Skip to main content

غموض بخصوص ميناء غزة.. ما الدور الذي ستلعبه شركات الأمن؟

الأحد 17 مارس 2024
قررت واشنطن التعاون مع شركة أمنية تُدعى "فوغبو" لتأمين نقل المساعدات من سفن الشحن إلى المرفأ العام وصولًا إلى ساحل غزة - رويترز

لا تزال تفاصيل كثيرة عن ميناء غزة الجاري إنشاؤه غير واضحة، خصوصا ما يتعلق بالمساعدات ونقلها وتأمينها وتوزيعها.

فالتفاصيل المركّبة تزداد ضبابية مع كل نشر جديد من وسائل إعلام دولية، بخصوص تفصيلات لوجستية وأمنية متصلة بالميناء الموعود والمساعدات المُنتظرة.

جديد ذلك، ما نُشر بشأن دراسة إسرائيل التعاقد مع شركات أمن دولية لتوزيع المساعدات في غزة. أما الولايات المتحدة فيبدو أنها حسمت أمرها في التعاون مع شركة أمنية خاصة تُدعى "فوغبو"، لتنسيق وصول المساعدات من سفن الشحن إلى يابسة غزة.

دور شركات الأمن

في التفاصيل، وفي غمرة ترقب جاهزية الممر البحري نحو غزة واللوجستيات المتعلقة به، يبدو أن شركات الأمن الخاصة ستكون حاضرة في قضية المساعدات في أكثر من مرحلة.

فالولايات المتحدة قررت التعاون مع شركة أمنية تُدعى "فوغبو" لتأمين نقل المساعدات من سفن الشحن، إلى المرفأ العام، وصولًا إلى ساحل غزة.

هذا التعاقد مع الشركة الأمنية الأميركية بُرر بأنه ضرورة، لمنع تدخل الجنود الأميركيين المتمركزين قبالة سواحل القطاع، ومع ذلك لم تُنشر تفاصيل علنية بخصوص مهام الشركة حتى الآن. إلا أن مصادر مطلعة قالت إن دور الشركة سيتركز أساسًا على تنظيم حركة المساعدات، لدى وصولها إلى ساحل غزة.

إسرائيل بدورها تدرس التعاقد مع شركات أمنية دولية يبدأ دورها لحظة وصول المساعدات إلى يابسة غزة، فتعمل على تأمينها من مرحلة النقل إلى نقاط التوزيع، وحتى عملية التوزيع نفسها، بحسب ما نشرته شبكة "إن بي سي" الأميركية.

ولأنّ الشركات الأمنية الدولية لن تكون وحدها قادرة على تأمين المساعدات، فإن تقارير تحدثت عن محاولات إسرائيلية وأميركية لانخراط عائلات وجماعات وفصائل في غزة غير مرتبطة بـ"حماس" في عملية المساعدة بالتوزيع.

لكن عملية توزيع المساعدات في غزة ما زالت غير واضحة، ذلك أن شركات الأمن يقتصر دورها على تأمين المساعدات أثناء التوزيع، في حين أن إيصالها للسكان المحتاجين يُعد مهمة منوطة بالمنظمات الإنسانية بحكم اختصاصها، وفق خبراء.

اختبار الممر البحري 

في غضون ذلك، وصلت سفينة مساعدات واحدة فقط إلى سواحل غزة قادمة من قبرص، بينما تستعد سفينة أخرى، وذلك في إطار عملية اختبار كل الجوانب اللوجستية والأمنية إلى حين انتهاء عملية تهييء الميناء العائم.

ويرى متخصصون أن المشكلة ليست في تجميع المساعدات ونقلها، وإنما تبدأ عمليًا لحظة وصولها يابسة غزة ومن ثم توزيعها، نظرًا للخشية من حالة فوضى تنتج عن حالة تجويع غير مسبوقة للسكان جراء العدوان الإسرائيلي المستمر.

بالإضافة إلى ذلك، ما زالت تفاصيل المنظمات الإنسانية التي ستنخرط في عملية التوزيع غير واضحة، في ظل مساع إسرائيلية لتهميش وكالة "الأونروا"، فيما تحدثت الولايات المتحدة عن أنها ستتعاون في قضية المساعدات مع منظمات إنسانية دولية دون ذكر اسمها.

"المشكلة في آلية التنفيذ"

متابعةً لهذا الملف، يقول عدنان أبو حسنة المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" إنهم يرحبون بأي طريقة لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، سواء كان ذلك عبر الطرق البرية أو البحرية أو الجوية.

لكن المشكلة في ذلك على حدّ قوله تكمن في آلية التنفيذ، لا سيما وأن الحديث يدور اليوم عن أن هناك فترة 60 يوما إلى حين البدء عمليًا بإدخال المساعدات عن طريق الممر البحري المؤقت، متسائلًا عمّا سيحدث لسكان غزة لا سيما في الشمال الذين يعانون من مجاعة وكارثة إنسانية.

ويذكر أبو حسنة عبر "العربي" بأن هناك "مئات الآلاف من الفلسطينيين يتضورون جوعًا عمليًا، حيث تفوق أزمة سوء التغذية بشمال قطاع غزة بحسب الإحصائيات دولا إفريقية شهدت مجاعات".

ويردف من القاهرة: "عندما يرتفع سوء التغذية بين الأطفال دون العامين خلال شهر واحد في شمال القطاع من 15% إلى 31%، فهذا أمر مهول وغير مسبوق على الإطلاق".

ويضيف: "المفارقة أنه في جنوب غزة، التي من المفترض أن المساعدات تدخل إليها، وصل سوء التغذية عند الأطفال إلى 28%".

ويتابع المستشار الإعلامي لوكالة "الأونروا": "في غضون ذلك هناك 7 معابر برية بين إسرائيل وقطاع غزة؛ أبرزها مجهز لإدخال آلاف شاحنات المساعدات يوميًا، وليس العشرات فقط كما هو الحال اليوم".

"يجب أن تصل المساعدات برًا وبحرًا وجوًا"

بدوره، يرى نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط ميك مولروي، أن معضلة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة ليست بالخيار بين البحر والبر والجو، بل بالتصديق عليها. 

ويعتقد مولروي الذي هو أيضًا ضابط متقاعد مختصّ بالعمليات شبه العسكرية لدى وكالة الاستخبارات المركزية، أن الممرات البحرية يمكن أن تمر من خلالها مساعدات إنسانية كبيرة نحو مناطق يصعب الوصول إليها عبر الشاحنات.

ويقول: "كما تعلمون، البنى التحتية دمّرت على نحو ملحوظ في غزة لا سيما في الشمال، وأعتقد أن المهم نتيجة ذلك أن يكون هناك رصيف مؤقت شبيه بما ستقوم به الولايات المتحدة الأميركية يمكن استخدامه من قبل أي مجموعة مصدق عليها".

في هذا السياق، يلفت نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي الأسبق في مداخلته مع "العربي"، أنه مع وجود ضرورة لإعادة الإعمار وتأهيل البنى التحتية، يجب أن تكون هناك قدرة لوصول كميات كبرى من المساعدات.

وعن فتح المعابر البرية يعلّق مولروي من مونتانا: "لا ضرر في ذلك.. يجب أن تصل المساعدات برًا وبحرًا وجوًا، وتشييد الممر البحري على نحو سريع.. لا سيما في خضم المجاعة شمالي غزة".

"سعي لإيجاد أطر بديلة"

أما الدكتور إبراهيم فريحات، أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا، فيتطرق إلى وجود أزمتين في غزة أولّهما الأزمة الإنسانية المتمثّلة بتجويع أهالي القطاع، والأخطر منها على حدّ تعبيره هي الأزمة السياسية "التي تدور خلف الأضواء".

فالأزمة السياسية ترتبط بحسب فريحات بالولايات المتحدة وإسرائيل، وتتمثل في السعي إلى إيجاد أطر بديلة للعمل الإنساني الحالي في قطاع غزة.

ويذكر بوجود معابر برية جاهزة وطواقم مؤهلة وتتمتع بالخبرة العالية مثل "الأونروا"، التي تمتلك بيانات الأهالي وعلى معرفة بجميع القضايا اللوجستية.

ويتابع أستاذ النزاعات الدولية في حديثه لـ"العربي" من الدوحة، أن "الأزمة السياسية تكمن في أن واشنطن وتل أبيب تريدان استبدال هذه الأطر الإنسانية، والإطار الأمني المتمثّل بالشرطة الفلسطينية التي بإمكانها توفير الأمن لتوزيع المواد الغذائية وإيصالها إلى محتاجيها".

بالتالي، ما يحدث اليوم وفق تصور فريحات هو أن الأزمة الإنسانية تقع ضحية للأزمة السياسية التي تلقي بظلالها على الوضع الإنساني في غزة، وتريد أن تستحدث وتستبدل الأطر الموجودة بأخرى جديدة مثل الاستيراد عبر البحر والجو.

كما تطل هذه الأزمة السياسية اليوم بالحديث عن إيجاد شركات أمنية خاصة لا علم حتى الآن بمدى قدرتها على التعامل مع الوضع الإنساني المتفاقم، بحسب أستاذ النزاعات الدولية.

المصادر:
العربي
شارك القصة