كيف أظهر كأس العالم تضامن الشعوب العربية؟
كان يكفي أن يتأهل المنتخب المغربي إلى نصف نهائيات كأس العالم 2022 في قطر، حتى يغمر الساحات الفخر والفرح.
فقد امتلأت المدرجات، وصدحت الحناجر وتوشحت الجماهير العربية بالعلم المغربي، ليس في الدوحة فحسب، بل في أرجاء مختلفة من العالم العربي.
وفي مباريات سابقة توشح المشجعون على اختلاف جنسياتهم العربية بأعلام منتخب قطر وتونس والسعودية، فيما زينت أعلام فلسطين أيضًا الدوحة في الملاعب وخارجها، فرافعوها ليسوا بالضرورة فلسطينيين، فهم عرب. وهذا يكفي لحب فلسطين.
فظاهرة الانتماء العربي التي عززها هذا المونديال رصدتها صحيفة "نيويورك تايمز الأميركية"، التي يقول فيها الكاتب إن أداء المغرب في كأس العالم بهذا العام، يشير إلى لحظة خاصة من الوعي الذاتي، وتفاؤل غير محترس لم يلمس منذ انتفاضات الربيع العربي.
"العروبة الناعمة"
وفي هذا الإطار، اعتبر الأكاديمي والباحث الدكتور خالد الحروب، أن ما كشفه كأس العالم في قطر هو تقريبًا جزء منه على الأقل يحاول الدفاع عنه، وهو القول بأن هناك نوعًا من المشاعر والمشتركات والتضامن العربي، والأحاسيس العربية التي تتعدى وتتخطى الحدود السياسية والانقسامات الحدودية والخلافات بين الأنظمة.
وأشار في حديث لـ"العربي"، إلى تعبير كتبه بالعربية والإنكليزية في بعض المقالات أسماه العروبة الناعمة، التي يراها الفرد في المناسبات الثقافية والفنية والأدبية والرياضية، لافتًا إلى أن الإنسان العربي يطرب لنفس المغنين سواء كان في موريتانيا أو المغرب أو تونس.
وتابع الحروب أن هذا الذي يجري من تضامن ما زال متماسكًا، وأن بنية العروبة الناعمة ما زالت قوية بخلاف ما يسميه العروبة الصلبة وهي السياسة وتقلباتها وانقساماتها.
وأردف أن كأس العالم في قطر أثبت أنه ما زال أمامنا أمل قوي أن الشعوب العربية التي لديها نفس الأحاسيس، لافتًا إلى أن الجميع وقف وراء المتخب المغربي، والتونسي والسعودي والقطري.
وأشار الحروب إلى أن العروبة الناعمة جمعت الجزائريين والمغاربة، كما جمعت أنصار حماس وفتح في غزة والضفة الغربية الذين يشجعون نفس الفريق، وجمعت أيضًا العرب بمختلف انتماءاتهم السياسية والدينية والثقافية بتشجيع المنتخب المغربي في المونديال.
"ديمومة اللحظة الجميلة"
وبين الأكاديمي والباحث الدكتور خالد الحروب أن العروبة الناعمة تفتح باب احتمالات المستقبل، بحيث لا نعرف ما هي، لكنها تقول لنا إن باب المستقبل مفتوح لا يغلق بالتشاؤم ولا يغلق بالوضع العربي الراهن المفتت والمنقسم، وأن هذا ليس نهاية العالم أو الوطن العربي.
وتساءل "ما إذا كانت العروبة الناعمة تقودنا إلى ديمومة اللحظة الجميلة واستعادتها بفترات زمنية أطول، وهل تقودنا إلى تشكل سياسي ما؟"، مشددًا أنها تفتح باب الاحتمالات ولا تغلقها.
وقال الحروب: إن "ما رأيناه في كأس العالم، كأنه يقول لما أن هناك شيئًا يحدث في العالم العربي، عندما تتقارب أمزجة مئات الملايين من العرب حول قضية معنية حتى لو كانت كرة القدم، لكنها تعني الكثير".
وأشار إلى تعليق إسرائيلي يعبر عن غضب بالغ وهزيمة منكرة مفاده، بأن إسرائيل أكثر فريق تعرض للخسارة في مونديال قطر رغم أنه لم يكن مشاركًا، بسبب المشاعر العربية الجياشة والفياضة التي وجدت في تأييدها مساحة تستطيع أن تملأها.
وأكد الحروب أن العروبة الناعمة إذا وجدت مساحة وظرفًا سياسيًا ما، سوف تتجه نحوه وتملؤه، وربما تعمل عليه، مشيرًا إلى أن المساحة التي أتيحت لها كانت تأييد فلسطين.