الأحكام بحق قياديين في الإخوان.. هل أقفلت الباب أمام المصالحة مع السلطات المصرية؟
أيّدت محكمة النقض المصرية، يوم الإثنين، أحكامًا بالإعدام بحق 12 شخصًا من قادة جماعة الإخوان المسلمين أدينوا في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"اعتصام رابعة"، شرقي القاهرة، من بينهم صفوت حجازي، ومحمد البلتاجي وعبد الرحمن البر.
كما قضت المحكمة، بالسجن المؤبد على مرشد الجماعة محمد بديع، فيما يبدو ضربة قاضية لما اعتُقِد بأنّها آمال بقرب انفراج الأزمة بين الجماعة والسلطات المصرية، التي بلغت ذروتها عقب الانقلاب على الرئيس المصري الراحل محمد مرسي وفضّ اعتصامي رابعة العدوية عام 2013.
كما عاقب القضاء المصري من الجماعة أيضًا 374 متهّمًا بالسجن 15 عامًا، و23 منهم بالسجن 10 سنوات بينهم أسامة محمد مرسي نجل الرئيس السابق محمد مرسي.
وهذه الأحكام ليست بجديدة في القضاء المصري، لكن يمكن قراءتها في سياق التطورات السياسية الجديدة محليًا، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت تقطع الطريق على فرص المصالحة المحتملة بين جماعة الإخوان المسلمين ونظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وخيارات الجماعة في هذا السياق.
هل أبعاد الحكم سياسية أم جنائية؟
وتعقيبًا على الأحكام النهائية، يشدد القيادي بجماعة الإخوان المسلمين محمد غانم على أنه لا يمكن القول إنها أحكام قضائية بل سياسية، إذ يرى أن "القضاء وتد من أوتاد الدولة العميقة للديكتاتور" على حد تعبيره.
ويردف غانم: "كما علّمنا التاريخ أي أي ديكتاتور لديه أوتاد.. وعلى رأسها المؤسسة القضائية".
من جهته، يقول عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أيمن سلامة إن الحكم إجراء سليم، "بحيث أن محكمة الجنايات قضت قبل محكمة النقض بالقضية بعقوبة الإعدام، ولا تقرّر أي محكمة عقوبة الإعدام إلا بإجماع كافة الهيئة القضائية".
ويستطرد سلامة قائلًا: "إلزام المحكمة بأخذ رأي المفتي في مصر مسألة ليست إجبارية بل اختيارية بحيث أن رأي المفتي استشاري.. ولكن المحكمة من ضمن الإجراءات عليها واجب بأن تستطلع رأي مفتي الديار المصري".
أما الباحث في جامعة برلين، تقادم الخطيب، فيرى أن الحكم الأخير له أكثر من دلالة، إذ في ما يتعلق بالمستوى الداخلي فهو يعني استكمالًا لما يقوم به النظام المصري الحالي وهو "عدم قيام أي نوع من المصالحة أو تراجع عما أسس عليه مشروعيته وهو محاربة أي تيار إسلامي داخل مصر وخارجها".
وفي ما يتعلق بالدلالة الخارجية، يشير الخطيب إلى أن الحكم يتزامن مع عدد من التغيرات أوّلها توطيد العلاقات الجيدة بين الولايات المتحدة الأميركية ومصر خاصة بعد التقدم الدبلوماسي الذي أحرزته مصر من خلال دورها في التوصل إلى تهدئة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزّة، بالإضافة إلى عودة العلاقات المصرية مع قطر وتركيا.
ما هي الخيارات المطروحة الآن أمام جماعة الإخوان؟
يؤكّد محمد غانم أن النظام المصري قطع الطريق أمام أي اتصال أو مصالحة مع الجماعة، "لأن وجود النظام مرتبط بحربه مع الإخوان وعلى الإسلام عامةً"، ولا يمكنه بالتالي أن يتنازل عن وجوده الذي نفذ الانقلاب على أساسه".
وعن الخيارات، يلفت غانم إلى أن "الجماعة تسير على مبدأ العقيدة وستكمل بها الى النهاية".
بالمقابل يشدّد أيمن سلامة، على أنه في حال أرادت جماعة الإخوان فتح باب الحوار، لا بد أن يكون هناك تعديل وإلغاء لتشريعات الجناية المصرية في مجال مكافحة الإرهاب، والقيام بذلك أمر مستبعد.
لكن سلامة ينوه الى أن الأبواب ليست موصده تمامًا إنما ليس في القريب العاجل، لا سيما في ظلّ بقاء جماعة الإخوان المسلمين على الأفكار الدعوية "والتشبّث بقلب الحقائق وبث الشائعات عن الانقلاب العسكري".