تخوض الدولة الأفغانية وحركة طالبان معارك لا تهدأ لترسيخ وجودهما، وسط التغيّر المستمر لخارطة السيطرة، في وقت أعلنت فيه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الوضع الأمني في أفغانستان "لا يسير في الاتجاه الصحيح".
وفيما أحكمت الحركة قبضتها على مدينة أيباك عاصمة ولاية سمنغان، هاجم مقاتلوها مدينة مزار شريف، أكبر المدن الأفغانية في الشمال، وتدور معارك عنيفة على أطراف المدينة.
وكانت طالبان قد استولت في طريقها إلى أيباك على مديرية حضرت سلطان، التي تضم قاعدة عسكرية كبيرة.
وفي الشمال أيضًا يشهد مركز ولاية بغلان اشتباكات عنيفة. وهاجم مسلحو طالبان "بل خمري" ووصلوا إلى الدائرة الثانية، قبل أن ترغمهم القوات الحكومية على التراجع.
"مهمة جدًا"
وأوضح مراسل "العربي" أن الولايات الشمالية مهمة جدًا لأنها تقليديًا ليست معقلًا لطالبان، لافتًا إلى أن معارك شرسة تدور في محيط مزار شريف، ولا سيما قرب قلعة جنكي التي شهدت سقوط حكم طالبان، وكذلك قرب مقر فيلق شاهين 209 الشهير.
وأشار إلى أن من المحتمل أن تسيطر طالبان بحسب التحركات على المحطة الرئيسية للطاقة الكهربائية هناك، وبالتالي يمكن أن تقطع إمدادات الكهرباء عن الجيش الأفغاني والوحدات القتالية الموجودة هناك.
وقال: إن الأنظار تتجه الآن نحو ولاية فاراه في الجنوب الغربي، حيث تدور معارك للسيطرة على عاصمة الولاية التي تحمل الاسم نفسه، ومن المحتمل أن تسقط لتكون سابع عاصمة ولاية تسقط في يد طالبان.
إلى ذلك، أفاد مراسل "العربي" بوقوع انفجار في مخيم سراي الشمالي للنازحين بالعاصمة الأفغانية كابُل. وشرح أن التفجير نجم عن عبوة ناسفة، وأسفر عن جرح ثلاثة أشخاص.
إجتماع دولي في الدوحة
ورغم طغيان المعارك، لا يزال هناك أمل في منع دخول البلاد حربًا مفتوحة؛ والمشاركون في اجتماع الدوحة أمام مهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة، من أجل إقناع طرفي النزاع بوقف إطلاق النار والانخراط في تسوية سياسية.
ففيما تُعد أولوية القادة الأفغان تعزيز الجبهة الداخلية وحشد الدعم للجيش والمتطوعين، وهم عناصر محلية يعتمد النظام عليها للدفاع عنه مع قرب اكتمال الانسحاب الأميركي، يتوجه وفد أفغاني إلى الدوحة للمشاركة في اجتماع دولي حول أفغانستان.
والاجتماع يهدف إلى تعزيز التنسيق بين القوى الفاعلة في هذا الملف، من أجل تسريع وتيرة المفاوضات ووقف دوامة العنف.
ويقول الباحث السياسي فرهاد يوسف زاده، في حديث إلى "العربي": "يجب تكثيف الضغوط الإقليمية والدولية على طالبان والدولة لإقناعهما بالتخلي عن مطالبهما، وإدراك المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد، وعدم الإصرار على مواصلة القتال".
وسيلتئم مؤتمر الدوحة غدًا الثلاثاء بمشاركة معظم الدول المجاورة لأفغانستان بالإضافة إلى الصين وروسيا والولايات المتحدة الأميركية.
"الولايات المتحدة قلقة"
وفي المواقف من التطورات الميدانية في أفغانستان، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) اليوم الاثنين، أن الوضع الأمني في أفغانستان "لا يسير في الاتجاه الصحيح"، فيما سيطر مقاتلو طالبان على سادس عاصمة إقليم في البلاد.
وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي: إن الولايات المتحدة قلقة للغاية من هذا الاتجاه، لكن قوات الأمن الأفغانية لديها القدرة على محاربة الحركة المتشددة.
وأضاف: "هذه هي قواتهم العسكرية وهذه هي عواصم أقاليمهم وشعبهم الذي يجب أن يدافعوا عنه، وسيعود الأمر حقًا إلى القيادة التي هم على استعداد لإظهارها هنا، في هذه اللحظة على وجه الخصوص".
ألمانيا: القرار يظل صحيحًا
من ناحيتها، رفضت وزيرة الدفاع الألمانية آنيغريت كرامب-كارنباور دعوات لإعادة جنود بلادها إلى أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على 3 عواصم لأقاليم في شمال البلاد وجنوبها الغربي.
وقالت كرامب-كارنباور: إن التقارير الواردة من قندوز ومن كل أنحاء أفغانستان مؤلمة للغاية، لافتة إلى أن قرار سحب القوات الألمانية يظل القرار الصحيح.