Skip to main content

في مراحله الأولى.. باحثون يكتشفون آليات تُحسّن فهم تشكل الجنين البشري

الخميس 2 مايو 2024
تتيح الدراسة فهم الجنين البشري بشكل أفضل، من دون توقّع نتائج ملموسة على الفور- غيتي

اكتشف عدد من الباحثين أخيرًا الآليات التي تتيح لخلايا الإنسان الأولى تشكيل جنين، مما يوفر معطيات جديدة عن المراحل الأولى من حياة الكائن البشري. وهذه الدراسة التي نشرت نتائجها أمس الأربعاء مجلة "نيتشر" العلمية، هي "الأولى حول ميكانيكية تشكل الجنين البشري".

ففي البداية، وبعد أيام قليلة من الإخصاب، يكون الالتقاء بين الحيوان المنوي من الرجل والبويضة لدى المرأة قد أدى إلى ظهور خلية جذعية انقسمت إلى حوالي عشر خلايا أخرى.

ثم تأتي اللحظة التي تتقارب فيها هذه الخلايا وتتكتّل لتكوّن كلًا واحدًا، فيتشكّل عندها الجنين في مرحلته الأولى. عندها فقط تتمايز الخلايا لتكشف تدريجيًا عن الأعضاء، فيتكوّن بعدها شيئًا فشيئًا الشكل البشري.

ولذلك فإن هذه الخطوة الأولى، والتي تسمى بالإنكليزية compaction ("الضغط")، تُعتبر بالغة الأهمية. وهذا هو موضوع الدراسة التي أجرتها بشكل رئيسي الباحثة جولي فيرمان وشارك فيها المركز الوطني للأبحاث العلمية في فرنسا، والمعهد الوطني للصحة والبحث الطبي (إنسيرم) ومعهد كوري.

دور ثانوي فقط

وتثير استنتاجات الباحثة تساؤلات حول الطريقة التي نظر من خلالها البشر إلى آليات تشكّل الجنين خلال العقود الماضية، حيث كان يُعتقد أن الآلية الرئيسية تتمثل في التصاق الخلايا ببعضها البعض، عن طريق التصاق جدرانها.

لكنّ هذه الدراسة خلصت إلى أن هذا العامل يلعب دورًا ثانويًا فقط، فيما الأهمّ يتمثل في قدرة كل خلية على الانقباض، وهي الآلية التي من خلالها تتجه نحو بعضها البعض.

ويقول الباحث جان ليون ميتر الذي قاد الدراسة لوكالة "فرانس برس": "عليك أن تتخيل مجموعة من الأشخاص يمسكون أيديهم" ثم تنغلق تدريجيًا.

وفحص الباحثون من أجل التوصل لهذا الاستنتاج خلايا أجنة عدة غير مستخدمة أثناء التخصيب في المختبر، ومجمّدة في مراحل مختلفة بين ثلاثة وخمسة أيام.

وكلما تقدمت المرحلة، أصبحت خلاياهم أكثر قدرة على الانقباض. ولم يحدث أي تغيير بالنسبة لدرجة التصاق جدران الخلايا، إذ بقي ذلك ثابتًا.

وخلص الباحثون إلى أن الآلية الأولى، وليس الثانية، هي التي تؤدي دورًا مركزيًا في تقارب الخلايا وتكوين الجنين.

"تسهيل تكوين الأجنّة"

ويشدد ميتر على أن "ما يجعل الخلايا تلتصق ببعضها البعض ليس كمية المواد المسببة للالتصاق، بل جهود الانقباض هذه". ويقول: "الأمر ليس مفاجئًا على الإطلاق".

وعلى مدار الأعوام العشرين الماضية، أظهرت الدراسات تباعاً آليات مماثلة لدى الذباب، ثم لدى ثدييات مثل الفئران.

لكن إذا كانت كل هذه الحيوانات تتشارك مع البشر في غلبة آلية الانقباض، فإن التفاصيل تختلف: فعلى سبيل المثال، فإن هذه الآلية لا تتوزع بالطريقة نفسها داخل الخلية.

وبالتالي فإن الدراسة التي نُشرت نتائجها الأربعاء تتيح فهم الجنين البشري بشكل أفضل، من دون توقّع نتائج ملموسة على الفور.

ويمكن بالطبع أن نتخيل أنه في يوم من الأيام، وبفضل هذه المعرفة، سيتم تسهيل تكوين الأجنّة المخصصة للتخصيب في المختبر.

"تنوع مذهل لأشكال الحياة"

ولكن حاليًا، في كل الأحوال، يتم اختيار زرع الأجنة التي اجتازت هذه المرحلة الأولية بنجاح.

وفيما تمثّل هذه الدراسة تقدمًا كبيرًا، فهي قبل كل شيء تتعلق بمعرفة مراحل التكوين الأولى للحياة البشرية، وهو مجال بحث اكتسب زخمًا في السنوات الأخيرة.

ويمكن أيضًا إدراج عمليات التصنيع الحديثة في المختبر، من فرق بحثية عدة، لهياكل قريبة من الجنين.

ويُشار أحيانًا إلى هذه الهياكل باسم "الأجنة الاصطناعية"، حتى لو كان هذا المصطلح مثيرًا للجدل. ومن شأنها أن تتيح دراسة كيفية تمايز الخلايا، ثم الأعضاء، خلال الأسابيع الأولى من الحمل.

وعلى غرار هذه الأعمال، تهدف هذه الدراسة الجديدة أولًا إلى تحسين فهم كيفية بناء الكائن البشري، وما الذي يجعله أقرب إلى الحيوانات الأخرى وما يميزه.

كما يعد العمل الجديد "باكتشاف كيف تستخدم الطبيعة قوانين الفيزياء لإنتاج الكثير من أشكال الحياة، بتنوعها المذهل".

المصادر:
أ ف ب
شارك القصة