Skip to main content

هربت من الارتباط مرّتين.. "فطومة" تحارب زواج القاصرات في النيجر

الخميس 23 ديسمبر 2021
تعقد فطومة اجتماعات مع نساء لتوعيتهم حول مخاطر الزواج المبكر

لمرتين على التوالي، استطاعت الفتاة النيجرية "فطومة" الإفلات من زواج مدبّر في بلد أصبحت فيه 76% من الفتيات عرائس قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة، وهو أعلى معدل لزواج الأطفال في العالم.

ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست"، تُساعد فطومة فتيات أخريات على التخلّص من هذه الزيجات التي يعتبرها الأهل "وسيلة لتخفيف الضغط المالي مع توفير حياة أكثر استقرارًا للفتيات"، خاصّة مع انتشار جائحة كورونا التي أدت إلى ارتفاع عدد الزوجات القاصرات.

وتوقّعت "اليونيسف" أن تتسبّب آثار انتشار فيروس كورونا، من إغلاق المدارس وتزايد الصعوبات المالية، في دفع ما يصل إلى 10 ملايين فتاة أخرى إلى الزواج قبل نهاية العقد الحالي. ومن المتوقّع أن يتفاقم هذا الاتجاه، مع انتشار زواج الأطفال بالفعل بشكل رئيس في جنوب آسيا وافريقيا.

رسالة بسيطة لكن مؤثرة

وتقول الأمهات إنهن "يردن حماية فتياتهن". وهذا المنطق هو نفسه الذي سمعته فطومة من والدتها لدى محاولة العائلة تزويجها من قبل.

وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، حاولت فطومة مواجهة هذا المنطق في حيها، حيث كانت تطرق الأبواب وتلتقي بالوالدين. وكانت رسالتها: "دعوا بناتكم يكبرن".

وتحاول الفتاة البالغة من العمر 21 عامًا، أن تنقل رسالتها البسيطة لكن المؤثرة للأهل قبل أن تنهمر عروض الزواج ، والتي تكون غالبًا من رجال كبار بالسن، بالتدفّق على عوائل الفتيات، والتي تشمل حزمة "جذابة" من المنافع، منها المال أو الطعام أو الماشية.

تعمل فطومة في منظمة "Agir Plus" غير الربحية، في إحدى ضواحي عاصمة النيجر، وشهدت مؤخرًا انضمام المزيد من الفتيات المحتاجات إلى المساعدة: 300 فتاة سنويًا.

قصة كفاح

وتحت شجرة أكاسيا، تعقد فطومة اجتماعات مع نساء لتوعيتهم حول مخاطر الزواج المبكر. وتشرح قصتها: لقد هربت من الزواج المبكر مرتين. توفي والدها عندما كانت في الثانية عشرة من عمرها. عندها أخبرتها والدتها أن الوقت قد حان لتترك المدرسة وتبحث عن زوج.

لكنها هربت من المنزل، ومكثت في السنوات الثلاث التالية مع صديق للعائلة، قام بتسجيلها في فصل دراسي خاصّ حتى توفي هذا الصديق بسبب كبر سنه. عادت فطومة، التي افتقدت شقيقاتها الصغيرات، إلى والدتها وطلبت الاستمرار بالدراسة.

لكن الأسرة كانت تكافح من أجل الحصول على لقمة العيش، عندها تقدّم رجل آخر للزواج منها. فقامت والدتها بإحراق سجلاتها المدرسية والمستندات التي تحتاجها ابنتها للتخرّج، في محاولة لدفعها للزواج.

قالت فطومة للنساء: "شعرت وكأن جسدي كان يحترق".

هذه المرة، تدخّلت جدّتها، وقدّمت لها مأوى وأحضرتها إلى "Agir Plus"، حيث تتعلّم الفتيات الخياطة وصنع الحساء وبيع زبدة الفول السوداني حتى يتمكن من إعالة أنفسهن.

تتعلّم فتيات النيجر الخياطة حتى يتمكن من إعالة أنفسهن

كانت فطومة تبكي باستمرار، لأنها لم تستطع كسب ما يكفي من المال لاستبدال أوراقها، لكنها اختارت طرقًا أخرى. قبل فترة طويلة، قادت فريق التدريب في المنظمة. وركّزت طاقتها على التفاوض مع الآباء والأمهات.

بعد عشرين دقيقة من حديثها، بدت النساء مرتاحات، ورصدت فطومة بعض الابتسامات، فانطلقت في الملعب الخاص بها. وقالت للأمهات: "إذا أبقيتن فتياتكن في المدرسة، يمكن أن يصبحن وزيرات، أو جنرالات، أو حتى الرئيس".

وأضافت: "الفتاة التي تصبح كذلك، لن تنسى والدتها أبدًا". صفق الحضور، وصاحت احداهن: إنها تقول الحقيقة".

كان ذلك الخاتمة الكبرى، وقالت فطومة للنساء: "اتصلوا بي قبل أن تفكرن بتزويج بناتكن".

الحقيقة المرّة

لكن فطومه لم تخبرهن أنها كانت تنام على أرضية مشمّع في كوخ خالتها المصنوع من القشّ. لم تذكر أن عمّتها تزوّجت في سن الرابعة عشرة من رجل هرب من المدينة وتركها من دون مياه وكهرباء.

تحاول فطومة الآن التركيز على مساعدة أختاها اللتان تبلغان الآن 16 و18 عامًا، ولا تزالان تعيشان مع والدتهن، ولم تتحدث فطومة إليهما منذ ستة أشهر نظرًا لعدم امتلاكهن هاتفًا كما أن السفر مكلف. ولكن كلما حصلت فطومة على النقود، تُرسل نصفها إلى والدتها.

وتقول إن هذه النقود لتأمين أخواتها، وتصلي أن يقيهما المال من زوج لا تريدانه.

تزايد مقلق في زواج الأطفال

وتمرّ إفريقيا بأول ركود اقتصادي لها منذ نصف قرن، مدفوعًا بأزمة وباء كورونا، في الوقت نفسه الذي وجدت فيه ملايين الفتيات أنفسهن خارج الفصول الدراسية للسبب ذاته.

ورغم أن البيانات شحيحة حول مدى تأثير جائحة كورونا على زواج الأطفال، إلا أن 12 مجموعة حقوقية في ثماني دول في غرب إفريقيا ووسطها أكدت للصحيفة أنها لاحظت "تزايدًا مقلقًا" في أرقام زواج الفتيات القاصرات.

ووجدت دراسة استقصائية في جنوب غرب تشاد أن زواج القاصرات ارتفع بنسبة 20% من مارس/ آذار إلى أكتوبر/ تشرين الأول 2020.

أما في جنوب بوركينا فاسو، أبلغت القرى عن زيادات بنسبة 5 إلى 7% في زواج الأطفال. في شمال سيراليون، قدّر بول أمادو بانجورا من منظمة "ChildHelp Sierra Leone" في مدينة ماكيني أن الحالات تتخطّى 100 حالة زواج أطفال سنويًا.

ويميل الآباء إلى إعطاء الأولوية في التدريس للأولاد الذكور، الذين يُنظر إليهم على أنه معيلون في المستقبل، مما يجعل الفتيات أكثر عرضة لترك الدراسة. ويتزوج أكثر من ربع الفتيات قبل سن الخامسة عشرة، على الرغم من أن هذا غير قانوني.

وبسبب جائحة كورونا، ازدادت حفلات الزواج السريعة التي تقتصر على 3 أو 4 ضيوف، مما قلّل من فرص فاطمة ومنظمتها على التدخّل لإيقافها. لكن مع هذا، استطاعت فطومة أن توقف 12 زواجًا على مدى العام ونصف الماضي.

المصادر:
ترجمات
شارك القصة