الأحد 28 أبريل / أبريل 2024

اختفاء الشورابي والقطاري في ليبيا.. لغز يقترب من إتمام عامه العاشر

تقاسم الصحافي التونسي سفيان الشورابي ومواطنه المصوّر نذير القطاري في ليبيا شعار "أنا في قلب الخبر إذًا أنا موجود" قبل أن يختفيا سويًا
تقاسم الصحافي التونسي سفيان الشورابي ومواطنه المصوّر نذير القطاري في ليبيا شعار "أنا في قلب الخبر إذًا أنا موجود" قبل أن يختفيا سويًا
اختفاء الشورابي والقطاري في ليبيا.. لغز يقترب من إتمام عامه العاشر
اختفاء الشورابي والقطاري في ليبيا.. لغز يقترب من إتمام عامه العاشر
الأربعاء 6 سبتمبر 2023

شارك

يقترب لغز اختفاء الصحافي التونسي سفيان الشورابي ومواطنه المصوّر نذير القطاري في ليبيا، من إتمام عقد من الزمن من دون أي نتيجة في آمال ومساعي الكشف عن مصيرهما.

فقد كانا يشقان طريق مهنة المتاعب بين مسالك الحدث وتفاصيله، وقد تقاسما شعار "أنا في قلب الخبر إذًا أنا موجود"، ومن هنا بدأت الحكاية، ومن هنا كانت بداية اللغز: 8 سبتمبر/ أيلول 2014، تاريخ اختفائهما.

الشورابي والقطاري والرحلة إلى ليبيا

كانت الأرض الليبية خصبة إعلاميًا كحال الأوضاع المتقلبة في الفترة الانتقالية، التي تلت سقوط نظامٍ حكم ليبيا بالحديد والنار طيلة 4 عقود. أما النزاعات بالوكالة فتحركها مصالح الفرقاء الليبيين واللاعبين الإقليميين والدوليين. 

في هذا الظرف، انطلق الصحافي سفيان الشورابي والمصوّر التلفزيوني نذير القطاري في مهمة صحافية مستعجلة لصالح قناة "فيرست تي في" التونسية بداية سبتمبر/ أيلول 2014، لإنجاز تحقيقات ميدانية تبحث في المشهد الليبي لبثها في برنامج يحمل عنوانًا عاميًا تونسيًا هو "دوسيات" ويعني اصطلاحًا مجازيًا الملفات الخطرة.

رئيس النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي الذي كان مقربًا من سفيان الشواربي، يقول إنه نصحه في ذلك الوقت بعدم الذهاب إلى ليبيا، أو أن يكون مستعدًا جيدًا على الأقل في ليبيا ومع الليبيين.

سفيان الشورابي

وبينما يردف بأن الشورابي أكد له أنه قام بذلك، يذكر بأنه إنسان مغامر ويحب خوض المسائل الصعبة وكان مصممًا على الانطلاق في تلك الرحلة.

اتبع الشابان في مهمة العمل الصحافية الطريق البرية من تونس باتجاه ليبيا يوم الثالث من سبتمبر/ أيلول 2014.

ومن النقطة الفاصلة بين الدولتين، كانت الوجهة المهنية المقصودة منطقة الهلال النفطي، حيث كانت رحى النفوذ تدور بأقصى سرعة في معركة السيطرة على كنز الإنتاج والمال المتدفق منه.

ويرى الصحفي والمختص بالشأن الليبي الجمعي القاسمي، أن الجانب الاستخباراتي كان عاملًا مؤثرًا باعتبار أن العديد من الميليشيات كانت وليدة عمل استخباراتي لهذه الدولة أو تلك في سياق البحث عن محاولة تأمين مصالحها في مجالي النفط والغاز بالدرجة الأساسية، أو بموضوع أوسع الطاقة التي أسالت لعاب العديد من الأطراف الإقليمية والدولية.

من ناحيته، يعتبر رئيس الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي في ليبيا جلال عثمان، أن "منطقة الصحافة في السنوات العشر الماضية كانت منكوبة"، لافتًا إلى تعرّض الصحافيين للتغييب والتهديد دون أن تتم محاسبة من يقوم بذلك. 

المصور نذير القطاري

إيقاف سفيان ونذير في ليبيا

وبالعودة إلى رحلة سفيان ونذير، فقد طوت العربة التي كانا يستقلانها الطريق الطويل الذي يشق مدنًا وبوابات أمنية تختلف تشكيلاتها وولاءاتها، من دون أن يعلما أنهما سيتمان أطوار جزء أول من ظهورهما العلني الأخير عندما حلّا بأطراف مدينة أجدابيا الاستراتيجية في الجغرافيا الإدارية والسياسية والعسكرية الليبية.

وبحسب مسؤول المناصرة بمكتب شمال إفريقيا لمنظمة مراسلون بلا حدود سمير بوعزيز، فقد "تم التمكن يوم 7 سبتمبر 2014 من التواصل مع سفيان، الذي شرح لنا ظروف إيقافه من قبل مجموعة أمنية، وحصلنا على ربط مباشر بالهاتف مع الشخص الذي قام بذلك".

ويردف: "في صباح اليوم التالي اتصل بي سفيان من جديد وطلب أن نستأذن هذه الجهة الأمنية ليكمل ونذير عملهما الصحفي الذي كانا بصدده".

ويلفت إلى أنه نصحه بألا يواصل العمل، وأنه قال له إن الأسلم أن يعود إلى تونس، إذ أن الأمر يبدو محفوفًا بالمخاطر.

ويردف: "يومها اتصل السيد مصطفى عبد الكبير مرة أخرى بفرج الليبي، الذي قال إن بإمكانهما أن يواصلا العمل على أن يكون ليوم واحد وأن يعودا بعد ذلك إلى تونس، ومنذ ذلك الحين انقطع الأمر".

كانت الأرض الليبية خصبة إعلاميًا كحال الأوضاع المتقلبة في الفترة الانتقالية، التي تلت سقوط نظامٍ حكم ليبيا بالحديد والنار طيلة 4 عقود. أما النزاعات بالوكالة فتحركها مصالح الفرقاء الليبيين واللاعبين الإقليميين والدوليين.

من ناحيته، يشير مصطفى عبد الكبير، رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، إلى الاتصال بعميد بلدية جدابيا الذي أكد وجودهما، وتم التواصل معهما لفترة وجيزة.

ويردف: "تأكد لنا أنه سيتم الإفراج عنهما وتوقيعهما على محضر لعملية الإفراج، حيث تم تسليمهما معداتهما وجوازات السفر". 

سمير بو عزيز

"لسنا بخير بتاتًا"

بعد 96 ساعة من الاحتجاز، كان تاريخ الثامن من سبتمبر 2014 بداية العد الرسمي لقضية الاختفاء المعقدة، إذ تقاطرت المعلومات بشكل شحيح رغم تسارع آلة التدخل الدبلوماسي والشعبي والحقوقي.

وبدا أن القضية اتخذت مسارًا دراماتيكيًا سريعًا، فالمكالمة التي أجراها سفيان الشورابي على عجل مع القائمين على القناة التي يعمل بها ونبرة صوته المرتبك حملت رسائل مشفرة بالخطر الداهم.

وفي حلقة "مختفون" يبثّ "العربي" آخر تسجيل لسفيان بقناة "فيرست تي في"، حيث قال فيه: "لسنا بخير بتاتًا".

وأشار إلى أنه ونذير ما زالا رهن الإيقاف، متحدثًا عن حرس المنشآت النفطية في مكان اسمه البريقة. وأوضح أنهم ليسوا بأمن أو جهة واضحة فكل يعمل وفق مزاجه.

طوت العربة التي كان سفيان ونذير يستقلانها الطريق الطويل الذي يشق مدنًا وبوابات أمنية تختلف تشكيلاتها وولاءاتها، من دون أن يعلما أنهما سيتمان أطوار جزء أول من ظهورهما العلني الأخير عندما حلّا بأطراف مدينة أجدابيا الاستراتيجية

عقب اختفائهما، ظهرت فرضيات عدّة عبر القنوات الرسمية والإعلامية والمدنية في البلدين، وانتقلت الروايات بمرور السنوات بين الاختطاف والمقايضة والتصفية الجسدية والبقاء على قيد الحياة، ولا سيما أن رقعة التحرك كانت بين مدينتَي البريقة وأجدابيا.

خميس الجهيناوي، الوزير السابق للشؤون الخارجية التونسية، يقول إن "من يتولى الملف فعلًا هو الأجهزة المختصة في وزارتَي الداخلية والعدل". 

ويردف: كان دورنا تسهيل مأموريات الأطراف التونسية التي تتابع الملف، لافتًا إلى أنه كان بالإمكان تفعيل الجانب الأمني والاستخباراتي أكثر.

ويقول مسؤول المناصرة بمكتب شمال إفريقيا لمنظمة مراسلون بلا حدود سمير بوعزيز: لا ندري حتى الآن ما هي المعطيات التي جمعتها السلطة القضائية.

شهادة

فرضيات عدّة ولا يقين

بدورها، عدّت عائلتا المختطفين الأيام عدًا وتكبّدتا عناء التحول إلى ليبيا بحثًا عن أدلة ظلت سرابًا، فالمعطيات والمعلومات تتطابق وتتناقض وتلتقي وتتباعد بين الجهة الخاطفة ومكان الاختطاف ومصير الشابين وأدوات التنفيذ. وما زاد من فائض اللايقين الشهادات والشهادات المعاكسة. 

وقد تقصى فريق "العربي" في الأراضي الفرنسية أثر الشاهد الرئيسي، الذي أعاد خلط أوراق لغز الاختفاء.

وبعد رحلة بحث طويلة أفاد لنا بضمانات المحاذير الأمنية أن سفيان ونذير على قيد الحياة، الأمر الذي دحض تقارير تصفيتهما من قبل تنظيم الدولة وفتح المجال لسيناريوهات مختلفة.

فما الذي يقوله شاهد العيان الذي التقى سفيان ونذير في ليبيا عام 2014؟ وما الذي يقوله ذويهما، وكيف يبدو مسار الملف لتبديد غموض اختفاء سفيان ونذير والكشف عن مصيرهما؟

الإجابات وأكثر في الحلقة المرفقة من سلسلة "مختفون"، التي تعرض قصة اختفاء الصحفي التونسي سفيان الشورابي ومرافقه المصور التلفزيوني نذير القطاري في ليبيا منذ خريف العام 2014. وتقدم الحلقة أحدث التفاصيل مع المكونات الرسمية والنقابية والعائلية المتدخلة في قصة الاختفاء الشائكة.
المصادر:
العربي

شارك

Close