"كارثة ثقافية".. عمليات نهب وسرقة وتهريب الآثار "تنشط" في سوريا
منذ السنوات الأولى لبدء الثورة في سوريا، التي حوّلها النظام إلى حرب دموية، تنشط عمليات نهب وسرقة الآثار، في ظاهرة وُصِفت بـ"الكارثة الثقافية".
ومرّت على سوريا، كما العديد من الدول المجاورة، واستوطنت فيها حضارات عدّة، من الكنعانيين إلى الأمويين، مرورًا باليونانيين والرومان والبيزنطيين.
وتحمل سوريا في متاحفها وآثارها آلاف القصص من التاريخ خصوصًا حلب وإدلب ودير الزور ودمشق والرقة، وتدمر أو عروس البادية.
آلاف القطع "النادرة" سُرِقت
وبحسب التقارير الموثّقة، فقد ازدادت عمليات سرقة وبيع الآثار التاريخية في البلاد بشكل منظّم، بداية مع تنظيم الدولة وصولًا إلى الميليشيات الموالية لإيران.
وفي هذا السياق تمّت سرقة آلاف القطع الأثرية النادرة من كل المحافظات السورية، خصوصًا بعد سيطرة تنظيم الدولة عام 2014.
وتشير التقارير إلى أنّ مليون قطعة سُرِقت وعشرات الهكتارات جرفت خصوصًا في محافظة حمص.
وفي الآونة الأخيرة، بدأت الميليشيات الموالية لإيران في سوريا بسرقة مواقع أثرية بهدف جني الأموال.
أبرز المواقع المسروقة
وتُعَدّ آثار بقرص التي تقع في دير الزور من أبرز المواقع التي تعرّضت للنهب، علمًا أنّ هذه المنطقة شهدت تجمعات سكانية قبل تشكّل الإمبراطوريات الكبرى في العالم.
ومن المواقع المنهوبة أيضًا "تلة العشارة" التي تعود إلى العصر البابلي الأول، وآثار الصالحية في البوكمال.
كما تمّت سرقة محتويات تل طابوس في ريف دير الزور الغربي، ويعود هذا الموقع إلى العصر الفارسي الأول.
وبعث الحرس الثوري الإيراني منذ عامين عناصر له للتنقيب في آثار الصالحية ما أدّى إلى تخريب بعضها.
"لخدمة أجندات مختلفة"
ويشير الباحث في مركز عمران للدراسات الإستراتيجية نوار شعبان إلى أنّ موضوع سرقة الآثار يتمّ عن طريق شبكة منظّمة، لكنّه يلفت إلى أنّ الخطير في الأمر في سوريا تحديدًا يكمن في كيفية توظيف عمليات سرقة الآثار لخدمة أجندات مختلفة.
ويوضح شعبان في حديث إلى "العربي"، من إسطنبول، إلى أنّ الفكرة التي طرحت نفسها في الملف السوري هي كيف أنّ بعض التشكيلات سواء كانت عابرة للحدود مثل تنظيم الدولة وغيره، أو تشكيلات أمنية تابعة للنظام أو غيره، وظّفت موضوع الآثار والاستفادة منها لأهداف محلية تخدم مشروعها.
ويشرح أنّ موضوع التجارة بالآثار المسروقة في مرحلة الصراع السوري لا يقتصر على الأهداف المادية وإنما له علاقة أيضًا بالأهداف المتصارعة على الأرض، مضيفًا أنّ الجهة المسيطرة على منطقة معينة تستفيد من الثروة الأثرية لفرض نفوذها وشروطها.