Skip to main content

طالب بخطة لما بعد حرب غزة أو الاستقالة.. ما أبعاد تصريح غانتس؟

السبت 18 مايو 2024
مع استمرار حرب غزة تتصاعد الخلافات داخل البيت الإسرائيلي الواحد - وسائل التواصل

هدد الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس السبت بالاستقالة، ما لم يصادق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على خطة لفترة ما بعد حرب غزة.

وأسفر العدوان الإسرائيلي على غزة، المتواصل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي عن عشرات آلاف الشهداء والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

وفي خطاب متلفز، قال غانتس: "يجب على حكومة الحرب الصياغة والموافقة بحلول 8 يونيو/ حزيران على خطة عمل تؤدي إلى تحقيق 6 أهداف إستراتيجية ذات أهمية وطنية... (أو) سنضطر إلى الاستقالة من الحكومة".

وأوضح أن الأهداف الستة تشمل الإطاحة بحماس، وضمان السيطرة الأمنية الإسرائيلية على القطاع الفلسطيني، وإعادة الرهائن الإسرائيليين، إلى جانب الحفاظ على السيطرة الأمنية الإسرائيلية، وإقامة إدارة أميركية أوروبية عربية وفلسطينية تدير الشؤون المدنية في قطاع غزة، وتضع الأساس لبديل مستقبلي بعيدًا عن حماس و(محمود) عباس" الرئيس الفلسطيني.

كما حثّ على تطبيع العلاقات مع السعودية "كجزء من تحرك شامل لإنشاء تحالف مع العالم الحر والعالم العربي ضد إيران وحلفائها"، حسب قوله.

في المقابل، رد نتنياهو على تهديد غانتس السبت منتقدًا مطالب الوزير قائلًا: إن "معناها واضح: نهاية الحرب وهزيمة إسرائيل، والتخلي عن معظم الرهائن، وترك حماس سليمة وإقامة دولة فلسطينية".

وقال نتنياهو في بيان صدر عن مكتبه: "بينما يقاتل جنودنا لتدمير كتائب حماس في رفح (جنوب قطاع غزة)، يختار غانتس إصدار إنذار نهائي لرئيس الوزراء بدلًا من إصدار إنذار نهائي لحماس".

وتابع: "لم يسقط جنودنا هباءً، وبالتأكيد ليس من أجل استبدال حماستان بفتحستان (في إشارة إلى حركة فتح والسلطة الفلسطينية اللتين يرأسهما الرئيس الفلسطيني محمود عباس)".

انقسام إسرائيلي وتمسك من المقاومة بمواصلة المواجهة

ومع استمرار الحرب على غزة، تؤكد كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس الاستعداد لمعركة استنزاف طويلة الأمد، تزامنًا مع الانقسامات المتصاعدة في تل أبيب تجاه الأهداف من الحرب.

إذًا هي حرب استنزاف طويلة الأمد مع الاحتلال كما تؤطرها كتائب القسام التي تخوض مواجهات مفتوحة في حرب الشوارع بالقطاع، واصفة التخبط الإسرائيلي بمتلازمة الفشل لقيادة الاحتلال وأكذوبة الضغط العسكري لتحرير الأسرى، في إشارة مباشرة للأهداف المعلنة من قبل نتنياهو مع بدء العدوان على غزة.

فالأهداف الإسرائيلية حول مسار الحرب على غزة، تنعكس باتجاهين في الداخل الإسرائيلي، أحدهما يمثله تيار قلق من اتجاه نتنياهو، رافضًا تشكيل حكومة عسكرية إسرائيلية لإدارة القطاع، يقابله تيار يميني تقوده الصهيونية الدينية التي تدعو إلى تهجير الفلسطينيين وإبادة حركة حماس، فيما صدر تصريح من الاستخبارات العسكرية بأن نهج النصر المطلق الذي يتبناه نتنياهو في الحرب على القطاع بعيد عن التحقق.

في غضون ذلك، تصدر تحذيرات من استمرار الحرب دون أهداف إستراتيجية، فيما يبدو أن الإدارة الأميركية تصالحت مع حقيقة أن حماس لن تختفي من قطاع غزة، وفق ما سربت صحيفة "معاريف" العبرية، نقلًا عن مصدر إسرائيلي مطلع على المفاوضات.

والاتجاه الصحيح وفق الصحيفة هو أن تكون حماس ضعيفة محصورة إلى جانب جهة فلسطينية بديلة قوية، فيما يجري الحديث عن نقل السلطة في غزة إلى السلطة الفلسطينية، إلى جانب إدخال قوات تابعة للأمم المتحدة أو قوات مشتركة عربية موالية للغرب.

لكن العقبة أمام ذلك إصرار تل أبيب على حرية عمل الجيش الإسرائيلي داخل غزة على غرار الضفة الغربية، وهو ما ترفضه دول عربية وفق الصحيفة.

ما دلالات تصريحات بيني غانتس؟

وفي هذا الإطار، أوضح رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي، أن تحديد غانتس جدولًا زمني لاستجابة نتنياهو لمطالبه لا يعني بالضرورة أنه اتخذ قرارًا، لأن مسألة خروجه من مجلس الحرب ليست سهلة، وإذا ما انسحب بدون أن تكون هناك رؤية لما بعد الانسحاب تضمن له أن يكون فاعلًا في صناعة القرار الإسرائيلي، فستلقى على كاهله وعلى الأعضاء الآخرين كل الإخفاقات  التي حدثت خلال الفترة الماضية.

وفي حديث إلى "العربي" من الخليل، أضاف الشوبكي، أن الأهم من التلويح بالانسحاب هو الحديث عن إمكانية تشكيل حكومة بديلة، لذلك لا يمكن لغانتس أن يشكل حكومة فيما يحظى نتنياهو بقاعدة برلمانية بـ64 مقعدًا، إلا إذا كانت هناك تفاهمات مع أقطاب داخل الحكومة الإسرائيلية الحالية، بمن فيهم أعضاء من الائتلاف اليميني الحالي.

وتابع أن الرسالة الأهم التي توجع نتنياهو وترعبه في هذه اللحظات هي الحديث بثقة من غانتس بأن هناك إمكانية لتشكيل حكومة بديلة، لأن هذا يعني بشكل واضح أن هناك تفاهمات، غير معلنة مع شخصيات داخل الـ64 مقعدًا في الكنيست جاهزة للانسحاب.

رد نتنياهو على تهديد غانتس منتقدًا مطالبه - وسائل التواصل

وفيما لفت إلى أن هذا الأمر هو ما يفسر النقاط الـ6 التي ذكرها غانتس، والتي بداخلها نقاط تخالف الرؤية الأميركية، لا سيما حين تحدث عن السلطة الفلسطينية وعدم إمكانية وجود حماس ولا الرئيس الفلسطيني، أشار الشوبكي إلى أن هذه النقطة يوظفها غانتس لاستدراج بعض الأعضاء من داخل الكنيست الإسرائيلي، وتمهد الطريق لتغيير الحكومة الإسرائيلية من خلال تبني مقولات اليمين.

الشوبكي أشار إلى أن جزءًا من الأطروحات التي قدمت من قبل غانتس في هذا الخطاب هي فقط للتسويق الإعلامي، لأنه يعلم أن جزءًا واسعًا من الجمهور الإسرائيلي ما زال معنيًا بتقويض حركة حماس، وتحقيق أهداف العملية العسكرية التي حددت ما بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول، لذلك فهو ما بين مأزقين: "كيفية انسحابه من الحكومة، وكيف يضمن تشكيل تحالف ما بعد الانسحاب. وضمان تشكيل هذا التحالف يتطلب منه ترديد مقولات اليمين بما فيها مقولات نتنياهو السابقة.

وأوضح أنه منذ أسابيع يتم الحديث عن أن الرؤية الأميركية تتعامل مع الصفقة التي يمكن أن تتم في قطاع غزة على أنها صفقة جزئية على هامش صفقة إقليمية كبرى تكون السعودية هي الأساس فيها.

وأردف أن هذا الأمر طرح من قبل الولايات المتحدة الأميركية ومن قبل وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، حين زار الرياض وتحدث عن إمكانية أن يكون هناك تحريك للملف الإقليمي، وكانت هناك محاولة أميركية لإغراء نتنياهو بالتوجه نحو صفقة، أو نحو الرؤية الأميركية لإدارة الملف في غزة من خلال ملف التطبيع، لكن الموقف السعودي حتى هذه اللحظة هو موقف يقول إن عملية التطبيع مرتبطة بحل سياسي كامل، ودولة فلسطينية كاملة.

واشنطن تبحث عن "مسار ثالث"

من جهتها، قالت كبيرة الباحثين في الأمن العالمي والدبلوماسية في مجلس شيكاغو للشؤون العالمية سيسيل شي: إن "إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تريد أن تأتي بحكومة إسرائيلية أكثر عقلانية"، مشيرة إلى أنها عارضت نتنياهو وتواصل هذا الأمر مع حلفائه من اليمين المتطرف.

وفي حديث لـ"العربي" من واشنطن، رأت سيسيل شي أنه في حال أطيح بحكومة نتنياهو، فسيكون هناك واقع جديد لرئيس الحكومة الحالية يتكشف ويمكنه أن يضع حدًا للحرب، ويفقد العناصر المتشددة في حلفه، وبالتالي تسقط الحكومة، أو ربما ينهي الحرب، ويبقي على تحالفه من خلال الإتيان ببعض الأشخاص الآخرين.

وتابعت أن الولايات المتحدة الأميركية تريد مسارًا ثالثًا لا حماس ولا السلطة الفلسطينية فيه، وهناك نقاشات مع السعودية، حول صفقة خاصة، بأن تعترف المملكة بإسرائيل مقابل وجود حل سياسي في غزة، ومن غير الواضح ما إذا كان نتنياهو يوافق على ذلك.

وأشارت سيسيل شي إلى أن ثمة حديثًا كان وراء الكواليس في إسرائيل وعلى مدى شهور بشأن الإماراتيين والسعوديين، وإرسال قوة لحفظ السلام تسمح بمغادرة إسرائيل، وإقامة نوع ما من الحكومة لبناء غزة، والوصول إلى ديمقراطية جديدة للشعب الفلسطيني.

وفيما لفتت إلى أن السلطة الفلسطينية غير مرغوب فيها في غزة، فيما أصبحت حظوظ حماس في غزة متعثرة، تحدثت عن أن هناك مسارًا ثالثًا ربما سوف يسمح بالتفكير العقلاني ووجود قيادة غير فاسدة، حسب وصفها.

ما إستراتيجية حماس في مواجهة إسرائيل وسط الخلافات؟

من ناحيته، أوضح الكاتب والباحث السياسي مأمون أبو عامر أن موقف المقاومة الفلسطينية ثابت نحو هدف واحد وهو أساسي عبر الحفاظ على قدر الإمكان على مقدرات الشعب الفلسطيني، والوصول إلى صفقة توقف العدوان وإجراء تبادل الأسرى بين الطرفين ثم إعمار قطاع غزة.

وأضاف في حديث إلى "العربي" من اسطنبول، أن حماس قدمت رؤيتها على أنها مستعدة بأن يكون هناك مسار سياسي مقبول إذا توفر أمر معقول في هذا الإطار باتجاه التسوية، أما إذا سارت الأمور باتجاه استمرار العدوان فإنه لا خيارات أمام المقاومة والشعب الفلسطيني بشكل عام إلا الدفاع عن أرضهم والتمسك بها.

أبو عامر أشار إلى أن حماس تدرك أن هناك انقسامًا في الشارع الإسرائيلي حول مسائل متعددة، منها وقف إطلاق النار، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن هناك إجماعًا في المجتمع الإسرائيلي، على استمرار الحرب، لكن هناك اختلافًا حول ملف الأسرى، ولذلك اشترطت حماس وقف إطلاق النار من أجل تحقيق صفقة الأسرى.

واعتبر أن أي قرار أممي يأتي من أجل وقف إطلاق النار وسحب القوات الإسرائيلية، وقدوم قوات عربية أو دولية لحماية الشعب الفلسطيني أمر مقبول، لكن أن تأتي قوات لحماية إسرائيل والدفاع عنها فهذا ستتعامل معه حركة حماس وفصائل المقاومة بأجمعها على أنه تهديد لمصالح الشعب الفلسطيني وستتم مواجهته.

وقال أبو عامر: إن "الحلول لا تأتي بطريقة فرض خيارات خارجية ولا وتأتي بالخيار الإسرائيلي الذي يختاره نتنياهو".

وخلص إلى أن أي حلول يتم اقتراحها الآن هي حلول وهمية وخيالية، معبرًا عن اعتقاده بأنه حتى نتنياهو لن يقبل بأي حل بدون أن يكون حاسمًا لمصلحة إسرائيل، لذلك فنهاية الحرب هي التي ستحدد المصالح.

المصادر:
العربي - وكالات
شارك القصة