Skip to main content

اشتباكات نابلس.. ما تأثيراتها على المشهد الفلسطيني؟

الثلاثاء 20 سبتمبر 2022

لم تكن الاشتباكات في نابلس بالضفة الغربية المحتلة كما يتوقعها الجميع بين قوات الاحتلال والفلسطينيين، بل كانت بين أبناء نابلس وأجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية.

وقد أدّت هذه الاشتباكات لاستشهاد الشاب فراس يعيش، واعتقال عدد آخر من الفلسطينيين، أبرزهم مصعب اشتية.

وبدا وكأنّ السلطة بقبضتها الأمنية، تحمل كتفًا عن الاحتلال الإسرائيلي، وتعتقل مطلوبين لديه ضمن نطاق عملها الجغرافي، وهذه المرة في شارع فيصل شرقي نابلس، ما أدى لاندلاع الاشتباكات عند دوار الشهداء.

لكنّ المفارقة اللافتة للانتباه أنّ هذه الاشتباكات والمواجهات، لا مستفيد منها إلا قوات الاحتلال.

ردًا على هذه الأحداث، دعت مجموعات تطلق على نفسها اسم "عرين الأسود" جماهير نابلس إلى العصيان الشامل والنفير العام، إلى حيث إطلاق سراح المعتقلين.

إلى ذلك، خرج مقاومون من جنين بعرض عسكري، بينما وصفت حركات المقاومة، ومنها "حماس"، ما حصل بـ"وصمة العار" على جبين السلطة الفلسطينية.

أما حركة المقاومة الشعبية في فلسطين، فرأت أن ما جرى يمثّل إساءة لنضال الشعب الفلسطيني واستمرارًا لنهج التنسيق الأمني مع الاحتلال.

أدّت اشتباكات نابلس لاستشهاد الشاب فراس يعيش، واعتقال عدد آخر من الفلسطينيين - غيتي

التنسيق الأمني.. "إرث" اتفاق أوسلو

إنه التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، وهو الإرث الأهم من اتفاق أوسلو، والذي تقدم السلطة من خلاله خدمات للاحتلال تتمثل بالاعتقال السياسي في المقام الأول.

إلا أن الحكومة الفلسطينية لا تضع الأمور خارج محاولات الاحتلال زرع الفتنة وإشاعة الفوضى، داعية إلى تغليب الفكر ومواجهة "المؤامرات الإقليمية" للإضرار بالمشروع الوطني، حسب قولها.

هكذا، تجمع السلطة بين دعواتها للاستقلال وإنهاء الاحتلال من جهة، ومواصلة التعاون الأمني مع هذا الاحتلال من جهة ثانية.  ورغم ذلك، لا تبدو الخدمات الأمنية التي تقدمها السلطة للاحتلال، كافية بنظره، وقد تتطلب تدخلًا عسكريًا إسرائيليًا في مناطق السلطة بالضفة.

وفي هذا السياق، يقول وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إن إسرائيل ستواصل نشاطها الأمني في الضفة الغربية طالما تطلب الأمر ذلك. وقبله، تحدّث رئيس الحكومة يائير لابيد عن تراجع مكانة السلطة في الضفة.

فهل توجّه اشتباكات نابلس رسالة للاحتلال أنّ السلطة حاضرة لمواصلة نهج التعاون الأمني، وأنّ المخاوف من انهيار دورها لا أساس لها من الصحة؟

حرف البوصلة

في هذا السياق، يرى القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر عدنان أن "الاعتقال السياسي ليس إلا في مصلحة الاحتلال، وهو وصمة عار محرف للبوصلة".

ويشير عدنان، في حديث إلى "العربي" من جنين، إلى أن "المشكلة الحقيقية تكمن في استخدام السلاح الناري بوجه الشعب في نابلس".

ويلفت عدنان إلى أن "الاحتجاجات يجب أن تبقى في نطاقها السلمي، لأن الاحتلال هو المستفيد الأول من أي نقطة دم فلسطيني تسقط".

ويشدد عدنان على أن "الرد على الاعتقالات يجب أن يكون في صدر الاحتلال، فلا يجب أن ننشغل داخليًا، رغم رغبة البعض في حرف البوصلة".

دعت مجموعات تطلق على نفسها اسم "عرين الأسود" جماهير نابلس إلى العصيان الشامل والنفير العام - غيتي

نزع الشرعية

من جهته، يعتبر المحلل السياسي محمد هواش أن "الأحداث في نابلس مؤسفة، بدءًا من الاعتقال مرورًا بالاحتجاجات، ووصولًا إلى محاولات البعض بنزع الشرعية عن السلطة الفلسطينية".

ويشدد هواش، في حديث إلى "العربي" من رام الله، على أنه "لا يجوز المزج بين الاحتجاج على سلوك للسلطة الفلسطينية وبين نزع الشرعية عنها".

ويلفت هواش إلى أن "السلطة الفلسطينية قامت بالاعتقال بناء على شبهات معينة، وقد تخفي هذه الشبهات لأنها لا تريد لإسرائيل الاستفادة من ذلك وتوجيه التهم لمقاومين فلسطينيين".

ويقول: "القانون الفلسطيني يمنع الاعتقال غير الجنائي أو السياسي، ونحن نعترض على الاعتقالات من هذه الزاوية دون التطرق إلى شرعية السلطة".

وضع صعب

بدوره، يعتبر المتخصص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن "السلطة تمر في أسوأ أوضاعها، وتواجه تحديات لم تكن بهذا التعقيد في السابق".

ويلفت منصور، في حديث إلى "العربي" من رام الله، إلى أنه "في السابق، كان يتم الاعتقال ببساطة، لكن اليوم شاهدنا الاحتجاجات وهذا يدل على أن شعبية السلطة انخفضت".

ويشير منصور إلى أن "السلطة لا تلقى أي دعم من المجتمع الدولي، كما أن إسرائيل تقوم بممارسات لإضعافها".

ويقول: "كان البعض يتغاضى عن التنسيق الأمني لأن الأفق السياسي موجود، لكن بعد انسداد هذا الأفق واستمرار الاعتداءات، لم يعد بمقدور الفلسطينيين السكوت عن التنسيق".

المصادر:
العربي
شارك القصة