في ظل الموقف الإسرائيلي المتشدد.. ما هي آفاق نجاح مفاوضات القاهرة؟
تتواصل جولة المفاوضات المنعقدة في القاهرة بشأن وقف إطلاق النار في غزة بمشاركة الوسطاء، حيث أكدت حركة حماس لـ"العربي" بأنها لن تفاوض على مقترحات جديدة وستلتزم بما ورد في المقترح الذي وافقت عليه.
ويتهم طاهر النونو المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس في حديث لـ"العربي" رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالمماطلة، حيث دعا الولايات المتحدة إلى الضغط على تل أبيب لتقبل بالمقترح المطروح.
إسرائيل لن توافق على إنهاء الحرب
وعلى الجانب الآخر، تنقل وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن ردَّ حماس تجاوز الخطوط الحمراء لتل أبيب ولا يمكن القبول به، مؤكدين في ذات الوقت أن مباحثات القاهرة مستمرة بتفويض واسع للوفد الإسرائيلي الذي سيعمل على سد الفجوات والوصول إلى تفاهمات.
أما المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية فأكد مجددًا أن إسرائيل لن توافق على إنهاء الحرب مع ترك حماس في السلطة.
من جهتها، تؤكد الولايات المتحدة، التي التقى مدير مخابراتها في تل أبيب بنتنياهو وكبار مسؤوليه السياسيين والأمنيين، على لسان المتحدثة باسم البيت الأبيض أن "محادثات القاهرة مستمرة وأن إسرائيل وحماس اقتربتا بدرجة كافية من التوصل إلى اتفاق يسمح لهما بسد الفجوات في موقفيهما".
ويأتي ذلك فيما أشهرت واشنطن ورقة الدعم العسكري في وجه الحكومة الإسرائيلية، وذلك بتأكيد وزير الدفاع الأميركي عكوف واشنطن على مراجعة بعض المساعدات الأمنية لإسرائيل على خلفية تطور الأحداث في رفح.
ضمانات أميركية لوقف إطلاق النار
وبالنسبة لمسار التفاوض، يعتبر أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا، إبراهيم فريحات، أن المفاوضات تتوقف عند نقطة حاسمة تتمثل في الضمانات المطلوبة لضمان أن هذا الاتفاق يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار.
ويشير إلى أن حماس قدمت تنازلًا بتأجيل تطبيق بند وقف إطلاق النار إلى المرحلة الثانية، بعد أن كانت تصر على تطبيقه في المرحلة الأولى، وفق قوله.
وفي حديثه لـ "العربي" من الدوحة، يقول إبراهيم فريحات: "يبدو أنه كانت هناك ضمانات أميركية لحركة حماس بأن يُطبق وقف إطلاق النار في المرحلة الثانية من الاتفاق، وهو ما دفع حماس لقبول المقترح المصري القطري".
ويضيف: "الآن الكرة في ملعب الإسرائيليين"، مشيرًا إلى رفض الحكومة الإسرائيلية الكامل لأي مسألة تتعلق بوقف إطلاق النار بصورة دائمة.
ويشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية نفّذت ما كانت تهدد به باقتحام رفح بغض النظر عن الاتفاق مع حماس، مما أحدث مشكلة بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية، حيث وقعت أزمة تعليق شحنات الذخائر من الولايات المتحدة إلى إسرائيل.
موقف إسرائيل يعاكس الإدارة الأميركية
من جانبه، يعتبر كبير الباحثين في مركز المصلحة الوطنية، غريغ بريدي، أن تعليق إرسال الذخائر إلى إسرائيل "حركة جديدة ومهمة من إدارة الرئيس بايدن" خوفًا من استخدامها في رفح.
ويشير بريدي في حديثه لـ "العربي" من واشنطن إلى أن موقف عدد من المسؤولين الأميركيين إيجابي بشأن اتفاق التهدئة، في مواجهة موقف معاكس من الحكومة الإسرائيلية.
ويرى أن الإدارة الأميركية تدعم "فكرة إيجاد مسار لإنهاء هذه الحرب مما يؤدي إلى وقف إطلاق نار دائم".
كما يعتبر بريدي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه صعوبات سياسية مع تحالفه اليميني المتطرف الذي قد يغادره بعض من حلفائه، ما قد يؤثر على موقعه في الانتخابات القادمة إذا وافق على وقف إطلاق النار في غزة.
التزام داخلي بموقف إسرائيل
من جهته، يستغرب الباحث في مركز مدى الكرمل، إمطانس شحادة، ما يجري في الأيام الأخيرة بعد رد حركة حماس بشكل إيجابي على المقترح المصري، حيث لم يحدث أي تصدع داخل الحكومة الإسرائيلية بعد الرفض الإسرائيلي لموقف حماس.
ويلفت شحادة في حديثه لـ "العربي" من حيفا إلى أن حزب المعسكر الرسمي، أي الوزيران بيني غانتس وأيزنكوت، لم يخرجا عن الموقف الرسمي للحكومة الإسرائيلية، بل قالا إنّ ردّ حماس غير مقبول ولا يستجيب للحد الأدنى من متطلبات الحكومة الإسرائيلية في عدد من الجوانب الهامة، منها وقف إطلاق النار.
ويشير شحادة إلى أن شرط الحكومة الإسرائيلية لقبول أي صفقة مع حماس لتبادل الأسرى ووقف مؤقت لإطلاق النار هو أن لا يؤدي ذلك إلى وقف الحرب.
كما يلاحظ شحادة إشكاليات تتعلق بكيفية إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية وعددهم، مشيرًا إلى أن حماس تشترط أن لا تمارس إسرائيل الفيتو على هوية الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم تحريرهم.
لكنه يعتبر أن الإدارة الأميركية تتفق مع إسرائيل على أهداف الحرب الإستراتيجية، أي القضاء على قدرات حماس وإطلاق سراح المحتجزين ومنع أي تهديد مستقبلي على إسرائيل من قطاع غزة. لكنه يرى أن الخلاف الآن بين إسرائيل والإدارة الأميركية هو على التفاصيل والتكتيك.