Skip to main content

"وضع مثير للقلق".. ارتفاع أسعار المواد الغذائية أزمة جديدة للدول الفقيرة

الجمعة 2 يوليو 2021
تعوّل وزارة الزراعة الأميركية حاليًا على إنتاج عالمي قياسي من القمح للعام 2021-2022

يزيد التضخم الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية إلى أعلى مستوياتها منذ نحو عشر سنوات، من الصعوبات التي تواجهها البلدان الضعيفة التي لم تخرج بعد من الوباء

وقالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو): إنه وضع مثير للقلق، مشيرة إلى أنها لا تستبعد اضطرابات اجتماعية في بعض البلدان.

وارتفعت أسعار المواد الغذائية في مايو/ أيار بنسبة حوالي 40% على مدى عام، وبلغت أعلى مستوياتها منذ سبتمبر/ أيلول 2011، حسب الفاو. 

وسجلت أسعار الذرة ارتفاعًا نسبته 88%، والصويا 73%، والقمح ومنتجات الألبان 28%، والسكر 34%، واللحوم 10%.

وقال كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي عارف حسين لوكالة "فرانس برس": "هذا مقلق جدًا". 

"تفاوت كبير"

وفي 2007-2008، أدى الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية الأولية إلى أعمال شغب بسبب الجوع في مدن عدة في العالم. وبلغت الأسعار ذروتها في 2010-2011؛ وهي فترة تزامنت مع بداية الربيع العربي.

وبعد الأزمة الاقتصادية الناجمة عن وباء كوفيد-19 في 2020، التي وُضعت خطط تحفيز عملاقة لمواجهتها، يبدو الانتعاش قويًا ويرافقه ارتفاع في الأسعار. ويتوقع البنك الدولي نسبة نمو عالمية تبلغ 5,6% هذا العام. 

وأشارت هذه المؤسسة المالية الدولية إلى أن الصين التي يفترض أن تسجل نموًا نسبته 8,5% في 2021، تشتري البذور الزيتية والحبوب واللحوم.

ويعتبر الخبير الاقتصادي فيليب تشالمين أن "الصين أصبحت اليوم العامل الذي يحدد ارتفاع أسعار المواد الغذائية". 

وفي الولايات المتحدة أيضًا يبدو الانتعاش واضحًا.

ومن العوامل الأخرى المسببة للتضخم الجفاف في البرازيل، وارتفاع أسعار النفط، والزيادة الصاروخية في أسعار الشحن البحري. 

لكن الانتعاش يجري "بتفاوت كبير" في العالم، كما يؤكد جوزف شميدهوبر الخبير الاقتصادي في منظمة الأغذية والزراعة. وهو أقل قوة في البلدان النامية التي يزيد دخلها قليلًا، بينما ترتفع فاتورة الغذاء لديها "بشكل كبير".

هل سيستمر ارتفاع الأسعار؟

من الصعب معرفة ذلك. حاليًا تعوّل وزارة الزراعة الأميركية على إنتاج عالمي قياسي من القمح للعام 2021-2022.

كذلك تتوقع محاصيل قياسية لفول الصويا البرازيلي والذرة الأميركية. وإذا حدث ذلك فقد يؤدي إلى تراجع الأسعار.  لكن الظروف المناخية يمكن أن تتسبب بمفاجآت.

ويرى جوزف شميدهوبر أن "الأسعار ستبقى مرتفعة نسبيًا في 2021"، لا سيما إذا ارتفعت أسعار النفط أكثر لأن "الزراعة تستهلك الكثير من الطاقة". 

وقال الخبير الاقتصادي في الفاو عبد الرضا عباسيان لوكالة "فرانس برس": "الأمر المؤكد هو أن الأسعار في قطاع الغذاء ستكون أكثر تقلبًا ممّا كانت عليه في الماضي". 

وأشار عارف حسين إلى أن تضخم أسعار المواد الغذائية يتخطى 20% في مجموعة من الدول تتعرّض "لصدمات أخرى" بما في ذلك أزمة كوفيد.

ففي لبنان وفي مواجهة أزمة مصرفية واقتصادية خطرة تسبّبت في انهيار سعر صرف العملة، بلغ التضخم 226% على مدى عام، حسب الموقع نفسه.

وفي الأرجنتين، اضطرت الحكومة إلى تعليق استيراد لحوم البقر لمدة شهر في منتصف مايو/ أيار مع الارتفاع الكبير في الأسعار.

وفي نيجيريا دفع التضخم الناتج عن الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية حوالي سبعة ملايين شخص إلى الفقر، حسب البنك الدولي.

وقال عارف حسين: إن الزيادة في أسعار المواد الغذائية أكثر إيلامًا، لأن "دخل الناس انخفض كثيرًا بسبب كوفيد". لكنه يشير إلى أن "السبب الرئيسي لانعدام الأمن الغذائي هو النزاعات".

"شرارة واحدة"

وأوضح عبد الرضا عباسيان أنه "لا يشعر أن البلدان مستعدة بشكل أفضل مما كانت عليه قبل عشر سنوات لتقلب" أسعار المواد الغذائية. 

وأضاف أن "الدول نفسها إلى حد ما التي واجهت أعمال شغب وعدم استقرار سياسيًا يمكن أن تواجه الوضع نفسه: الاستيقاظ صباح يوم على أسعار ارتفعت بشكل كبير".

وتابع أن الأمر لم يعد كما كان قبل عشر سنوات "عندما كان يمكننا تحديد أسعار المواد الغذائية بوضوح على أنها السبب الرئيسي للاستياء"، مشيرًا إلى وجود "أسباب كثيرة أخرى"، لا سيما على الصعيد السياسي.

واعتبر أن "على الدول الغنية أن تكون مستعدة لانتفاضات" في إفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا، مشيرًا إلى أن "السخط يعم بشكل واسع".

وأضاف: "في مواقف من هذا النوع لا يتطلب الأمر سوى شرارة واحدة. يمكن أن يكون سعر المواد الغذائية أو سعر الطاقة أو مجرد هطول أمطار كارثية".

المصادر:
أ ف ب
شارك القصة