Skip to main content

"استهلاك الحشيش" في تونس.. القضاء يخفف العقوبات القاسية

الأربعاء 10 مارس 2021
قضى حوالي 120 ألف شاب تونسي بين عامي 1992 و2018 ما لا يقلّ عن سنة في السجن لاستهلاكهم الحشيش

خفّضت محكمة استئناف تونسية، أمس الثلاثاء، أحكامًا قاسية صدرت بحقّ ثلاثة شبّان تونسيين أدينوا باستهلاك حشيشة الكيف، وحكمت عليهم محكمة ابتدائية بالسجن لمدة 30 عامًا، في قضية أعادت إلى الواجهة النقاش حول الجانب القمعي في استراتيجية الدولة لمكافحة تعاطي المخدّرات.

وقضت محكمة استئناف الكاف، الواقعة شمال غربي البلاد، على اثنين من المدانين الثلاثة بالسجن لمدة سنة واحدة، وعلى الثالث الذي أدين بتهمة إضافية هي حيازة مواد مخدّرة، بالسجن لمدة سنتين، بحسب ما أعلن اثنان من وكلاء الدفاع عنهم.

وكانت محكمة ابتدائية حكمت على الشبّان الثلاثة في 20 يناير/ كانون الثاني بالسجن لمدة 30 سنة، بعدما أدينوا بتهم معاودة تعاطي مواد مخدّرة بشكل منظّم، واستغلال مؤسّسة عمومية للقيام بذلك.

وأصدرت المحكمة يومها العقوبة القاسية بحقّهم لأسباب عدّة من بينها معاودة ارتكاب الفعل الجرمي، نظرًا إلى أنّه سبق لهم أن أدينوا بتعاطي الحشيشة، واستغلال مؤسسة عمومية للقيام بذلك.

ويعد القانون التونسي صارمًا ضد التعاطي، ويفرض على القاضي تشديد العقوبة في حالة تهيئة واستغلال مكان عمومي بغرض استهلاك المخدّرات.

ووفقًا لوكلاء الدفاع عن المدانين الثلاثة، فقد دخّن هؤلاء يومها سيجارة حشيش داخل غرفة تغيير الملابس بملعب إثر مباراة في كرة القدم جمعتهم مع بعض الأصدقاء.

كما تم توقيف شخص رابع في القضية عندما كان موجودًا بالقرب من سيارته وحُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات لكنّ محكمة الاستئناف خفّضت عقوبته إلى السجن لمدة ثلاثة أشهر.

وأكد فريق الدفاع أنّه سيتم إطلاق سراح ثلاثة من المدانين الأربعة لأنّهم أمضوا خلف القضبان أكثر من مدة العقوبة الصادرة بحقّهم، في حين سيكمل المدان الرابع الذي حكم عليه بالسجن سنتين الفترة المتبقّية له، علمًا أنّه موقوف بالقضية نفسها التي أوقف فيها رفيقاه منذ صيف 2019.

وقالت المحامية، حسينة الدراجي، لوكالة "فرانس برس": إنّ "المحكمة طبّقت القانون بحكمة، واعترفت بأنّ هذا الملعب المهجور لم يكن مكانًا عامًا مخصّصًا لتعاطي المخدّرات".

وكانت منظّمات حقوقية عديدة شجبت الحكم القاسي، الذي أصدرته المحكمة الابتدائية، الذي كان أيضًا موضع تنديد خلال التظاهرات الأخيرة التي شهدتها تونس والتي طالبت بتعديل "القانون 52" الصادر في 1992 الذي تصدر بموجبه هذه العقوبات المشدّدة.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في حينه وسم "الحبس-لا، بدّل 52" ودعوا للتظاهر والاحتجاج ضدّ الحكم القضائي.

وسلّطت هذه القضية الضوء على الجانب القمعي في الاستراتيجية التي تتبعها السلطات في إطار مكافحة استهلاك المخدرات في البلاد.

ويُحاكم سنويًا الآلاف من الشباب بسبب استهلاك الحشيش أو كما تسمّى في تونس "الزطلة"، بينما توجد مراكز قليلة للعلاج من هذا الإدمان، ونادرًا ما تقوم السلطات بحملات وقائية.

وينتقد نشطاء في المجتمع المدني غياب عقوبات بديلة؛ إذ تنصّ غالبية العقوبات على السجن مما يؤثّر على مستقبل العديد من الشباب ولا سيّما من لا يزال منهم يواصل الدراسة.

ويتمّ تأشير  الأحكام السجنية في الأوراق الرسمية عند التقدّم للعمل، ما يحول وبصفة تكاد تكون كليّة دون نيل وظيفة في بلد أكثر من ثلث شبابه عاطلون عن العمل.

ووفقًا لائتلاف "كولوك"، الذي يضمّ منظمات من المجتمع المدني، فإنّ حوالي 120 ألف شاب تونسي قضوا بين عامي 1992 و2018 ما لا يقلّ عن سنة في السجن لاستهلاكهم الحشيش.

كما نشرت منظمة "محامون بلا حدود" في العام 2019 تقريرًا، بيّن أنّ 21,5% ممّن سجنوا كانوا يستهلكون الحشيش بشكل شخصي.

المصادر:
أ ف ب
شارك القصة