاقتصادية الثقيلة وزادتها الانسدادات السياسية، علمًا أنّ 55% من سكان لبنان باتوا تحت خط الفقر.

لكن، رغم ذلك، لا تغيب السياسة عن المشهد إن لم تكن هي وقود نيرانه، في ظل التعطل الحكومي والتمسك بالمكاسب والمناصب والمصالحات الفاشلة في قصر بعبدا، في وقتٍ لا تتجاوب المنظومة السياسية حتى مع المبادرات الخارجية المتكررة.

وإذا كان البعض يصرّ على اعتبار أن تلك الاحتجاجات تقف وراءها أطراف سياسية، تُطرَح علامات استفهام بالجملة حول أبعاد ما يجري في مدينة طرابلس، وانعكاسات ذلك على المسارين الاقتصادي والسياسي، وأكثر من ذلك، على مآلات هذه الاحتجاجات وما إذا كانت ستمتد لغيرها من المناطق اللبنانية.

"عروس الثورة"

يرى عضو مجلس بلدية طرابلس باسم بخاش أنّ السؤال لا يجب أن يكون عن أسباب وأبعاد انتفاضة مدينة طرابلس، بل عن العوامل التي أدّت إلى تأخّرها.

ويوضح، في حديث إلى "التلفزيون العربي"، أنّ طرابلس كانت، منذ اندلاع الاحتجاجات في 2019، "عروس الثورة"، مشيرًا إلى أنّ معاناة أهل المدينة أكبر بكثير من معاناة أهل باقي المدن في لبنان.

ويلفت بخاش إلى أنّه "عندما انكفأت الثورة والتهى الثوار بالأزمات المعيشية المتفاقمة على كل المستويات، أعطى أهل طرابلس فرصة لإيجاد حل، لكنّهم وجدوا أنفسهم أمام حائط مسدود، فيما واصل أركان الطبقة السياسية مناكفاتهم في ظل غياب أي حلول أو رؤية".

ويشدّد عضو بلدية طرابلس على أنّ الناس لم يعد لديهم قدرة على التحمل لا سيّما وأنّ لا حل في الأفق القريب، جازمًا بأنّ "لا حلّ إلا بالتغيير الشامل الذي يطال كل الطبقة السياسية".

"على كفّ عفريت"

في المقابل، لا يستبعد النائب في البرلمان اللبناني ماريو عون، المنتمي إلى "التيار الوطني الحر" برئاسة الوزير السابق جبران باسيل، والمحسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون، أن تكون "أيادٍ غريبة" تحرّك الاحتجاجات.

ويعبّر النائب عون، في حديث إلى "التلفزيون العربي"، عن "تفهّمه أوجاع أبنائنا في كل لبنان وفي طرابلس بشكل خاص"، إلا أنّه يلفت، في الوقت نفسه، إلى أنّ "أغنى أغنياء لبنان موجودون في طرابلس، لكنهم لا يلتفتون لتحسين الأوضاع في هذه المدينة".

ويحذر النائب عون من أنّ طريقة التصعيد الحاصل "ليست المثلى للوصول إلى تغيير جذري في النظام، بل قد تؤدي إلى تفاقم الوضع أكثر، لا سيّما إذا امتدّت إلى سائر المناطق اللبنانية"، منبّهًا في هذا السياق من فوضى شاملة قد تسود في هذه الحال، ويصبح معها مصير البلد برمّته على "كفّ عفريت" بحسب وصفه.

ويتحدّث النائب عون عن قوى سياسية، بعضها متطرّفة، قد تكون خلف ما يحصل، لكنه يرفض تسميتها، حتى "لا يزيد الطينة بلة"، على حدّ ما يقول، مشدّدًا على الوقت نفسه على أنّ "الناس تعرفها جيّدًا".

"ويل لأمة شعبها يجوع"

ومن الوجهة الاقتصادية، يكشف الخبير الاقتصاد نيكولا شيخاني عن أرقام "سوداوية" تؤكّد مشروعيّة "الثورة" في وجه المنظومة السياسية اللبنانية.

ويوضح شيخاني، في حديث إلى "التلفزيون العربي"، أنّ الشعب تعب وجاع وانهار، لأنّ السلطة لم تفعل شيئًا منذ 14 شهرًا، رغم إدراكها أنّ الأزمة آتية.

ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أنّ التضخم في لبنان تخطّى نسبة 100%، في حين أنّ نسبة البطالة باتت تزيد عن 40%، وأصبح عدد من يعيشون تحت خط الفقر يتجاوزون 60%، ويصلون في بعض المناطق إلى 80%، في حين وصلت نسبة تدهور سعر الصرف إلى 500%.

ويحذّر الطبقة السياسية من أنّ الأمور ستتفاقم أكثر إذا لم تُتخَذ قرارات سريعة لوقف تدهور سعر الصرف، مشيرًا إلى أنّ الوقت حان ليتحمّل القادة مسؤوليّاتهم، مضيفًا: "ويل لأمة شعبها يجوع".

المصادر:
التلفزيون العربي
شارك القصة