فصول من الرعب والمأساة.. "جرائم منظمة" تستهدف أطفال اليمن
في ظل صراع مسلح وصمت دولي مستمرّ، يواجه جيل كامل من أطفال اليمن انتهاكات جسيمة تكرّس في ذاكرتهم فصولًا من الرعب والمأساة، يبدو محوها مستحيلًا.
فمن التضوّر جوعًا والمجاعة المحدقة، إلى أهوال الحرب التي تجاوزت الخمس سنوات، ثمّة طفولة يمنية مفقودة لا تعرف للفرح مناسبة ولا للهو أو اللعب سبيلًا، أمضت وقتها في خوف وهلع.
لكن ثمّة "جرائم منظّمة" أكبر من كلّ ما سبق يتعرّض لها أطفال يمنيون بعمر الورد، يُختطَفون من بين أحضان عائلاتهم ويُستغَلّون في القتال في الحرب اليمنية.
قضية مؤرقة للمجتمع اليمني
تُعتبَر قضية اختطاف الأطفال قضية مؤرقة للمجتمع اليمني، وتتداخل فيها عناصر وجوانب متعددة، منها ما هو جنائي متعلق بتجارة الأعضاء، ومنها ما هو سياسي متعلق بالحرب.
ووفقًا لفريق "يونيسيف" المعني بمتابعة ورصد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الطفل، تمّ في الفترة الممتدة بين مارس/ آذار 2015 ومارس 2019 التحقق من تعرض ما يزيد عن 7522 طفلًا، إما للقتل أو الإصابة منذ بداية النزاع، وتجنيد ما يزيد عن 3309 من الفتيان في القوات والجماعات المسلحة.
وتشير التقارير المحلية إلى أنه تم تسجيل 1018 حالة اختطاف واعتقال تعسفي تعرض لها الأطفال في 19 محافظة يمنية، تصدّرتها محافظة البيضاء بواقع 123 حالة وبعدد 85 طفلًا لمحافظة تعز.
جرائم منظمة وممنهجة
أكثر من ذلك، تحوّل اختطاف الأطفال في اليمن في الآونة الأخيرة من مشكلة اجتماعية وممارسات فردية إلى جرائم منظمة وممنهجة، لها ارتباط وثيق بالتحولات السياسية والعسكرية التي تشهدها البلاد.
ويروي بعض الأهالي لـ"العربي" فصولًا من المأساة والمعاناة، بعد تعرّض أطفالهم للخطف وبعضهم للقتل، فيما يشكو آخرون من ضغوط سياسية تفضي إلى إطلاق الخاطفين، حتى بعد كشفهم.
ورغم ذلك، لم تلقِ الأطراف المتصارعة بالًا لظاهرة اختطاف الأطفال، والاتهامات المتبادلة حتى الآن.
وحاول "العربي" التواصل مع المؤسسات الحكومية الرسمية في اليمن، ومنها وزارة حقوق الإنسان، للحصول على تعليق حول الاتهامات الموجهة إليهم، إلا أنهم رفضوا إجراء مقابلة تلفزيونية معلّلين ذلك باعتبارات أمنية وسياسية.
كما تواصل "العربي" أيضًا مع المنظمات الدولية المعنية بحماية الأطفال خلال النزاع المسلح من أجل إجراء مقابلة تلفزيونية، منها منظمة "Save the children" في اليمن، لتوضيح واقع الطفولة في اليمن، عبر التنسيق المباشر والبريد الإلكتروني. لكنها اعتذرت عن الإدلاء بأي تصريح نظرًا لحساسية الموضوع، وخوفًا من تعرضهم لمشاكل أمنية في الوقت الراهن، كما هو الحال مع منظمة "يونيسف" التي لم يتلقّ فريق "العربي" أيّ ردّ منها.