Skip to main content

بين "تأليه" جوزيف ستالين و"آثار" أقدامه.. غوري عنوان غموض وغرابة

الخميس 9 فبراير 2023
يقول أبناء غوري إن ستالين أجرى بحوثًا علمية على القردة، فيما يذهب آخرون إلى الزعم بأنه أراد بناء جيش جبار من هذه الحيوانات - غيتي

أصبحت مدينة غوري الجورجية منذ أواسط القرن العشرين مدينة جوزيف ستالين، حيث ترتبط معالمها بابنها الزعيم السوفيتي، فتنال من غموضه غموضًا ومن غرابته غرابة. 

ولا تستقر حياة أبناء المدينة الواقعة شرقي البلاد، على حقيقة واحدة عن حياة ستالين؛ الجار الغريب القابع في متحفه وبين جيرانه، يسهر معهم وبينهم على حفظ غرابته وتثبيت صورته زعيمًا غريب الأطوار يحار المرء في فهم سيرته وتقلباتها.

ويفوق اهتمام جيران المتحف بحياة ستالين اهتمامهم بتاريخ غوري نفسها، فلا وجود للمدينة في قاموسهم إلا من خلال ستالين وحياته على غرابتها.

"آثار أقدامه لا تختفي"

إلى ذلك، يتنكر محبو الرجل للتاريخ الدموي في سيرة حياته، ويصرّون بإلحاح على تصويره رجلًا مثقفًا قارئًا وشاعرًا وناقدًا.

حتى أن أبناء غوري يقولون إنه أجرى بحوثًا علمية على القردة، فيما يذهب آخرون إلى الزعم بأنه أراد بناء جيش جبار من هذه الحيوانات.

يفوق اهتمام جيران المتحف بحياة ستالين اهتمامهم بتاريخ غوري نفسها

من ناحيتها، تعبّر نازو ستيبانيشفيلي، مالكة متحف "ستالين المنزلي"، عن عميق حبها لبلدها ومدينتها غوري، مشيرة إلى أن أحد أسباب حبها لهما هو كون ستالين وُلد في هذه المدينة.

وتمضي في حديثها عن شغفها بهذا القائد ولو على نحو جنوني، فتقول إن هذا الحب يتسع ليشمل كل الأشخاص الذين يحبون ستالين، أو يحترمونه على الأقل.

والسيدة على ما تفيد، تعتقد في بعض الأحيان أن آثار أقدام ستالين لا تختفي في المدينة ولا يمكن أن تختفي، فتقول إنه لا يزال بالإمكان رؤيته في قلعة غوري وشوارع المدينة.

أما خاتونا ادواشفيلي، التي تسكن هي أيضًا في غوري، فتفيد بأن حادثة مؤسفة جعلتها تدرك شهرة المدينة وأهميتها من خلال تعامل الناس في جورجيا.

وتقول إن "شقيقها تعرض لإصابة خلال حرب العام 2008؛ نُقل على أثرها إلى المستشفى. وهناك، كان الجميع يرددون على مسامعهما أنتما من مدينة ستالين".

وتردف خاتونا أنها أدركت يومها أن شهرة مدينة غوري نابعة من كونها مدينة ستالين.

أما زورا ميزفريشفيلي، الذي يرأس منظمة "ستالين"، فيلفت إلى أنه تعرف إلى ستالين وأهميته في سن مبكرة.

ويوضح أنه بدأ بقراءة كتب عن الرجل منذ الطفولة فوقع في حبه. ويذكر أن جدّته كانت ستالينية وتحترم ستالين وتحبه كثيرًا، كاشفًا أنها كتبت الكثير من القصائد عنه.

وتلك القصائد كانت تطرب زورا، بحسب ما يقول، حيث يوضح أنه كان يسمعها بفرح ويطلب من جدته أن تعيدها على مسامعه أكثر من مرة.

طفل مشاكل يضرب رفاقه

من ناحيته، يتحدث الأستاذ الجامعي ليفان بيرزدينشفيلي عن بعد آخر لحب سكان غوري لستالين.

ففيما يوضح أن الحب وفقًا لأفلاطون هو السعي وراء الخلود، يرى أن حب ستالين في غوري يرتبط بالخلود.

ويستطرد بأن أبناء المدينة يعرفون أن أسماء ستالين الجيدة والسيئة والشريرة والخيرة ستبقى في التاريخ لأنه شخصية عظيمة. ويضيف: إنه الرابط بين كونك ستالينيًا، وأنك تحتضنه، وتصبح خالدًا معه.

يصرّ محبو ستالين من أبناء غوري على تصويره رجلًا مثقفًا قارئًا وشاعرًا وناقدًا - تويتر

إلى ذلك، يتطرق الأستاذ الجامعي إلى نشأة الزعيم السوفيتي الراحل. فيوضح أن شخصية ستالين كانت قد تكوّنت في غوري، التي أمضى فيها طفولته. 

ويلفت إلى أن الغريب في الأمر هو أن معظم أهالي المدينة يعتقدون أن ستالين كان طفلًا مثاليًا، وأنه حظي بعائلة مثالية، نافيًا الأمر تمامًا.

ويفيد بأن طفولة ستالين كانت صعبة جدًا، وأنه كان مشاكسًا ويضرب رفاقه باستمرار. وبينما يروي أن الرجل لم يكن في صغره طفلًا جميلًا، يقول إن أحدًا لا يمكنه أن يتجرأ على التنمر عليه.

تأليه ستالين وإنشاء متحفه

إلى ذلك، يثير إنشاء المتحف باسم "ستالين" في غوري عام 1937 وعلى حياة الزعيم السوفيتي، الريبة والاستغراب، ويدحض الأقاويل عن تواضعه وعن حياته العادية.

وتلفت كيتيفان كوكسالاشفيلي، المرشدة في متحف "ستالين" إلى أن المعرض الأصلي كان يقع في مقر إقامة ستالين، ثم بُني مبنى من طابق واحد بجوار المنزل.

وتفيد بأن عملية بناء المتحف الحالي كانت قد بدأت عام 1950، ثم تم افتتاحه عام 1957 بعد وفاة ستالين.

ويتخطى "تأليه" ستالين ومقتنياته في غوري حدود العقل والمنطق، ليتحول إلى أسطورة في نظر محبيه وجيرانه الأوفياء.

وتوضح الباحثة في مختبر أبحاث الماضي السوفيتي روسودان كوباخيدزه، أن تكوين شخصية ستالين كشخص معبود بدأ في وقت مبكر من منتصف الثلاثينيات. 

وتعيد الأمر إلى الفترة التي قام خلالها ستالين بالتخلص من حرسه القديم وتقديمه نفسه ببطء للجمهور على أنه شخصية قوية تتحكم بكل شيء، وصاحب الحقيقة.

"مرض نفسي"

بموازاة ذلك، يرفض أبناء الجيل المعاصر في غوري تأليه ستالين، ويصفون الأمر بالمرض النفسي ويعتبرونه غريبًا عن ثقافتهم ووعيهم الثقافي.

وفي هذا الصدد، تقول مريم نينوا إنها تشعر بالقهر لأن معظم مشجعي ستالين كرماء وطيبو القلب، لافتة إلى أن المرء يتحول في نظر هؤلاء إلى عدو متى أسيء إلى قائدهم.

بحسب مريم، كان ستالين يعاني من الاضطراب الوهمي، ويستحيل أن تصدق أنه كان بطلًا أو خدومًا لبلده.

على العكس من ذلك، تؤمن الشابة بأنه كان قائدًا سيئًا تمامًا، وكذلك على الصعيد الإنساني حيث كان يحاول أن يقمع كل من يسهم في التنمية.


المزيد من الشهادات عن ستالين وحقبته عن لسان سكان مسقطه غوري، في الحلقة المرفقة من برنامج "الجار الغريب".

المصادر:
العربي
شارك القصة