Skip to main content

"تروجان شيلد".. ماذا نعرف عن المكيدة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة؟

الثلاثاء 8 يونيو 2021
اخترقت الوكالات الأميركية والأسترالية التطبيق الذي يستخدمه المجرمون

كشفت وكالات إنفاذ القانون في ثلاث قارات، اليوم الثلاثاء، عن نجاح عملية "تروجان شيلد" (درع طروادة)، وهي واحدة من أكبر عمليات التسلّل والسيطرة على شبكة مشفّرة متخصّصة، تستخدمها المافيا العالمية في تجارة المخدرات.

و"تروجان شيلد" هي عبارة عن مكيدة عالمية استغرق إعدادها وقتًا طويلًا، قادها مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (أف بي آي) والشرطة الأسترالية، بيعت خلالها الآلاف من الهواتف المحمولة المشفّرة والمعروفة باسم "إنوم"، لمنظمات إجرامية ما مكّن الشرطة من تتبّع رسائلها لسنوات.

واخترقت الوكالات الأميركية والأسترالية التطبيق الذي يستخدمه المجرمون، وقرأت ملايين الرسائل المشفّرة، الأمر الذي أدى للقبض على المئات ممن يُشتبه بأنهم من رموز الجريمة المنظمة المتعلّقة بتجارة المخدرات في 18 دولة في أستراليا وآسيا وأميركا الجنوبية والشرق الأوسط.

ما هو "إنوم"؟ 

يوصف "إنوم" بأنه هاتف محمول مشفّر آمن تمامًا، يعد المستخدم بالسرية التامة في الاتصالات. لكنّه في الحقيقة، عبارة عن هاتف مُخترق يستخدم نظام تشغيل معدلًا أُزيلت منه كل خدمات الرسائل العادية والاتصالات الهاتفية أو نظام تحديد الموقع العالمي (جي بي أس) التي تجعله قابلًا للتتبّع والتعقّب.

في الظاهر، يبدو الجهاز مثل هاتف محمول عادي، لكنه يحتوي على خدمة مراسلة يُفترض أنها "آمنة" مخفية خلف تطبيق للآلة الحاسبة. من الناحية النظرية، يعمل الهاتف ضمن شبكة مغلقة- إذ يُمكن لهواتف "إنوم" الاتصال فقط بهواتف "إنوم" الأخرى باستخدام تشفير "عسكري" ينقل البيانات عبر خوادم وكيلة (بروكسي) آمنة أو غير قابلة للاختراق.

وتحتوي الهواتف على مفتاح حذف لمحو جهات الاتصال أو أي بيانات أخرى مخزنة محليًا. 

واستخدمت الشبكات الإجرامية خدمات مماثلة مثل "فانتوم سكيور" و"سكاي غلوبال" و"سيفر" و"إنكروتشات" طيلة سنوات للتخطيط والاتصال، ولجأت جهات تطبيق القانون كذلك إلى استغلالها في مكافحة الجريمة.

متى بدأت العملية؟ 

في مارس/ آذار 2018، اتهمت هيئة محلفين كبرى الرئيس التنفيذي لشركة "فانتوم سكيور" فينسينت راموس الذي أقرّ في النهاية مع زملائه بالذنب في مجموعة من التهم المتعلقة بالاتجار بالمخدرات.

بعد ذلك بوقت قصير، عرض "مصدر بشري سري" على مكتب التحقيقات الفدرالي جهازًا مشفرًا من الجيل التالي - سيُطلق عليه اسم "إنوم" - صُمِّم ليحلّ محل الأنظمة التي فقدت مصداقيتها أو انتهت صلاحيتها أو تمّ اختراقها.

وافق المصدر نفسه على نشر الأجهزة التي اخترقها مكتب التحقيقات الفدرالي بين شبكة من موزّعي السوق السوداء الذين باعوا "فانتوم سكيور" لأفراد خضعوا لفحص دقيق أو حصلوا على توصية، وهؤلاء يكونون عادة أعضاء في عصابات إجرامية منظّمة.

كيف وقع المجرمون في المكيدة؟ 

في البداية، وُزّع 50 هاتف "إنوم" في اختبار تجريبي، وانتهى معظمها بين أيدي أفراد العصابات الإجرامية المنظّمة الأسترالية.

واكتسبت هذه الهواتف شعبية بين زعماء عصابات إجرامية قيل إنهم أوصوا أصدقاءهم باقتنائها. وراجت هذه الهواتف خصوصًا في ألمانيا وهولندا وإسبانيا وأستراليا وصربيا.

في عام 2020، ازدادت شعبية "إنوم" عندما اخترقت السلطات الأوروبية "إنكروتشات"، واعتقلت العشرات وبعد اعتقال الرئيس التنفيذي لشركة "سكاي غلوبال" جان فرانسوا إيب. 

في النهاية، تمكّن مكتب التحقيقات الفدرالي والسلطات الأسترالية و"دولة ثالثة" لم يُذكر اسمها من الوصول إلى أكثر من 20 مليون رسالة من 11800 جهاز في 90 دولة.

أهمية العملية في التسلّح التكنولوجي

وفقًا لديفيد وينبرغر، مدير مرصد الجريمة الدولي في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس، تُمثّل العملية "علامة فارقة في تاريخ مكافحة الجريمة، ودلالة واضحة على السباق المستمرّ على التسلّح التكنولوجي بين الشرطة والمجرمين في جميع أنحاء العالم".

وأضاف أن المهربين والمجرمين بمختلف أنواعهم أحرزوا تقدمًا كبيرًا مع ظهور تطبيقات الهواتف المشفّرة، لكن الشرطة تمكّنت من استعادة زمام الأمور ومن توجيه ضربة قوية مستخدمة عملية "تروجان شيلد".

هل ستتغيّر تكتيكات المجرمين؟

ومع أن التواصل بطريقة آمنة مسألة أساسية بالنسبة لهم، إلا أن المجرمين سيُحاولون إيجاد حلول.

وشرح وينبرغر أنه من الممكن استخدام شبكات جديدة، عن طريق الأقمار الاصطناعية أو غير ذلك، أو التحايل على هذه الحرب التكنولوجية من خلال العودة إلى أنظمة بسيطة جدًا مثل الاعتماد على المراسلين أو الحمام الزاجل.

وفي تنفيذ لأكبر عدد من عمليات التفتيش في أستراليا في يوم واحد، ضبطت الشرطة، أمس الإثنين، 104 قطعة سلاح، منها بندقية قناصة عسكرية، وحوالي 45 مليون دولار أسترالي نقدًا. وعُثر كذلك على نحو سبعة ملايين دولار أسترالي في خزنة مدفونة في كوخ بحديقة في إحدى ضواحي مدينة سيدني.

ووجّهت السلطات 525 اتهامًا في المجمل؛ لكنها تتوقّع توجيه المزيد من الاتهامات في الأسابيع المقبلة.

المصادر:
العربي، وكالات
شارك القصة