Skip to main content

إقبال من المرضى المتطوعين.. هل تكون اللقاحات الحل لعلاج السرطان؟

الإثنين 26 يونيو 2023

بعد عقود من النجاح المحدود في محاربة مرض السرطان، يقول العلماء إنّ الأبحاث وصلت إلى نقطة تحوّل، حيث توقع الكثيرون طرح مزيد من اللقاحات للمرض في غضون خمس سنوات.

ويؤكد العلماء أنّ هذه ليست لقاحات تقليدية تمنع المرض، ولكنها لقاحات لتقليص الأورام ومنع السرطان من العودة. وتشمل أهداف هذه العلاجات التجريبية سرطان الثدي والرئة، مع تحقيق نجاحات هذا العام في محاربة سرطان الجلد الميلانيني، وسرطان البنكرياس.

وقال الدكتور جيمس جولي، الذي يساعد في قيادة مركز في المعهد الوطني للسرطان الذي يطوّر علاجات المناعة، بما في ذلك لقاحات علاج السرطان، لوكالة أسوشييتد برس: "لدينا لقاح فاعل الآن، ولكننّا بحاجة إلى جعله يعمل بشكل أفضل".

وأصبح العلماء الآن أكثر دراية بكيفية اختباء السرطان من جهاز المناعة في الجسم.

وتعزّز لقاحات السرطان، مثل العلاجات المناعية الأخرى، جهاز المناعة للعثور على الخلايا السرطانية وقتلها. وتم تطوير بعض الأنواع الجديدة باستخدام تقنية الحمض الريبي (mRNA)، والتي تمّ تطويرها للسرطان ولكنها استُخدمت لأول مرة في لقاحات كوفيد 19.

وشرحت الدكتورة نورا ديسيس، من معهد UW Medicine's Cancer Vaccine Institute في سياتل، لوكالة "أسوشييتد برس" آلية عمل اللقاح، قائلة: "اللقاح يحتاج إلى تعليم الخلايا التائية في الجهاز المناعي (T cells)، كيفية التعرّف على السرطان على أنه خطير. ومع الوقت يمكن للخلايا التائية الانتقال إلى أي مكان في الجسم لتعقب الخطر".

تحديات تواجه اللقاحات

ويمثّل التقدّم في اللقاحات تحديًا. فاللقاح الأول تحت مسمّى "Provenge"، حصل على موافقة للاستخدام في الولايات المتحدة عام 2010 لعلاج سرطان البروستات المنتشر، ويتطلّب معالجة الخلايا المناعية للمريض في المختبر وإعادتها عبر الوريد. وهناك أيضًا لقاحات علاجية لسرطان المثانة المبكر وسرطان الجلد الميلانيني.

وقالت أولغا فين، باحثة لقاح في كلية الطب بجامعة بيتسبرغ، إنّ أبحاث لقاح السرطان المبكّرة تعثّرت بسبب تفّوق السرطان على أجهزة المناعة الضعيفة لدى المرضى وتجاوزها، مضيفة أنّ "كل هذه التجارب التي فشلت سمحت لنا بتعلّم الكثير".

ونتيجة لذلك، فهي تركّز الآن على المرضى الذين يُعانون من مرض مبكّر لأنّ اللقاحات التجريبية لم تُساعد المرضى الأكثر تقدمًا. وتخطّط مجموعتها لإجراء دراسة لقاح على النساء المُصابات بسرطان الثدي منخفض الخطورة، ويسمّى سرطان الأقنية الموضعي (BRCA).

قد يكون هناك المزيد من اللقاحات التي تمنع السرطان في المستقبل أيضًا. وتمنع لقاحات "التهاب الكبد B" القديمة سرطان الكبد، وتمنح لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري، التي تمّ تقديمها عام 2006، وقاية من سرطان عنق الرحم.

في فيلادلفيا، تقوم الدكتورة سوزان دومشيك، مديرة مركز "باسر" (Basser) في "Penn Medicine"، بتجربة اللقاح على 28 شخصًا سليمًا لديهم طفرات "BRCA" لاختبار اللقاح. وتزيد هذه الطفرات من خطر الإصابة بسرطان الثدي والمبيض.

وتكمن فكرة التجربة في قتل الخلايا المصابة في وقت مبكر جدًا، قبل أن تُسبّب مشاكل. وتشبّهه دومشيك بإزالة الأعشاب الضارّة من الحديقة بشكل دوري.

ويقوم آخرون بتطوير لقاحات للوقاية من السرطان لدى الأشخاص الذين يعُانون من عقيدات الرئة التي من المحتمل أن تُصاب بالسرطان، وغيرها من الحالات الموروثة التي تزيد من خطر الإصابة بالسرطان.

وقال الدكتور ستيف ليبكين، عالم الوراثة الطبية في طب وايل كورنيل في نيويورك، والذي يقود جهدًا يموّله المعهد الوطني للسرطان، لوكالة "أسوشييتد برس": "اللقاحات هي على الأرجح الإنجاز الكبير التالي، في السعي للحدّ من الوفيات الناجمة عن السرطان. نحن نكرّس حياتنا لذلك".

بدوره، أوضح الدكتور إدواردو فيلار سانشيز، من مركز "إم دي أندرسون للسرطان" في هيوستن، للوكالة أنّ الأشخاص المصابون بمتلازمة "لينش" معرّضون لخطر الإصابة بالسرطان على مدى حياتهم بنسبة تتراوح بين 60% و80%، مضيفًا أنّ تجنيدهم لإجراء تجارب لقاح السرطان كان سهلًا بشكل ملحوظ.

وأضاف الطبيب الذي يقود دراستين مموّلتين من الحكومة حول لقاحات السرطانات المرتبطة بمتلازمة "لينش": "المرضى يُقدمون على التجارب بطريقة مفاجئة وإيجابية".

كما تعمل شركتا الأدوية "موديرنا" و"ميرك" على تطوير لقاح بتقنية الحمض الريبي للمرضى المُصابين بسرطان الجلد، مع دراسة كبيرة تبدأ هذا العام. ويتمّ تخصيص اللقاحات لكل مريض بناءً على الطفرات العديدة في الأنسجة السرطانية لديهم. ويمكن للقاح أن يُدرّب الجهاز المناعي على البحث عن بصمة طفرة السرطان وقتل تلك الخلايا.

اللقاحات مكلفة

لكنّ هذه اللقاحات مُكلفة. وفي هذا الإطار، يشرح الدكتور باتريك أوت من معهد "دانا فاربر للسرطان" في بوسطن، للوكالة: "عليك أن نصنع كل لقاح من الصفر. ولكن إذا لم يكن اللقاح مصمّمًا لشخص واحد، فمن المحتمل أن يتمّ تصنيعه مقابل أجر ضئيل، تمامًا مثل لقاح كوفيد".

وتمّ تصميم اللقاحات قيد التطوير في "UW Medicine" ليتمّ استخدامها مع العديد من المرضى، وليس فقط لمريض واحد. وتجري الاختبارات في المراحل المبكرة والمتقدّمة من سرطان الثدي، وسرطان الرئة، وسرطان المبيض، وقد تظهر بعض النتائج خلال العام المقبل".

ويشارك تود بايبر (56 عامًا) في اختبار لقاح يهدف إلى تقليص أورام سرطان الرئة. وانتشر السرطان إلى دماغه، لكنه يأمل أن يعيش طويلًا بما يكفي لرؤية ابنته تتخرّج من مدرسة التمريض العام المقبل.

وقال بايبر عن قراره التطوّع لاختبارات اللقاح: "ليس لدي ما أخسره بل كل شيء لأكسبه، سواء بالنسبة لي أو لأشخاص آخرين في المستقبل".

وكانت جايمي كرايس من أوائل الذين تلقّوا لقاح سرطان المبيض خلال دراسة تتعلّق بالسلامة قبل 11 عامًا. وعندما تم تشخيص إصابتها بسرطان المبيض المتقدّم، كانت في الرابعة والثلاثين من عمرها، واعتقدت أنّها ستموت في سنّ صغيرة.

 الآن هي في الخمسين من عمرها، ولا يوجد أي خلية سرطانية لديها. هي لا تعرف على وجه اليقين ما إذا كان اللقاح قد ساعدها، لكنها تقول: "ما زلت حية".

المصادر:
العربي - ترجمات
شارك القصة