Skip to main content

"عاملني كعبدة".. يمنيّات يوثّقن "نوبات الغضب والوحشية"

الثلاثاء 23 فبراير 2021
سيواجه أكثر من 16 مليون شخص من بين 29 مليونًا الجوع في اليمن هذا العام بحسب الأمم المتحدة

"لم يُعاملني كزوجة، بل كعبدة"، بهذه الكلمات وصفت ريما (اسم مستعار) حياتها الزوجية. الفتاة التي كانت تبلغ من العمر 15 عامًا، تزوّجت في العام الذي اندلعت فيه الحرب باليمن. وطوال السنوات الخمس التالية، قيّدها زوجها بالسلاسل إلى جدار منزلهما في وسط اليمن. 

في النهاية، أشفقت عمّتها عليها وأخذتها إلى مركز للدعم النفسي والاجتماعي في بلدة التربة، على بعد 145 كم شمالي غربي عدن. ووفقًا للطبيب الذي عاينها، عانت ريما من اضطراب عصبي ناتج عن الضرب المستمر.

مثل الكثير من النساء اليمنيات اللواتي غالبًا ما يتزوجن قبل سن 18 عامًا، لم تعرف ريما أبدًا الأمان في منزلها.

وأدت الحرب المستمرّة في اليمن منذ ست سنوات، إلى تفاقم مستويات العنف المرتفعة بالفعل ضد المرأة.

وبسبب تضارب الاحتياجات العاجلة، جرى تخفيض تمويل المساحات الآمنة مثل تلك الموجودة في بلدة التربة بشكل جذري.

ويحتاج حوالي 80% من سكان اليمن إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، كما يتزايد انعدام الأمن الغذائي.

في المقابل، ارتفع الطلب على الخدمات للنساء ضحايا العنف بنسبة 36% في عام 2017، وفقًا لاحصائيات الأمم المتحدة.

"إنها مشكلة كبيرة"، يقول نستور أوموهانجي، ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن، الذي يُشير إلى أن "الخدمات التي تُقدّم للنساء ضحايا العنف كانت متوفرة في اليمن حتى قبل الحرب"، لكنّه يعزو ارتفاع الحاجة إليها إلى "زيادة الوعي، مع إنشاء برامج في المناطق التي لم تكن تقرّ بالعنف المنزلي". وأكد أن الحرب "فاقمت أزمة العنف المنزلي".

استغلّ المسلحون انعدام الأمن عند المشرّدين من الحرب من النساء والأطفال الذين تبلغ نسبتهم 83% من مجموع النازحين في اليمن.

سلوى (14 عامًا)، ضحية أخرى للعنف المنزلي، غادرت مدينة تعز مع أسرتها في عام 2015، وبعد ظهر أحد الأيام من العام الماضي، اقتحم مقاتل من الميليشيات تحت تأثير المخدرات، الشقة التي استأجرتها عائلتها، سحلها بشعرها وحاول اغتصابها، لكن صراخها أنقذها، حيث قبض الجيران على الجاني، وحُكم على الرجل بالسجن ستة أسابيع.

تقول سلوى: "أريد أن أصبح محامية، لأنني أشعر أنه ليس لدي أي حقوق، فأنا لم أحصل على العدالة".

كما تعتبر ريما أن المخدرات سبب في نوبات الغضب غير المنطقية والوحشية لزوجها الذي كان يُتاجر بالقات، العشبة المُخدّرة التي يمضغها الكثير من اليمنيين.

كطفل عروس، كانت ريما أكثر عرضة للإساءة. في اليمن، لا يوجد قانون يحد من سن الزواج، وفي عام 2017، ذكرت الأمم المتحدة أن 52% من النساء اليمنيات قد تزوجن قبل سن 18 عامًا.

وتُشير الروايات إلى أن هذه المعدلات ارتفعت كثيرًا مع استمرار الحرب وانزلاق العائلات في براثن الفقر والجوع.

اضطرت ريما إلى ترك المدرسة، تقول: "زوجي لم يسمح لي بمتابعة دراستي. كنت على وشك التخرّج من الصف الـ12، لكن زوجي لم يسمح لي بإكمال دراستي، ووصفني بالغبية، كما استخفّ بالشعر الذي كنت أكتبه".

عندما حملت ريما وعانت من غثيان الصباح، غضب زوجها لدرجة أنه ركلها في بطنها؛ حيث فقدت طفلها.

يوضح أوموهانجي أن "عنف الشريك الحميم هو الشكل الأكثر شيوعًا للعنف القائم على النوع الاجتماعي، وغالبًا ما يترسّخ العنف الأسري في اليمن في البنية الدينية والعائلية". 

وتقول ريما: "عائلتي تُريد مني التحلّي بالصبر، وتحمُّل زوجي. والداي محافظان جدًا، ويريدون إخراجي من المركز وإبقائي في المنزل مع الأصفاد. عاملاني كما لو أنهما وجداني في الشارع ".

يشرح جميل الجميل، مدير مركز بلدة التربة حيث حصلت ريما على مسكن آمن وعلاج، إنه يعتمد  بسنبة 100%، و200%" على تمويل الأمم المتحدة الذي تمّ تقليصه بسبب نقص دعم المانحين لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن.

منذ افتتاحه في عام 2016، عالج المركز 2250 امرأة وطفل. ويقول الجميل: إن الطلب المتزايد على الخدمات ضخم ويتنامى، مقدرًا أن حوالي 80% من النساء في المنطقة عانين من بعض الصدمات نتيجة الحرب.

يقول الجميل: "في أغسطس/ آب، وبعد تخفيض الميزانية، توقّفنا عن إعطاء بعض الأدوية مجانًا للمرضى الذين يحتاجونها".

علاج ريما مدّها بالشجاعة للمطالبة بمستقبل أفضل: "أُفضّل العيش في كهف في الجبال على العودة إلى زوجي؛ أريد استئناف الدراسة، وأريد أن يكون لي مستقبل، وأريد أن أكون طبيبة أو شرطية، أي شيء حتى أتمكن من مقاضاة زوجي".

المصادر:
الغارديان
شارك القصة