Skip to main content

كيف يُحاول "مليارديرات كورونا" تفادي تسديد فاتورة الثراء الفاحش؟

الخميس 25 مارس 2021
زادت ثروات المليارديرات في الولايات المتحدة 1.3 تريليون دولار.

في العام 2020، وبينما كان العالم يئن تحت وطأة جائحة كوفيد-19، والاقتصاد العالمي يواجه أسوأ كساد منذ الحرب العالمية الثانية، تضخّمت ثروات المليارديرات وارتفعت إلى الذروة.

والآن، يُخاطب بعض هؤلاء مديري ثرواتهم للبحث في كيفية الحفاظ عليها وتدعيمها، وسط الخراب العالمي الذي تسبّبت فيه الجائحة، فيما يدرس آخرون كيفية تفادي أي مطالب من الحكومات وعامّة الناس، لكي يتحمّل الأثرياء نصيبهم من ثمن النهوض من كبوة فيروس كورونا، وكيفية التعامل مع تلك المطالب.

وفي هذا السياق، قال موريس بيرل، العضو المنتدب سابقًا لدى "بلاك روك" والذي يرأس جماعة "باتريوتك مليونيرز (المليونيرات الوطنيون): "انهار سوق الأسهم قبل عام وبحلول يوليو/تموز كانت محفظتي قد عادت إلى ما كانت عليه قبل ذلك في بداية العام. وهي الآن أعلى بكثير".

وأضاف رئيس "باتريوتك"، التي تعتقد أن على أصحاب الثروات بذل المزيد من الجهد لتضييق الهوة بين الأثرياء والفقراء، أن "المشكلة الجوهرية هي هذا الظلم الجسيم الذي يزداد استفحالًا".

وأوضح روب ويبر، الرئيس التنفيذي لشركة "تيدمان كونستانتيا" السويسرية لإدارة الثروات أنه "من الجلي أن الفاتورة في الطريق إلى الجميع"، مضيفًا أن بعض الزبائن يفكرون أيضًا في بيع أصول كبرى مثل الشركات قبل أن ترتفع الشرائح الضريبية.

ويقول مديرو الثروات إن انتخاب جو بايدن رئيسًا في الولايات المتحدة، وتوقّعات زيادة الضرائب على الأغنياء، أدت بصفة خاصّة إلى زيادة حادّة في الطلب من الزبائن على إنشاء صناديق الوقف.

وسيسمح لهم ذلك بنقل الأموال إلى أبنائهم أو غيرهم من الأقارب بمقتضى الحد المعفى قانونًا من الضرائب حاليًا، ويبلغ 11.7 مليون دولار للفرد الواحد.

وخلال حملة الدعاية الانتخابية، اقترح بايدن العودة إلى المستويات السارية عام 2009، عندما كان حد الإعفاء يبلغ 3.5 مليون دولار.

وقالت ألفينا لو، كبيرة خبراء استراتيجيات الثروات لدى "ويلمنغتون تراست": "شهدنا طفرة في صناديق الوقف الجديدة في الربع الأخير من العام الماضي".

وأضافت: "الغالبية العظمى من عملائنا تبنّت نهجًا يدعو للتريّث حتى الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني ثم ازدادت السرعة بشدة".

مستويات غير مسبوقة من الثراء

تقول "فوربس" إن حوالي ثلثي طبقة المليارديرات على مستوى العالم، زادت ثرواتهم في 2020، وإن أكبر المستفيدين بلغوا مستويات غير مسبوقة من الثراء، وذلك بفضل تريليونات الدولارات التي ضخّها المسؤولون عن رسم السياسات دعمًا للاقتصاد.

وتُقدّر "فوربس" أن ثروات الأثرياء زادت 20% في 2020 بحلول منتصف ديسمبر/كانون الأول.

وتمتّع كثيرون منهم بفرص استثمارية لا تتاح لصغار المستثمرين العاديين، فاستفادوا من تقلّبات الأسواق في تعاملات الأدوات المالية المشتقّة قصيرة الأجل، وفقًا لما يقوله ماكسميليان كونكل، كبير مديري الاستثمار للثروات العائلية لدى بنك "يو.بي.إس".

وأشار كونكل إلى أنه عندما انهارت أسعار الأصول باع عدد من أكبر زبائن البنك من الأثرياء، عقود خيارات البيع أو لجأوا إلى تعاملات أكثر تعقيدًا من استراتيجيات التحوّط لمخاطر الانتكاس، ما ساعدهم على الاستفادة من مراهناتهم على أن الأسعار سترتفع في نهاية المطاف.

وأضاف: "بعض زبائننا اتسموا بحركة غير عادية في الاستفادة من اضطرابات الأسواق".

وضع فريد

والآن وفي الوقت الذي تكافح فيه الحكومات على مستوى العالم تضخم ديونها واضطرابات شعبية متنامية، يدرك المليارديرات أن الأضواء المسلطة على ثرواتهم ستزداد سطوعًا.

وقد تنبّه عدد كبير من الأثرياء للمطالب البادية في الأفق من السلطات الضريبية، وعملوا على التعجيل بخطط ضخ الأموال في صناديق الوقف لأولادهم.

وقال جيسون كين، خبير استراتيجيات الثروة، إن العديد من الأسر بالغة الثراء سعت أيضًا لنقل أصول أخرى من بينها شركات إلى صناديق الوقف، مستفيدة من وضع "فريد" يتيحه انخفاض أسعار الفائدة والتقييمات المنخفضة بفعل الجائحة في ترتيب أوضاع قد تحقّق لها وفورات ضريبية كبيرة في الأعوام المقبلة.

وأوضح كين، الذي يعمل في شركة "بوسطن برايفت" لاستشارات الثروات في الولايات المتحدة، أن الاستفسارات عن مثل هذه الاستراتيجيات زادت إلى ثلاثة أمثالها خلال الأشهر السبعة أو الثمانية الأولى من الجائحة.

وقال: "ما بين 75 و80% من الأسر التي نتحدّث إليها مقتنعة بأن ذلك الوقت كان فرصة سانحة، وأنه كان عليها أن تتحرك".

التفكير في الانتقال

وفي غضون ذلك، يخطو آخرون في مختلف أنحاء العالم خطوات أكثر جرأة بالانتقال إلى دول ومناطق ذات نظم ضريبية ومجتمعات مواتية للثراء البالغ.

وقالت شركة "هينلي آند بارتنرز"، وهي شركة عالمية لتقديم المشورة في ما يتعلّق بالجنسيات والإقامة ومقرها لندن، إن الاستفسارات من كبار الأثرياء الساعين للانتقال من بلادهم قفزت خلال الجائحة.

وأضافت أن عدد الاتصالات من الزبائن في الولايات المتحدة، قفز 206 % في 2020 عن العام السابق، بينما زادت الاتصالات من البرازيل بنسبة 156 %.

وبالنسبة لكثيرين في الدول الناشئة، فقد دفعت المخاوف من أن تؤدي شدة الضغط على الخدمات العامة إلى اضطرابات شعبية ضمن فئة الأجيال الأصغر سنًا من أفراد الأسر الثرية، بصفة خاصة، إلى البحث عن فرص في الخارج.

العمل الخيري

وفي الوقت الذي تواصل فيه الدول مكافحة تداعيات الجائحة، يشير الاقتصاديون إلى مشكلة أكبر تلوح في الأفق تتمثّل في الفصل بين الثروة المفرطة وبين الرخاء الاقتصادي عمومًا.

وبحلول أوائل مارس/آذار، زادت ثروات المليارديرات في الولايات المتحدة 1.3 تريليون دولار أي بما يعادل النصف تقريبًا منذ بداية الجائحة، وفقًا للأبحاث التي أجراها معهد دراسات السياسات وجماعة "أميركيون من أجل العدالة الضريبية".

وبهذا، ارتفعت ثروة هؤلاء إلى 4.2 تريليون دولار، أي ما يعادل خُمس الناتج الاقتصادي الأميركي في 2020 تقريبًا، ومثلَي الثروة الإجمالية للنصف الأفقر من السكان البالغ عددهم 330 مليون نسمة.

وقد ركّزت الجائحة أنظار كثيرين من أثرى الأثرياء على القضايا الاجتماعية، وفقًا لما قالته جودي سبالتوف، رئيسة الإدارة الأميركية للخدمات الاستشارية والخيرية لدى "يو.بي.إس".

وبالنسبة لكثيرين يعني ذلك الاتجاه للعمل الخيري.

وقد شهد فريق "سبالتوف" طفرة في الزبائن الذين يدخلون في شراكة مع مؤسسة "أوبتيموس" التابعة لبنك "يو.بي.إس"، والتي تتولّى تحويل الأموال إلى قضايا مثل حركة "العمل ضد الجوع"، وارتفعت التبرعات بنسبة 74% العام الماضي عنها في 2019 لتصل إلى 168 مليون دولار.

غير أن المليونير جاري ستيفنسون، الذي يعيش في بريطانيا وهو متعامل سابق في "سيتي بنك"، يرى أن أي خطة لمعالجة هذا التفاوت في الثروة لا بد أن تشمل ضريبة على الثروة.

وقال: "نحن نعيش في وضع الآن يدفع فيه المليارديرات في كثير من الأحيان ضرائب بشرائح ضريبية على دخلهم أقلّ من العمال العاديين".

وأضاف: "لكني لا أعتقد أن فرض الضرائب على دخلهم سيكفي ببساطة ... فالأمر يتطلّب ضرائب تسري على الثروة".

المصادر:
رويترز
شارك القصة