Skip to main content

رفاهية مزيفة وكمال مصطنع.. هل نصدّق المشاهير على مواقع التواصل؟

الثلاثاء 16 أغسطس 2022

تسمح مواقع التواصل الاجتماعي بالبقاء على اتصال مع الأصدقاء والعائلة وتكوين معارف جديدة والترويج للهوايات أو العمل، أو التعبير عن الآراء حول العديد من القضايا المحورية أو المثيرة للجدل.

ومن ميزات مواقع التواصل الاجتماعي أنّها تسمح بتقريب الناس من بعضها البعض، فكثيرون يستعيدون "أصدقاء الطفولة" من خلال هذه المواقع، أو يبنون صداقات "افتراضية" جديدة عابرة للحدود.

وللمشاهير أيضًا قصّة خاصة عبر مواقع التواصل، فهي تقرّبهم أيضًا من جمهورهم، الذي يتأثّر بهم، فتتحوّل هذه المنصّات إلى مكان يستعرض فيه هؤلاء نمط حياتهم، فضلاً عن مغامراتهم وعلاقاتهم.

ولا شكّ أنّ طابع "الرفاهية والكمال" يسيطر على منشورات المشاهير في هذا الصدد، فضلاً عن الصور والفيديوهات التي يتشاركونها مع الجمهور، حتى يخيّل للمتابع أنّ حياتهم "مثالية" لا وجود للمتاعب فيها.

فهل نصدّق حياة المشاهير على وسائل التواصل الاجتماعي؟ وهل يجب أن نتأثّر بهم أساسًا؟ ولماذا نفعل ذلك؟ وكيف ينبغي أن نتفاعل مع منشوراتهم التي تسيطر عليها المبالغة في معظم الأحيان؟!

من هم مشاهير العصر؟

بالنسبة إلى الباحثة والاختصاصية في علم الاجتماع فادية إبراهيم، فلكل عصر مشاهير، إذ إنّ السحرة والفلاسفة كانوا مشاهير في العصور القديمة، في حين أنّ رواد مواقع التواصل الاجتماعي هم مشاهير اليوم. 

وتقول إبراهيم في حديث سابق إلى "العربي" من عمان: "إن هؤلاء حققوا مكسبين الأول اجتماعي عبر زيادة أعداد المتابعين والثاني اقتصادي حيث يجمعون الأموال بسبب هذه الشهرة". ويرى البعض أن هناك مبالغة في عرض المحتوى حيث يتم استعراض الكماليات ومظاهر الحياة الباذخة. 

وتشير إبراهيم إلى أن وجود أغنياء وفقراء هو أمر مشترك في كل العصور، حيث لا يوجد مجتمع في العالم لا يحتوي على طبقات اجتماعية مختلفة. وتضيف: "في الماضي كانت حياة الأثرياء بعيدة عنا ولم نكن نطلع على تفاصيلها، أما الآن فيعرض المشاهير ثراءهم كل يوم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي". 

مشاعر سلبية وضرر نفسي

لكن، كيف يتأثر الناس بمثل هذه المنشورات؟ هل "تخدم" الصحة النفسية للناس أم العكس؟ وهل يدرك المشاهير ذلك؟

لعلّ الإجابة "سلبيّة"، وقد تجلّت أساسًا في بحث مسرب أجرته شركة فيسبوك أخيرًا، حيث كشف أن متابعي نجوم مواقع التواصل الاجتماعي من بينهم كيم كارداشيان وجاستين بيبر وتشارلي داميليو على إنستغرام يعانون من المزيد من المشاعر السلبية المرتبطة بصورة الذات.

ووفقًا للبحث الذي حمل عنوان "المقارنة الاجتماعية على إنستغرام"، واستطلع آراء 100 ألف شخص في تسعة بلدان منها الولايات المتحدة وأستراليا والبرازيل، فإنّ مشاهدة المزيد من المحتوى الخاص بالمشاهير على إنستغرام يرتبط بزيادة الإحساس بالمقارنة السلبية.

وقبل هذا البحث، كشفت دراسة أجرتها شركة "بيو ريسيرتش" ونشرت عام 2020، أن 71% من أولئك الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي أفادوا بأنهم يرون محتوى يجعلهم غاضبين. ويعاني 49% آخرون من الاكتئاب، ويشعر 31% أحيانًا بالوحدة بعد مشاهدة محتوى معين.

مقارنة "غير منطقية"

في رأي الباحثة والاختصاصية في علم الاجتماع فادية إبراهيم، تتنوع ردة فعل المتابعين تجاه ما يظهره الأثرياء والمشاهير على مواقع التواصل، فقد لا تعني هذه المنشورات شيئًا للبعض، لكنّها قد تعزّز مشاعر الحسد والاكتئاب لدى البعض الآخر، خصوصًا من يعيشون حالة من عدم الارتياح مع واقعهم المادي.

وتلفت إبراهيم إلى أن مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي نسبتهم في المجتمع قليلة جدًا، بمعدل لا يتجاوز 1 في كل مئة ألف. وتعتبر أنه لا يجب النظر إلى هذه القلة من الناس بل اعتبارهم حالات خاصة وعدم مقارنة أنفسنا بهؤلاء المشاهير لأنها مقارنة غير منطقية. 

وتنصح من تمنحه متابعة حياة المشاهير مشاعر سلبية بالابتعاد عنهم، مشيرة إلى أن الفوضى في الأدوار والتقليد أوصلنا لحالة من عدم الرضى عن النفس والجسد. 

صورة مزيفة

أكثر من ذلك، تؤكد الاختصاصية أن ما نراه في مواقع التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام ليس حقيقيًا، فبعض الرسائل موجهة ولها أغراض تجارية. وقد خلقت نماذج المشاهير لتحقيق الشهرة والأرباح للتطبيقات وللمشاهير أيضًا. 

كما تشير إلى أن المشاهير ليسوا مقدسين في تصرفاتهم وسلوكياتهم العاطفية والاجتماعية بل يرتكبون الأخطاء، وهم ليسوا نماذج حقيقية فقد يكونون ناجحين في العمل لكنهم يفشلون في إدارة علاقاتهم العاطفية، وبالتالي يخسرون شركاءهم وإن أظهروا صورًا تدل على الانسجام والسعادة.

وتتوقع إبراهيم أن يتراجع تأثر المتابعين بالمشاهير مع مرور الوقت حيث إن ظاهرة مواقع التواصل الاجتماعي ومشاهيرها انتشرت منذ أقل من عشر سنوات وهي الآن في الذروة. وتقول: "الدهشة لدى المتلقي تخف مع مرور الوقت، فما هو جديد يكون تحت المجهر ومثيرًا للإعجاب لكنّه يصبح عاديًا فيما بعد". 

المصادر:
العربي
شارك القصة